المشكلة في آلية التطبيق
منذ سنة تقريبا ونحن متعلقون سياسياً ووجدانياً بقرارات محكمة العدل الأوروبية، وبديمقراطية الاتحاد الاتحاد الاوروبي، وسبب التعلق العاطفي والسياسي بالاتحاد الأوروبي مرده الأكثر ترجيحا هو أننا، منذ خذلتنا الأمم المتحدة ومجلس أمنها، أصبحنا نبحث عن معادل أخر وملعب آخر نحرز فيه بعض الانتصارات ونسجل فيه بعض الأهداف ولو في مرمانا. قرار المحكمة الأوروبية بعدم التعامل مع المغرب في ما يخص شراء المنتوجات الواردة من الصحراء الغربية تم تطبيقه فعلا، لكن على الورق فقط. في الميدان لا يستطيع أي منا ولا من الاوروبيين التأكد والجزم أن كانت الشركات الاوروبية قد توقفت فعلا عن شراء المنتوجات الزراعية القادمة من الصحراء الغربية المحتلة أم لا؟. وجاء قرار ثان من محاكم الاتحاد الاوروبي يقضي بعدم شرعية التنقيب وشراء الثروات الصحراوية- في الحقيقة أنا غير متأكد من هذا القرار الأخير- لكن نفس الشيء سيتم تطبيقه فقط على الورق.
قرار المحكمة الأوروبية الآن- 27 فبراير 2018م- الذي تزامن مع ذكرى إعلان الجمهورية الصحراوية، والقاضي ببطلان وعدم مشروعية الاتفاق مع المغرب فيما يخص الصيد في المياه الصحراوية المحتلة هو أهم قرار أصدره القضاء الأووبي إلى حد الآن، لإن قيمة الصحراء الغربية المحتلة، إذا أردنا ان نحترم الواقعية، توجد في سمكها فقط.
هذا من جانب. من جانب آخر تكمن أهمية وفعالية القرارات في تطبيقها وترجمتها على الأرض وليس في إصدارها والتصفيق لها أو الاحتفاء بها والانتشاء بصدورها. في جانفي 2002م أصدر القسم القانوني للأمم المتحدة قرارا مبنيا على توصية المستشار القانوني للأمين العام آنذاك، وحمل القرار رقم S/2002/161، ويقول بالحرف:" إن اتفاقيات مدريد – سنة 1975م- لم تعطي السيادة على الصحراء الغربية ولم تمنح لأي من الموقعين عليها- الاتفاقيات- صفة القوة المديرة – للإقليم- بسبب ان أسبانيا لا تستطيع أن تقوم بذلك بمفردها."
هذا القرار الصادر من الأمم المتحدة، الهئية الأكبر بكثير من الاتحاد الأوروبي، يختزل كل شيء: المغرب لا يتمتع لا بالسيادة ولا بالإدارة على الصحراء الغربية، وبالتالي فكل ما يقوم به من نهب وتجارة هو غير شرعي ويجب أيقافه. لكن جاءت المشكلة من التطبيق. لم تستطيع الأمم المتحدة أن تخلق قوة ميدانية للتطبيق، ومجهوداتنا نحن بعد ذلك في محاولة التأثير على مجلس الأمن لجعله يفوض للمينورصو أن تراقب حقوق الإنسان والثراوات باءت بالفشل.
الآن سيتكرر نفس الشيء، وسيبقى قرار المحكمة الأوروبية الخاص بعدم شرعية الصيد الأوروبي في المياه الصحراوية، حبرا على ورق بسبب عدم وجود آلية للمراقبة. فالقرار حتى يكون ذا مفعول ميداني كان يجب أن يُقييد الاتحاد الاوروبي بنقطة تفرض عليه أن ينشيء آلية للمراقبة.
ألية المراقبة هذه التي لن ينجح أي قرار قانوني إلا بها لن تحدث للاسباب التالية:
- الاتحاد الاوروبي لن يدخل في متاهات مع المغرب هو في غنى عنها مثل خلق آلية لتطبيق قرار محكمته، ويبتز الصحراويين أنه أصدر قرارات لا رجعة فيها وواضحة بعدم التعامل مع المغرب فيما يخص أي شيء له علاقة بالصحراء الغربية المحتلة.
- الأمم المتحدة لن تدخل على هذا الخط، وهي منشغلة بمحاولة فاشلة هي بعث المفاوضات المباشرة بين الطرفين التي من الممكن جدا أن لا تحدث في الأعوام الأربعة القادمة، وإن حدثت فلن تخرج بنتيجة.
- السبب الآخر المهم في جعل القرار الأوروبي يبقى عديم الجدوائية ميدانياً هو أسبانيا وفرنسا، خاصة أسبانيا. فأكثر السفن- حوالي 75%- التي تصطاد في المياه الصحراوية بطريقة غير شرعية هي سفن أسبانيا، خاصة من مقاطعة الاندلس الفقيرة التي تقتات من الصيد البحري. فأية محاولة من الاتحاد الاوروبي لخلق آلية لتطبيق قراراته ستصطدم بالمغرب وفرنسا وأسبانيا، وسيبقى القرار حبرا على ورق.
بقلم: السيد حمدي يحظيه