الاتحاد الإفريقي يقف بصرامة الى جانب الدولة الصحراوية
بقلم : الديش محمد الصالح
عقد المجلس التنفيذي للاتحاد الافريقي اجتماعا طارئا يوم 16 اكتوبر الجاري، وهو الاجتماع الذي طالب فيه المجلس دولة كوت ديفوار التي ستستضيف القمة الخامسة للاتحاد الافريقي- الاتحاد الأوروبي المزمع انعقادها يومي 29 و30 نوفمبر 2017 بالعاصمة ابيدجان، باحترام قرارات الاتحاد المتعلقة بمشاركة جميع دول الاتحاد دون استثناء في جميع مؤتمرات ولقاء الشراكة التي تجمع الاتحاد الافريقي بشركائه من دول ومنظمات طبقا لقرار المجلس التنفيذي 877 (2015) بجوهانسبورغ و 899 (2016) و942 (2017) باديس ابابا. وذهب المجلس إلى أبعد من ذلك عندما حذر الدولة المضيفة التي أعطاها مهلة إلى غاية يوم 27 أكتوبر الجاري لتوجيه دعوة للجمهورية الصحراوية، والا سيتم نقل القمة الى مقر الاتحاد باديس ابابا.
ان هذا الموقف الافريقي، ان كان يعبر عن شيء، إنما يعبر على إرادة افريقية بالإجماع في التمسك بالشرعية الدولية التي بموجبها اعترفت منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1984 بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية واصبحت هذه الاخيرة من بين الدول المؤسسين لخليفتها الاتحاد الافريقي الذي يقود إفريقيا الان نحو التقدم والتنمية انسجاما مع منطلقات ومبادئ وأهداف تعكس تطلعات شعوبها في التحرر واستئصال بقايا الاستعمار. وبهذا الموقف يكون الاتحاد الافريقي قد قطع الشك باليقين فيما يخص القضية الصحراوية، ووجه صفعة قوية للنظام المغربي والقوى التي تقف وراءه وخاصة فرنسا الذين ظلوا يقفون امام استكمال عملية تصفية الاستعمار مسببين في معاناة طويلة للشعب الصحراوي، بل ويكون الاتحاد الافريقي بذلك قد رسم خارطة طريق تتماشى مع الشرعية الدولية تتمثل في فرض القبول بالحقيقة الصحراوية المجسدة في الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.
ويأتي هذا الموقف من الاتحاد الافريقي كرد قوي يعبر عن انزعاج الأفارقة من التصرفات غير المسؤولة التي قامت بها المملكة المغربية بهدف اقصاء الجمهورية الصحراوية في ملابو، دكار ومابوتو، كما يعتبر رسالة واضحة يلفت من خلالها الأفارقة انتباه الدولة المغربية وكل الذين يقفون ورائها ويخططون لها الى رفضهم النظر للخلف والمساومة على أمر تم حسمه انطلاقا من انسجامه مع القانون الدولي وحق الشعب الصحراوي في الحرية واقامة دولته المستقلة.
وتاكد، انه مهما احاكته المملكة المغربية من مؤامرات وجندت له من وسائل وسخرت له من أموال وتحالفت معه من قوى استعمارية من اجل تفكيك إفريقيا وتدمير إنجازاتها وعرقلة مسار تقدمها، لن يضعف ذلك صلابة مواقف الأفارقة المساندة للجمهورية الصحراوية من اجل تحرير الأجزاء المحتلة من ارضها من طرف المملكة المغربية. ومادامت المملكة المغربية تنتهج هذا النوع من السياسيات ضد وحدة، انسجام، واهداف إفريقيا واتحادها، فلا شك انها هي من سيجني العواقب الوخيمة وسيعمق ذلك من عزلتها بسبب تعنتها الرافض للاحتكام لنصوص ميثاق وقرارات الأمم المتحدة المطالبة بتنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي.
وجاء هذا الموقف الافريقي عشية أول زيارة يقوم بها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة الرئيس الالماني السابق السيد هورست كولر في أفق تقديمه لتقريره المنتظر لمجلس الأمن الاسبوع القادم، في ظل تعنت مغربي واضح وانعدام الارادة السياسية لدى الحكومة المغربية في التعاطي مع الإرادة الدولية والتي اتضحت من خلال عدم ترحيبه بالمبعوث الشخصي والبرودة في التغطية الإعلامية لجانب زيارته للمغرب وفي عدم السماح له بزيارة العيون عاصمة الصحراء الغربية المحتلة. هذا في الوقت الذي حظي المبعوث الشخصي باستقبال شعبي كبير في ولايات الجمهورية الصحراوية، يليق بمستوى الرجل والمسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتقه، وتمكنه من مخاطبة المواطنين الصحراويين التواقين الى العودة إلى وطنهم حرا كريما، كما أن جبهة البوليزاريو اعربت عن استعدادها للتعاون مع المبعوث الشخصي من اجل الدخول في مفاوضات جادة مع المملكة المغربية للتوصل للحل السياسي الذي يسمح للشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير المصير بكل حرية وشفافية.
وباعتبار ان الاتحاد الافريقي (منظمة الوحدة الافريقية سابقا) هو من وضع حجر الأساس لخطة استفتاء تقرير المصير التي اتفق عليها طرفي النزاع المملكة المغربية وجبهة البوليزاريو في تسعينيات القرن الماضي، وأصبح بذلك شريكا للأمم المتحدة في الإشراف على تنفيذ تلك الخطة، فإنه الان، يدعو بالتساوي الدولتين العضويتين في الاتحاد الى الجلوس على طاولة المفاوضات لحل المشكل القائم بينهما خاصة مع انضمام المملكة المغربية مؤخرا للاتحاد بدون شروط وقبولها الجلوس الى جانب الجمهورية الصحراوية.
وبخلاصة، فان الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية أصبحت حقيقة لا رجعة فيها ولا مفر من الاعتراف بها من كونها هي الضامن للاستقرار الدائم في المنطقة، وحان الوقت لجميع المنظمات والدول ان تحذو حذو إفريقيا بالاعتراف بالدولة الصحراوية وإقامة العلاقات معها، وتكون قمة الاتحاد الافريقي – الاتحاد الأوروبي القادمة محطة لتجسيد هذا الخيار