ملك المغرب ينسف مسار التسوية
ملك المغرب، يكون قد أغلق جميع مسالك التسوية السياسية للنزاع في الصحراء الغربية أمام المبعوث الجديد للأمين العام للأمم المتحدة، ليس فقط بتجديد تمسك المغرب بمبدإ التفاوض فقط على أساس مقترح “الحكم الذاتي”، بل أيضا بامتناعه عن الدخول في أي مفاوضات حول وضعية حقوق الإنسان، أو ملف استغلال ونهب ثروات الصحراء الغربية.
أوساط دبلوماسية وإعلامية كانت تنتظر خطاب الملك بمناسبة الذكرى الـ 42 لما يسمى بـ “المسيرة الخضراء” للتعرف على ما يكون المغرب قد أفاد به المبعوث الجديد للأمم المتحدة الذي لم يكشف عن مواقف الطرفين: المغرب وجبهة البوليساريو، حتى وإن كانت المواقف المعلنة قد ظلت ثابتة منذ سنة 1991 تاريخ إعلان وقف العمليات العسكرية، وتشكيل بعثة “المي نيرسو” ثم انطلاق المباحثات المباشرة بين الطرفين.
فبعبارة صريحة لا لبس فيها قال ملك المغرب: “إنه لا حل لقضية الصحراء خارج سيادة المغرب الكاملة على صحرائه ومبادرة الحكم الذاتي” بما يعني أن الوفد المغربي في مسلسل المفاوضات القادمة سوف يعطل المفاوضات منذ الجلسة الأولى عند بحث جدول أعمالها الذي يفترض أن يشتمل على مقترحات الطرفين.
وبعبارة أوضح يكون المغرب قد أغلق جميع المسالك في وجه المبعوث الأممي الذي لا يملك أدنى فرصة لإقناع جبهة البوليساريو بالمشاركة في مفاوضات تجرد الشعب الصحراوي من حقوق ثابتة اعترفت له بها المجموعة الدولية منذ بداية النزاع، وهي مكفولة بالقرار 1514 الذي نص في مادته الثانية: “لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها، ولها بمقتضى هذا الحق أن تحدد بحرية مركزها السياسي..” وحرم على القوة المستعمرة في مادته الثالثة “أن يتخذ نقص الاستعداد في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو التعليمي ذريعة لتأخير الاستقلال”.
موقف المغرب الذي ذكر به محمد 6 أول أمس، لا ينسف فقط مسار المفاوضات، بل ويهدد المنطقة بالعودة إلى المربع الأول، إلى ما قبل قرار وقف إطلاق النار سنة 1991 بكل ما يعني من تهديدات مفتوحة على السلم في منطقة تواجه اليوم مستجدات أمنية، وتكالب القوى العظمى العائدة تحت عناوين جديدة لما يشبه الاستعمار الجديد للقارة السمراء.
الكرة الآن بيد السيد غوتيريرس المقيد بقرارات أممية لا لبس فيها، بوجوب إدارة الحوار بين الطرفين المتنازعين، والتوافق على سبل تطبيق الاستفتاء من أجل تقرير المصير، أو إعلان الأمين العام عن فشله وفشل مبعوثيه، والعودة إلى مجلس الأمن بتوصية تطالب مجلس الأمن بقرار ملزم للطرفين، ينهي واحدا من أعقد ثلاثة نزاعات في العالم، وآخر ملف مدرج على لجنة تصفية الاستعمار.
من جهته، يحسن بالمغرب أن يعيد تقدير الموقف على أكثر من مستوى ويأخذ بعين الاعتبار الحقائق على الأرض. فقد فشل من قبل في فرض الأمر الواقع بالوسائل العسكرية، وهو اليوم أبعد ما يكون عن امتلاك وسائل الحل العسكري، وقد أخفق سياسيا ودبلوماسيا في انتزاع اعتراف حتى من أقرب أصدقائه وحلفائه بسيادة المغرب على الصحراء، وقد ترتب على التحاقه بالاتحاد الإفريقي تحول النزاع مع الجمهورية العربية الصحراوية إلى نزاع حدود بين دوليتين لهما نفس الحقوق والواجبات داخل الاتحاد الذي سوف يستعيد المبادرة في اللحظة التي يعلن فيها السيد غوتيريس فشل الأمم المتحدة.
بقلم : حبيب راشدين , الشروق اليومي الجزائرية.