-->

قيادة البوليساريو وشرعية التأسيس


نصمت دهرا وننطق كفرا
سلسلة مقالاات تتناول الواقع الصحراوي العام 
1) قيادة البوليساريو وشرعية التأسيس
تأسست الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو) في سياق خاص وفي ظروف خاصة تميزت أساسا بإنتشار المد التحرري إلى جانب الفكر الإشتراكي "الشيوعي"، وكانت رياح التحرير تسري في الشعوب كالنار في الهشيم، وكانت تلك الأفكار والنزعة إلى التحرر والرغبة العارمة في التغيير والنمو والتطور تلاقي قبولا عاما لدى كل الفئات وخاصة الفئات المسحوقة التي أنهكها واقعها المتعب وأثقلت عليها سنين لا حصر لها من العذاب والحرمان والفاقة.
لم يكن الشعب الصحراوي في الساقية الحمراء ووادي الذهب إستثناءا مما يدور في العالم وفي المنطقة المحيطة به، وعليه لاقت جبهة البوليساريو إستحسانا وقبولا كبيرا في أوساط الصحراويين، وكان تأسيسها وتوليها لريادة معركة الصحراويين في التحرر والبناء والسعي نحو التغيير "حسب أدبياتها" مرهونا بتحقيق تلك الغايات " أولها التحرير ثم بناء مجتمع متحضر بعيد عن أدران القبيلة والبداوة، ينتقل بالإنسان الصحراوي من واقع مرفوض إلى واقع بديل ملؤه الكرامة ونمط الحياه المرغوب الذي يضعه في مكانته بين الشعوب والأمم.
كانت مُثل الجبهة وأفكارها "ولاتزال" ملهمة وراقية وواعدة ومرغوبة، كما أنها لاتزال تحتاج الكثير من الترسيخ والتطبيق والاعتماد خاصة من قبل القائمين على رسم سياسات الحركة وتحديثها وتنفيذها. ورغم أنه لا يمكن نكران الصعوبات والتحديات والعراقيل والمطبات التي تعترض كل ذلك إلا أنه من جهة أخرى لايمكن قبول ماجرى ويجري منذ قرابة أربعين عاما في دواليب حركة التحرير الصحراوية. 
ليس من المقبول بأي حال التأسيس لبناء الكيان الصحراوي على لبنات من بينها القبلية التي يخجل من ذكرها التاريخ لنتانتها وسوء عاقبتها على المجتمعات، ليس من اللائق أبدا تأليه الأشخاص وتسخير إمكانيات الصحراويين خاصة الإعلامية على قلتها لصناعة صورة الشخص بدل صورة الشعب، وتوضيح ملامح الوجوه وزخارف الشوارع وإخفاء ملامح البؤس والزبالة في حنايا الأزقة المظلمة. ولتخفيف المرارة نقول: ليس من المعقول ولا من المقبول أن تسير حركتنا التحريرية عكس مبادئها وأهدافها والغايات التي أصلا تأسست لتحقيقها.
لسنا إستثناءا أيضا من حيث العيوب فنحن بشر على أية حال، ولكن هناك عثرات قامت بها حركتنا التحريرية ولا زالت تقوم بها تدعو للقرف والغثيان، وتصيبك بالدوار و لاتستطيع أن تجد تفسيرا للإستمرار على التشبث بالأخطاء خاصة منها التي لا يمكن إخفاءها وأصبحت وصمة عار على حركتنا. إن أكبر تلك الأخطاء هو إستمرار شلة التأسيس في التمسك بالكراسي والمناصب مع إحترامنا الكبير للعملية "الإنتخابية"، بل نتساءل ايضا لماذا بقيت غالبية النخبة تراوح مكانها لنفس الفترة؟ أليس فيهم من ينتبه لسيرورة الطبيعة التي تقر بأن الماء الراكد عرضة للتعفن. وليس من اللائق على أي ثائر أو مناضل أن يناقض المبادئ التي تعهد بالإلتزام بها، ولا أن يعمل بطريقة ترسخ وتجسد عيوب واقع ثار من أجل تغييره. ومرة أخرى لنخفف من تأففنا نقول أن شرعية التأسيس لا تكفي ليبقى كل في مكانه لأكثر من أربعين عاما، فقد أصبحنا محل سخرية لدى الصديق والعدو والأدهى أننا أصبحنا نكتة على ألسن الشباب الذي ولد وترعرع في أحضان الثورة وكان يأمل منها الكثير.
بقلم: حمادي البشير

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *