-->

المخزن يخسر جولة جديدة...


عالي محمد لمين
لطالما عمل المخزن ومنذ سنوات على على تقويض الوجود الصحراوي داخل مؤسسات الإتحاد الإفريقي، وتحجييم الدعم القاري لكفاح الشعب الصحراوي، وأزدادت وتنوعت تلك المحاولات البائسة بعد دخول المغرب إلى المنظمة القارية دون تحفظ، وحصوله على المقعد 55، كأخر دولة تنضم للإتحاد الإفريقي
ـ ومع الأيام الأولى لدخول المغرب إلى المنظمة القارية وهيئاتها في قمة أديس أبابا، مطلع العام المنصرم 30 يناير2017، بعد توقيع محمد السادس ومصادقة البرلمان المغربي على ميثاق الإتحاد الإفريقي دون تحفظات، والذي يتضمن، الإلتزام بالحدود الموروثة عن الإستعمار، وإحترام سيادة الدول الأعضاء، وحل الخلافات بالحوار والطرق السلمية، سعى المخزن وبالتعاون مع الدولة الإستعمارية ذات النفوذ الواسع في إفريقيا فرنسا، وبالتنسيق مع دول إفريقية فاقدة للسيادة تعيش تحت وطأة التبعيئة الفرنسية، كالسينغال وساحل العاج...، عمل المغرب على تحقيق الهدفين الرئيسيين لإنضمامه إلى الإتحاد الإفريقي أو على الأقل أحدهما، بعد إنسحاب دام لحوالي 33 عاما، بتاريخ 12 نوفمبر 1984، إحتجاجا على عضوية الدولة الصحراوية بالمنظمة القارية أنذاك ـ منظمة الوحدة الإفريقية ـ ، وأول تلك الأهداف، التي يسعى المخزن لتحقيقها من خلال عضويته في الهيئة القارية، هي محاولة التأثير على مكانة الدولة الصحراوية داخل الاتحاد الإفريقي وزعزعتها، وثاني تلك الأهداف، كسر الإجماع القاري الداعم للقضية الصحراوية، ومحاولة إحداث الشرخ بين أعضاء الإتحاد الإفريقي، وتقسيمهم إلى داعم للقضية الصحراوية ومؤيد للتوجه الإستعماري المغربي، وفي هذا الإطار، أستند المخزن على دبلوماسية، مليئة بالبلطجة ومحاولات شراء الذمم، فكانت "النرفزة" والأعمال والأقوال السوقية النابعة بعمق من تربية "الزنقة" هي سيدة الموقف في محطات كثيرة، كما حدث في قمة "مابوتو"، أثناء الإجتماع الوزاري للشراكة الإفريقية اليابانية ـ"تيكاد"، المنعقدة بعاصمة الموزمبيق "مابوتو" مابين 23ـ25 أغسطس 2017، والتي أثارت فيها تصرفات الوفد المغربي بقيادة وزير خارجيته المدعو "بوريطة"، أثارت إستنكار الدول المشاركة في القمة، بعد إقدام الوفد المغربي على الإعتداء على الوفد الصحراوي برئاسة وزير الخارجية الصحراوي الأخ محمد سالم ولد السالك، بالضرب والسب والشتم، في تجاوز فاضح للأعراف الدبلوماسية والأداب السياسية العامة، وفي محاولة لمنع الوفد الصحراوي من أولوج قاعة الإجتماعات، وهو الأمر الذي فشل "خرجة البلطجة"! في تحقيقه، وأضطرت عناصر الأمن الموزمبقيية للتدخل وإيقاف هستيريا "البلطجة" المغربية، ومن ضمن السياسات المغربية للتأثير على المواقف الإفريقية، عمل المخزن على إستعطاف دول إفريقية عبر "مشاريع وهمية"! للتنمية الإقتصادية والتعاون الثنائي مع دول في القارة السمراء، كما هو الشأن بإعلان المغرب عن إنشاء "عاصمة جديدة"! لدولة جنوب السودان، وهي العاصمة التي لم ينفذ منها سوى اللوحة الجدارية، التي تشرح "المشروع الوهمي"!، على لوحدة خشبية في إحدى ضواحي عاصمة جنوب السودان "جوبا"، ودعما لدبلوماسيته القارية، عمل المغرب على محاولة شراء مواقف بعض القادة والنافذين الأفارقة، عبر، تقديم أموال طائلة لهم، وإغداق الهدايا عليهم ومنحهم "ظلل" وبيوت راقئة في مدن مغربية ك"الدار البيضاء" و"مراكش" و"أگادير" وغيرها...، كما أستعمل المغرب ورقة المخدرات، لتمرير نفوذه الدبلوماسي والسياسي والإقتصادي، وذلك عبر إغراق الدول الإفريقية بالسموم المغربية، وخاصة مخدر القنب الهندي، الذي يعتبر المغرب الدولة الأولى عالميا من حيث إنتاجه وتصديره، وتستهدف تحديدا تلك التكتيكات الخبيثة وبشكل أكثر تركيزا، دول الساحل والصحراء وشمال إفريقيا، وذلك، قصد خلق لوبيات ضغط محلية مؤيدة للمخزن، ومحاولة التأثيرعلى الدول الإفريقية، لمقايضة خيار "المخدرات" بالمواقف السيادية للبلدان الإفريقية، كما أدخل المخزن، تصدير المواد الغذائية، وغيرها من السلع والخدمات، التي تعتبر منطقة "الكركرات" المحررة، معبرا رئيسيا لها، مرورا بالتراب الموريتاني، ونحو دول غرب إفريقيا، كنقطة للسيطرة على مواقف بعض الدول الإفريقية، كما هو الحال مع السينغال وموريتانيا...، بيد أن موريتانيا في عهد ولد عبد العزيز، أثارت القطيعة مع ماضي السيطرة المغربية عليها والتبعيئة، وأكدت موريتانيا الشقيقة في محطات عديدة، إستقلال الموقف السيادي لها تجاه القضية الصحراء الغربية، وهو ما ترتب عنه أزمات دبلوماسية متتالية، وصلت حد طرد السفير المغربي من نواكشوط، دون أن ننسى "نقطة "الإرهاب"، الذي يستعمل المخزن بعد جماعاته، لتهديد أمن وإستقرار بعض البلدان الإفريقية، ومقايضة موقفها، خاصة عبر ماتسمى "جماعة التوحيد والجهاد، في غرب إفريقيا"، التي اثبتت الوقائع والدلائل إرتباطها الوثيق مع المخابرات المغربية وأجنداتها الإستعمارية، لبسط النفوذ والسيطرة.
وبالرغم المجهودات الخبيثة والمحاولات البائسة، فقد منئ المخزن بنكسة جديدة في الإتحاد الإفريقي، تنضاف لنكباته المتتالية في القارة السمراء، وذلك بعد مصادقة القادة الأفارقة على قرارات وتوصيات هامة، في ختام أشغال القمة 30 للإتحاد الإفريقي، المنعقدة بأديس أبابا يومي الأحد والإثنين 28 و29 من شهر يناير الجاري 2018، كان أبرزها، التأكيد على الموقف المبدئ الإفريقي الراسخ والثابت الداعم للقضية الصحراوية، والمؤيد لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والحرية والإستقلال، ودعوة طرفي النزاع الجمهورية الصحراوية والمملكة المغربية إلى العودة إلى المفاوضات المباشرة بين الجانبين، برعاية من الإتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، لإيجاد حل عادل ودائم ونزيه ومتفاوض عليه، يمكن الشعب الصحراوي من تقرير مصيره، والتعبير عن حقه الغير قابل للتصرف، كما دعى القرار، إلى تفعيل عمل اللجنة الإفريقية المكلفة بالملف الصحراوي، وتمكينها من زيارة الأراضي المحتلة، وكذا مراقبة واقع حقوق الإنسان في الجزء المحتل من الصضحراء الغربية.
أثار هذا القرار حفيظة وسائل الإعلام المغربية، فنقلت بإستحياء بعض محاور قمة الإتحاد الإفريقي، وتجاهلت جل إن لم نقل كل وسائط الإعلام المغربية القريبة من المخزن والبعيدة منه على حد سواء، تجاهلت القرار المتعلق بالقضية الصحراوية، وأكتفت بنقل جزء يسيير من محاور النقاش في قمة الإتحاد الإفريقي بأديس أبابا!، كمحاربة الإرهاب والتصدي للفساد ومعالجة ظاهرة الهجرة
ـ ورغم كل ماسبق، إلا أنه ينبغي على الدبلوماسية الصحراوية تكثيف العمل وزيادة النشاط السياسي والدبلوماسي، عن طريق، دعم العمل الدبلوماسي، بفتح سفارات وتمثيليات جديدة، ورفد وتعزيز السفارات والهيئات والبعثات الدبلوماسية الموجودة حاليا بالخبرات والكفاءات والإطارات المؤهلة والكوادر المدربة، وتكوين وتدريب وتأهيل "هيئة خبراء"، تختص في جميع المجالات (الدبلوماسية والسياسية والإجتماعية والعسكرية والإقتصادية والأمنية والإعلامية والتقنية والصحية والتعليمية والثقافية، وغيرها...)، لتكون سندا للبعثات والهيئات والوفود الدبلوماسية في مختلف الفعاليات والإجتماعات الدولية والقارية والإقليمية والجهوية، والرفع من وتيرة العمل داخل مؤسسات الإتحاد الإفريقي المختلفة، والسعي لدخول تلك الهيئات وتثبيت الوجود الصحراوي بها، والمشاركة الفعالة والدائمة في جميع الإجتماعات والنشاطات والفعاليات القارية، وتعزيز العلاقات الثنائية مع مختلف الدول الإفريقية، ووضع إستراتيجيات واضحة مع الدول الحليفة والصديقة لمواجهة التحركات الإستعمارية المغربية، ومحاولة كسر الجمود تجاه الدول الداعمة للأطروحات المغربية، والسعي لفتح علاقات دبلوماسية معها، ودحض الإدعاءات المغربية التوسعية بمختلف الوسائل والطرق والسبل
مع هذا التراجع المغربي في قمة أديس ابابا، وإنطلاقا من علمنا بإستمرار المخزن بمجهوداته الخبيثة لإختراق القارة الإفريقية ومحاولة التأثير على موقفها، أو على الأقل تمييعه، تجاه القضية الصحراوية، ووجود دول إفريقية غير ثابتة المواقف ومتقلبة المزاح، ليحتم كل ذلك على الدولة الصحراوية مواصلة العمل الدبلوماسي وتكثيفه، وتوسيع نطاق العلاقات الثنائية، وفتح أفاق جديدة لها، والدخول في مختلف الهيئات التابعة للاتحاد الافريقي، لترسيخ التواجد الصحراوي الفعال قاريا وإقليميا وجهويا، لإفشال التحركات المغربية، وتثبيت الموقف الإفريقي الداعم للقضية الصحراوية، والحصول على مكاسب وإنجازات، تكون جسرا لتحقيق الهدف المنشود في الحرية والإستقلال

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *