الملِكية في المغرب تحكم قبضتها على أدوات الفعل وصلاحيات الملك مطلقة ولا يخضع لأي نوع من المحاسبة (العدل والاحسان)
انتقدت أقوى الجماعات المغربية المعارضة ذات المرجعية الإسلامية، التراجعات التي يشهدها المغرب في شتى المجالات وتقول إن «الأحداث التي عاشها المغرب خلال هذه السنة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن تحقيق دينامية سياسية تقطع مع واقع العبث والإفلاس حلما مؤجلا، وأن ما أعلن رسميا من خطوات وإجراءات مع هبوب رياح الربيع العربي سنة 2011 لم تكن إلا شعارات سرعان ما تهاوت أمام فساد البنية السياسية وتعقدها».
وجاء في نص التقرير السياسي الصادر عن مجلس شورى جماعة العدل والإحسان، شبه محظورة، نشر على موقعها الإلكتروني أمس الجمعة، إن «الملك لا يزال مركز السلطة، بل سلطة فوق السلطة، باعتباره سلطة لها صلاحيات مطلقة يسود فيها الملك ويحكم من دون أن يوازي ذلك أي نوع من المساءلة أو المحاسبة».
وأضاف التقرير أن «الملِكية في المغرب تحكم قبضتها على أدوات الفعل سواء في بعده السياسي أو الاقتصادي أو الديني أو الأمني أو الخارجي»، وأن «الملك حافظ خلال هذه السنة على احتكاره للفعل السياسي وتحكمه فيه سواء في بعده الداخلي أو الخارجي من خلال مجموعة من الوسائل».
وقال «الخطب الملِكية الأخيرة في مجملها إقرار بالفشل، فشل ما سمي بالإصلاحات الدستورية، وفشل المؤسسة الحزبية والإدارة العمومية والمبادرات التنموية، والمقاربات الاجتماعية» حيث أن «هذه الخطب عابت على السياسيين اختباءهم وراء القصر لتبرير عجزهم، لكنها تجاهلت أن الملِكِية بدورها تختبئ وراء السياسيين لتبرير تقصيرها والتهرب من تحمل مسؤولياتها التي من المفترض أن يقرها القانون والدستور، على علاتهما، باعتبار الملك رئيسا للدولة، فأين هو ربط المسؤولية بالمحاسبة؟ وصدق من قال: رمتني بدائها وانسلت». وأكدت الجماعة أن «الإقرار الرسمي بفشل بالنموذج التنموي المغربي الذي بذرت فيه الأموال الطائلة يتم «تغطيته بترسيم الملك في خطاب العرش للمقاربة الأمنية وتبييض الاختيار القمعي للأجهزة الأمنية في مواجهة الاحتجاجات الشعبية على تداعيات فشل السياسات العمومية، في تجاهل تام للممارسات العدوانية التي مارستها القوات العمومية ضد مواطنين سلميين عزل».
واعتبرت أن «محاولة المماثلة مع المواطن المغربي والتخندق معه في خط عدم الرضا وتقديم الحكومة والأحزاب والبرلمان وحدهم أكباش فداء في تبعات الفشل الذريع لسياسات المسؤول الحقيقي»، وأن «الموضوعية تقتضي الإقرار بنصيب مهم من المسؤولية للحكومة والبرلمان وبعض الأحزاب لكن أيضا بتثبيت المسؤولية الكبرى للملك باعتباره الممارس الأهم للسلطة التشريعية والتنفيذية والأمنية والقضائية».
وعبرت جماعة العدل والإحسان، في وثيقتها عن رفضها «تكريس المخزن التدبير الاستبدادي من خلال الاستغلال البشع للدستور على علاته وللقوانين على محدوديتها، ولعل من أبرز آليات هذا التدبير استغلاله للشرعية الدينية من أجل تصفية حساباته والاستقواء على خصومه وتبرير قراراته». وأعلنت الجماعة رفضها احتكار الشأن الديني من طرف الدولة، «إن الفترة التي يغطيها هذا التقرير توضح استمرار النظام في احتكار الشأن الديني والانفراد بتدبيره مستغلا صفة (إمارة المؤمنين) وصفة (إسلامية الدولة) التي يستحضرها في مناسبات ويغيبها في أخرى، حيث استمر النظام في توظيف المساجد لتمرير الدعاية الرسمية لسياسات السلطة في تعارض صارخ مع مبدأ “حياد المساجد” الذي صُوِر في لحظة من اللحظات على أنه إنجاز تاريخي للنظام.»
وأشار التقرير إلى تخصيص خطبة الجمعة في أيار/ مايو 2017 بالحسيمة لتعبئة المصلين ضد حراك الريف وهو ما «يعيد للأذهان توظيف المساجد لحمل المواطنين على التصويت بـ (نعم) في الاستفتاء على الدستور سنة 2011» كما أن التدبير الأمني للحقل الديني «لا زال حاضرا بقوة من خلال منع الناس من الاعتكاف داخل المساجد أيام شهر رمضان الفضيل، إضافة إلى إهمال الحجاج المغاربة وتردي الخدمات المقدمة لهم في مقابل الكلفة الباهظة المفروضة عليهم مقابل أداء شعيرة الحج».
وقال إن «السياسة التأميمية لم تفلح في تحقيق التأطير الديني المطلوب الذي يقي المغاربة من دعوات التطرف؛ التي أصبحت تستهوي عددا مهما من شبابنا، ولعل ما يتم إعلانه بين الفينة والأخرى من تفكيك خلايا هنا وهناك مؤشر مهم في الباب، ناهيك عن عدد الملتحقين بصفوف التنظيمات المتطرفة في عدد من الدول» «كما أن شعار (الأمن الروحي) الذي يتشدق به المشرفون على هذا الحقل يتهاوى أمام تنامي عدد المغاربة طلاب الفتاوى من الخارج، الذين لم يجدوا في المجلس الرسمي المنوط به هذا الاختصاص بغيتهم».
وقال رئيس الدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، عبد الواحد متوكل، في اختتام المجلس القطري للدائرة السياسية «مادامت الملكية هي التي تضع أو تختار من يضع الدستور، فإنه لا يتصور أن يأتي من قبلها ما يحد من سلطاتها الواسعة، إن لم أقل المطلقة».
وأضاف «لا نبالغ ولا نجانب الصواب، والأيام بيننا، إن قلنا إنه لا يمكن أن نتوقع، في ظل الدستور الحالي، أن تكون لنا حكومة تحكم، أو برلمان ينهض بمهامه التشريعية والرقابية، أو قضاء لا يخضع للتعليمات».