-->

نشوة الإنضمام إلى الإتحاد الإفريقي تحولت إلى انتكاسة دبلوماسية ... حلم المغرب بطرد الجمهورية الصحراوية يتحول إلى كابوس


لم تدم فرحة المغرب بانضمامه إلى الاتحاد الإفريقي صيف العام الماضي طويلا، لتتحول إلى انتكاسة دبلوماسية غير مسبوقة، إلى درجة أنها هزت أسس مشروعه الاستعماري في الصحراء الغربية، على خلفية موقف قمة الاتحاد الإفريقي المنتهية أشغالها بالعاصمة الإثيوبية الثلاثاء.
خرج وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة مصدوما من قاعة الاجتماع مباشرة بعد تلاوة الرئيس الدوري للاتحاد، الرئيس الرواندي، بول كاغامي نص البيان الختامي للقمة والذي دعا فيه الرباط إلى فتح إقليم الصحراء الغربية المحتل أمام لجنة إفريقية لتقصي الحقائق، للوقوف على واقع الانتهاكات المغربية ضد أصحاب الأرض، الصحراويين.
ويكون الاتحاد الإفريقي بمثل هذا القرار، قد أحدث زلزالا قويا في أعلى قمة العرش الملكي وهو يرى أحلامه في الصحراء الغربية تتهاوى أشبه بأوراق قصر كارتوني، بعد أن اعتبرت الدول الإفريقية جميعها ـ باستثناء المغرب ـ أن الصحراء الغربية هي فعلا مستعمَرة تنتظر تقرير مصيرها، وأن سكانها يتعرضون لانتهاكات فظيعة، في ظل تعتيم مغربي مقصود للتستُّر على جرائم تتم خارج إطار القانون وبعيدا عن أعين أيِّ جهة خارجية.
الرباط تعي جيدا أن استقبال لجنة تقصي الحقائق ستتبعها خطواتٌ أخرى لن تكون بالضرورة في صالحه كقوة استعمارية، كما أن رفض استقبالها وتعنتها في التمسك بموقفها المعادي للجان التحقيق سيؤكد الاتهامات بأنها تخفي أشياء وحقائق لا تريد أن يطلع أي أحد لبشاعتها.
وكان الاتحاد الإفريقي، حسب الموقع الإخباري الصحراوي "صمود"، ذكيا في مطلبه عندما شدَّد التأكيد على المغرب بأن يوقع على الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والأدوات ذات الصلة للدفاع عن حقوق الإنسان، وهو ما يوقعه تحت طائلة بنود هذا الميثاق الذي يُلزم أعضاءه بالامتثال لقراراته وإلا اعتبر دولة مارقة ورافضة لروح التضامن الإفريقي.
ووفق هذه المقاربة، فإن الرباط التي استغلت وضعها كدولة غير عضو في الاتحاد الإفريقي للتنصل من تنفيذ القرار الإفريقي 689 لسنة 2012، الذي دعا إلى إنشاء لجنة تقصي الحقائق ولكنها ستكون ملزَمة الآن على فعل ذلك من منطلق أن انضمامها الرسمي إلى الاتحاد لن يجعلها فوق الإجماع الإفريقي لأن ذلك سيضعها في كل مرة في قفص الاتهام دون أن تكون لديها أدلة لنفي التهم الموجهة لها.
ووجه الانتكاسة الآخر بالنسبة للمغرب، أن الاتحاد الإفريقي أعطى لنفسه هذه المرة دورا محوريا في مسار مفاوضات تسوية النزاع الصحراوي بهدف تصفية الاستعمار من آخر إقليم محتل في القارة، بكيفية قد تساعد على حلحلة مسار مفاوضات معطل منذ سنة 1991 وأن القضية لم تعد حكرا على الأمم المتحدة بدليل احتمال تفعيل لجنة الدول التي أنشأتها منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1978.
ولكن الضربة الأكثر وقعا تبقى دون شك دعوة طرفي النزاع إلى الجلوس إلى طاولة مفاوضات مباشرة "دون شروط مسبقة" ووفق مبدأ استفتاء تقرير مصير "حرّ وعادل" يمكّن الشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير المصير.
والأكثر من ذلك، فإن الدول الإفريقية التي اكتوت بنار الاستعمار لم يعد بإمكانها أن تتجاهل واقعا استعماريا رهن مستقبل شعب بأكمله في وقت تقوم فيه لجان شعبية ومنظمات إنسانية غير حكومية وحقوقيون وبرلمانيون وهيئات من دول أجنبية بالدفاع عنه والمطالبة بفضح الانتهاكات المغربية ضد أبنائه وتبقى هي في موقع المتفرج على مأساة ما كان لها أن تكون أصلا.
وقال الموقع الإخباري المغربي "هيسبريس"، إن أولى المواجهات بين المغرب وجبهة البوليساريو داخل مقر الاتحاد الإفريقي، "اندلعت" عقب اختتام القمة الـ30 لرؤساء دول وحكومات المنظمة، الملتئمة في أديس أبابا، بسبب تقرير رفعه مفوض السلم والأمن في الاتحاد الإفريقي، السفير الجزائري إسماعيل شرقي، إلى أعضاء المؤسسة الإفريقية، والذي تضمن نقاطاً مسيئة حول قضية الصحراء.
ونقل الموقع، أن الاحتجاج المغربي، الذي يدشن أول مواجهة مع خصومه بعد عودته إلى الاتحاد الإفريقي، جاء بعدما تضمن تقرير مجلس السلم والأمن فقرات حول قضية الصحراء تتناقض مع ما تنص عليه منظمة الأمم المتحدة، الهيئة الوحيدة التي تُشرف منذ سنوات على حل النزاع بين الطرفين.
ورفض المغرب بعض فقرات هذا التقرير، خصوصا الفقرة 117 والفقرة 118، والتي تطالب الرباط بالسماح لممثل خاص بالاتحاد الإفريقي في الصحراء، جواكيم شيسانو رئيس جمهورية موزمبيق السابق، بالعودة إلى مدينة العيون لرصد الأوضاع الحقوقية، وهو المطلب الذي يرفضه المغرب بسبب عدم توافقه مع المقتضيات الأممية، حسب "هيسبريس".
المصدر: الشروق الجزائرية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *