-->

في ذكرى الرئيس الشهيد


بقلم : محمود خطري 
منذ ان فارقتنا لم يعد للشعر معنى ، ولم يعد للخيل صهيل ، فحتى وأنت في قبرك لازال شعبك يصنع من اقوالك وأفعالك تمثالا في القلب ، وصور رحيلك تشكل لوحة لحزن ارهق شعبا وزاده هما على هم .
ايها الرئيس الشهيد :
اخاطبك حتى وأنت بعيدا عنا قريبا منا ، ونحن نقترب من تخليد الذكرى الاولى لفراقك ، يتسلل الشوق والحنين لكلماتك المنسابة بين ثنايا الذاكرة ، وحروف الكلمات ، ونقول لك اننا اشتقنا اليك كما يشتاق الابناء لوالدهم الذي اختطفته منهم يد المنون ، اشتقنا لطلتك ، لبزتك العسكرية المتميزة ، لدراعتك ، لابتسامتك الصحراوية الاصيلة .
شعبك الذي عرفك مناضلا بسيطا ومقاتلا بسيطا ، وقائدا عسكريا بسيطا ، الى زعيم حركة ورئيس دولة زاده المنصب تواضعا ونكران ذات ، فبنيت وأسست لمشروع دولة امنت بها مع شعبك ، فكنت ترى ان لا وجود ولا مستقبل للصحراويين إلا فيها .
سيدي الرئيس :
هل انتم الشهداء تقرؤون الرسائل ويأتيكم رحيقها وعبق حروفها ؟ أم انكم كنتم تعرفون اننا سنكتب عنكم مدادا كثيرا وبالتالي لم توصوننا بالكتابة عنكم وانتم احياء ؟ سأحاول ان اقول لك ما لم استطع قوله لك وأنت حي ، سأحاول ان انصفك حقك ولو في بضع كلمات .
انا المواطن البسيط الذي لم التقي بك إلا مرات معدودة ، لم اكن امارس السياسة ولا ابحث عن منصب ، كنت فقط اراقب عن كثب ، وأحاول ان افهم الاشياء ، ولكنني في كل مرة كنت اراك فيها كنت اشعر وكأن الله بعثك رسولا لهذا الشعب المسكين الذي طحنه المستعمر ، واللجوء ، وأثرياء الحرب وأبطال الصدفة …..فكنت وحدك من يشكل الاستثناء في كل شيء .
لم تكن تريد ان تقول لنا ، ولكننا كنا نعرف انه قد خانك بعض الرفاق ، واشهر البعض سيفه في وجهك ، وظل البعض يلعب دور ” كميلة لكطيفة ” يعض ويختفي ، فكنت تكظم غيظك وتعفو عن ذاك ، وتتسامى عن تفكير اولئك ، كل ذلك من اجل ان تقود سفينة هذا الشعب الى بر النجاة ، وان تبقى ” الدربالة متكانية ” الى ان نصل الى الهدف .
كنت تعرف ان خناجر غدر السياسة وسهامها تثقب جسمك ، وكنت تتحمل الالم والأوجاع ، فمنذ ان اخترق الرصاص جسدك لم تعد تشعر بالألم ، ومنذ ان فتنت بحب شعبك لم يعد يعرف الحقد طريقه اليك .
كنت تتحملنا واحدا واحدا …جماعة جماعة …تفتح صدرك للجميع …وتتولى وحدك حل المشاكل لك فيها وجهة نظر وبعد تفكير …فكم من مؤتمر غطيت فيه على كل المشاكل والانتقادات الموجهة لبعض القادة في امور التسيير ، وقضايا اخلال ،وكنت تنظر لنفسك انك أبا للجميع ، ووحده الاب من يختصم عنده الابناء راضين بحكمه مهما كانت نتيجته .
سيدي الرئيس :
وبعد سنوات من الكفاح والنضال ، ضحيت فيها بنفسك ووقتك وعائلتك ، وحصدت فيها شرف الدفاع عن شعب مشرد ، هاجمك المرض اللعين ، وكنت تقاومه بكل صبر وعناد ، واقفا كالطلح في الصحراء ، حتى لا تظهر للشعب ان شموع عمرك بدأت تحترق شيئا فشيئا .
فبقيت تحرص على الحضور على الحضور في المناسبات ، غير ابه بنصائح الاطباء المؤكدة على ضرورة اخذك لقسط من الراحة حفاظا على صحتك ، فكانت ذكرى اعلان الجمهورية بولاية الداخلة اكبر دليل على قوة تحملك ، وإصرارك على الظهور أمام شعبك وهو يخلد ذكرى اعلان دولته الاربعين ، لم تستمع لأحد وقلت هيا بنا الى ولاية الداخلة ، وكانت الداخلة اخر القلاع التي تقف فيها أمامنا ، ثم يحملونك في وضع حرج كانت نهايته مؤكدة ، في رحلة علاج في امريكا دامت ثلاثة اشهر ، كان شعبك يترقب الاخبار ووضعك الصحي الى ان جاء يوم 31 مايو 2016 يوم ترجلت فيه ايها الفارس ، وتركت سيفك لمن هم خلفك … الكل ابكاك ايها الرئيس هنا في المخيمات ، وفي الارض المحتلة وفي المهجر ، حتى خصوم السياسة ووسائل الاعلام الدولية ، فتأكد لنا بما لا يدع مجالا للشك انك كنت زعيما كاريزماتيا بامتياز ، قدت ثورة بحكمة وتبصر وصبر ، قل ما اجتمعت في شخص غيرك .
جاؤوا بك الى المخيمات ، وشيعوك امام شعبك ، فوقفت الصفوف والجموع لوداعك ، رغم غيظ الصيف وحرارة الشمس ، وأعلن شعبك بكل اطيافه حبه وولاءه وإخلاصه لك ، واجمع الكل انك كنت رجل المرحلة بامتياز .
وفي الاخير اخترت ان تستقر في بئر لحلو ، اين عقدت رفقة الولي والمحفوظ وغيرهما من شهداء الوطن ملتقى عين بنتيلي للوحدة الوطنية 12 اكتوبر 1975، وقلت لشعبك اتركني هنا ببئر لحلو انا الرئيس الشهيد محمد عبد العزيز رمز وحدتكم ونضالكم وصبركم .
والآن شكرا لك ايها الرئيس ، وتغمدك الله بواسع رحمته ، وجزاك عنا كريم الجزاء على بساطتك و صبرك وجلدك وطول نفسك ، فقد آن لك ان تستريح .

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *