-->

بناء مقر لرئاسة الجمهورية بالاراضي المحررة خطوة ترعب الاحتلال المغربي


الصحراء الغربية 07 ابريل 2018 (وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة)ـ 
مع الحديث عن بناء مقرات السيادة الصحراية بالاراضي المحررة من الجمهورية الصحراوية وفي مقدمتهم بناء مقرا لرئاسة الجمهورية ومقر المجلس الوطني ونقل مقر وزارة الدفاع الوطني الى بئر لحلو المحررة يعود موضوع الاعمار للواجهة في طريق التجسيد الفعلي للسيادة، وبعد الشروع في وضع تصور لبناء مقر رسمي لرئاسة الجمهورية الصحراوية بمنطقة تفاريتي المحررة تكون القيادة السياسية لجبهة البوليساريو قد وضعت المنتظم الدولي امام حقيقة الدولة الصحراوية التي لا رجعة فيها بتجسيد فعلي تكون فيه منصة القرار السياسي من عمق الاراضي الصحراوية المحررة ما يعكس توجها جديدا قد يفتح الباب امام رسم استراتيجيات اعمار حقيقة تشمل بناء احياء سكنية ومدن وطرقات ومؤسسات تلبي احتياجات سكان المناطق المحررة والريف الوطني ولاهمية الخطوة نستعرض لمحة عن المناطق المحررة وابرز التحديات التي تواجه عملية الاعمار والافاق المستقبلية لخطوة هامة كهذه.
لمحة عن المنطقة : تقدر المناطق المحررة من الصحراء الغربية والخاضعة لسلطة الجيش الصحراوي والحكومة الصحراوية بحوالي ثلث الصحراء الغربية، وهي مساحة شاسعة ذات بعد استراتجي في منطقة النزاع الذي عمر لاكثر من 40 سنة وقد حاول الاحتلال المغربي ضمها بالقوة لتخضع لاحتلاله لكن صلابة المقاومة العسكرية للجيش الصحراوي جعلته يتخندق خلف الجدران الرملية التي اقامتها قوات الحسن الثاني لعزل المناطق التي عجزت قواته على السيطرة عليها.
ومنذ وقف اطلاق النار بدأ الاستقرار يعود تدريجيا الى تلك المناطق التي تضم منطقة بئر لحلو، تفاريتي، امهيريز، ميجك… لتستقر مجموعات سكانية من المواطنين بها وينتعش قطاع الرعي خاصة في السنوات التي تشهد هطول امطار يحيا بها نبات الارض وتخضر فيها الاودية والسهول وتجد الماشية الماء والكلاء..
هذا الاستقرار شجع جبهة البوليساريو والحكومة الصحراوية على مراجعة التعاطي مع هذه المناطق التي كانت تصنف على انها عسكرية بسبب تواجد الجيش الشعبي الصحراوي على مساحتها لتشجع البناء والاعمار فيها من جديد خاصة انها تضم مرافق قديمة دمرتها الة الحرب المغربية خاصة في تفاريتي.
هذه السياسة عبرت عنها جبهة البوليساريو مباشرة بعد توقيع اتفاق وقف اطلاق النار وكانت تدرس الموضوع بجدية تجسدت ثمارها في تشييد مستوصفات ومرافق في مناطق متفرقة من الاراضي المحررة، لكن الامر شهد تراجع وفتور في السنوات الاخيرة، بالرغم من شعارات الاعمار التي اصبحت مناسباتية اكثر منها حقيقة ميدانية وبالذات في المؤتمرات الشعبية الاخيرة (الثاني عشر والثالث عشر) التي اولت اهتماما متزايدا بالمناطق المحررة كبعد استراتيجي في عملية البناء وتجسيد سيادة الدولة الصحراوية في الجزء المحرر من الصحراء الغربية، وهو ما عجل بإنشاء وزارة للبناء وإعمار الاراضي المحررة اوكلت اليها مهمة الاعمار في تلك المناطق، لكن المشروع تعثر بسبب ملفات فساد في صرف الميزانيات الضخمة المخصصة لبناء احياء سكنية بمنطقة تفاريتي كبداية للاعمار تفتح الطريق لاعمار باقي المناطق.
مرافق حيوية ينقصها الدعم:
توجد بعض المرافق الحيوية في تفاريتي كمستشفى نبارا المجهز بكافة التجهيزات الحديثة ويضم قطاعات لايواء ومعالجة المرضى وغرف لاجراء العمليات الجراحية.
كما توجد مستوصفات ببقية المناطق لكن ينقصها الدعم.
كما توجد مدارس في كل من بئر لحلو وتفاريتي ومهيريز وميجك.
لكن غياب الجدية والمتابعة في عملية الاعمار كما ان تداخل صلاحيات ومهام الجهات ذات العلاقة بالمناطق المحررة (وزارة الاعمار، وزارة.. الريف الوطني، وزارة التعليم، النواحي العسكرية، البلديات…) تداخل الصلاحيات وتدافع المهام يعرقل اي مشروع من شأنه تطوير البنية التحتية في تلك المناطق من شأنها استقطاب عدد معتبر من السكان الصحراويين الذين تغريهم حياة البداوة والارتباط بالارض فضلا عن القدرة على سد حاجياتهم الصحية والاجتماعية، وتوفير ظروف التمدرس لشريحة واسعة من الاطفال المحرومين من الدراسة بشكل مستمر يضمن لهم مستقبل دراسيا ناحجا بسبب محدودية المدارس والتذبذب الحاصل في العملية التربوية في كل من بئر لحلو وتفاريتي ومهيريز، وهو ما جعل المجهود المقدم في مجال التعليم يراوح مكانه بسبب ضبابية الرؤية في عملية البناء المؤسساتي بالمناطق المحررة وضعف البرامج الموجهة للسكان هناك والمرجوا منها تلبية الحاجة الماسة في الكثير من مجالات الحياة، كما يعكس الواقع الذي تعيشه تلك المناطق ضعف التعاطي الرسمي للحكومة الصحراوية مع هذه المناطق الشاسعة الخاضعة لسلطة الدولة.
كما تعاني المدارس هي الاخرى من الاهمال وبالرغم من العدد المتزايد للتلاميذ الناجم عد زيادة عدد السكان بالمناطق المحررة إلا ان المدارس تعاني من قلة الامكانيات وعدم شمولية الاقسام لكافة الفصول الدراسية المحدودة على المرحلة الابتدائية، كما انها مدارس قديمة وتعاني من عدم الترميم من تأسيسها كمدارس تجريبية، بالاضافة الى ضعف مستوى بعض المعلمين بها وعدم تدخل الوزارة المعنية لتأهيل المعلمين .
يضاف الى ذلك وجود بعض المستوصفات والمستشفيات التي تستقبل المرضى وتقدم الاسعافات الاولية ولكنها تحتاج للادوية والخبرات الطبية المحدودة جدا.
كما تضم المناطق المحررة بعض المساجد نذكر منها مسجد تفاريتي والمسجد الجديد القديم بامهيريز والذي بني على انقاض مسجد ذهب ضحية الاهمال والظروف الطبيعية، بالاضافة ايضا الى وجود بعض المساكن العائلية واسواق ونقاط بيع للمواد الاولية على نقاط العبور.
وبالرغم كذلك من وجود وزارة لاعمار المناطق المحررة ترسم المشاريع وتشرف على تشييدها بالتعاون مع المنظمات الداعمة يعاني سكان المناطق المحررة والريف الوطني من نقص في المواد الاولية وندرة المحروقات والارتفاع الجنوني لاسعارها بسبب الاجراءات الامنية الاخيرة المتمثلة في تسقيف الكمية المسموح بخروجها من مخيمات اللاجئين الصحراويين الى المناطق المحررة، وهو ما ادى الى الغلاء الفاحش لاسعار هذه المادة الحيوية في تسهيل حركة الاليات بالمناطق المحررة واعتماد سكان البدو على النقل كوسيلة للحركة وتلبية احتاجاتهم اليومية.
وبدلا من ان تدعم الحكومة الصحراوية بعض المواد الضرورية كالمحروقات تقوم بعض الجهات الرسمية ببيع المحروقات للسكان المجاورين لها باسعار تضاعف ثمنها ثلاثة مرات بالمخيمات وهو الامر الذي يؤثر سلبا على السكان في ظل تدني القدرة الشرائية لاغلبهم ووجود عائلات كبيرة تحتاج للنقل وحركة الاليات.
وهو ما يعطل مصالح سكان تلك المناطق خاصة مع وجود حصة المؤسسة العسكرية من المحروقات ضمن الكمية المسموح بها والمنافسة الشرسة للمهربين الذين يستولون على حصة الاسد من تلك الكمية المسموح بها وضعف الاجراءات الامنية الصحراوية المنظمة للعملية برمتها.
التنظيم الاداري يراوح مكانه في ملفات النسيان
لاتزال المناطق المحررة تعاني من تجسيد التقسيم الاداري الموجود في ملفات النسيان الى واقع ميداني يستقبل المواطنين ويستمع لانشغالاتهم لترى طريقها الى الحل، لكن هشاشة التنظيم الاداري وغياب مقرات للبلديات تضم مرافق واطقم ادارية تقدم خدمات للمواطنين وتؤطر الحالات الاجتماعية، ضمن البلديات يشكل نوعا من الفراغ الاداري الذي تعيشه تلك المناطق بالرغم من وجود رؤساء بلديات “صورية” يتم تعيينهم في مخالفة للقانون المعمول به في بقية البلديات الموجودة بالمخيمات والتي يخضع رؤساها للانتخاب.
معوقات موضوعية في طريق الاعمار
تفرض جملة من التحديات نفسها كشحة مصادر المياه وصعوبة حفر الابار وبعد المناطق من المخيمات كلها تحديات قائمة في ظل الامكانيات المحدودة وتقليص الدعم الخارجي الموجه لمختلف المشاريع التي تهم اللاجئين الصحراويين سواء بالمخيمات او مشاريع البناء بالارض المحررة، مع ضعف التجاوب الرسمي مع حاجة المواطنين الذين يعانون من ندرة المياه في اغلب المناطق في غياب اي مبادرات رسمية لحفر الابار في المناطق السكنية ومحطات العبور مع دول الجوار، او مشاريع لبناء السدود وتخزين مياه الامطار.
كما ان تلك المناطق تحيطها ظروف امنية غاية في التعقيد تطبعها الحالة الامنية للدول المجاورة وتضييق الخناق على التهريب ومصادر دعم الارهاب بالمنطقة والتصدي للجريمة المنظمة ومحاصرة تدفق المخدرات من المغرب وتهريب المحروقات وحالة الفوضى في شمال مالي وانتشار السلاح، كل هذه التحديات تجعل جبهة البوليساريو امام تحديات من نوع اخر والتفاعل باجابية مع عمل هذه الدول في التعاون على حماية حدودها من تلك الافات والتحديث المستمر لاساليب التعامل مع المتغيرات قبل ان يتجاوزها الزمن في منطقة كانت بالامس القريب تسيطر على جغرافيتها وتحفظها من اي مكروه.
هل من دور يمكن ان يلعبه الاتحاد الافريقي والدول المانحة في عملية الاعمار؟
لا شك ان الاتحاد الافريقي والدول المانحة وجمعيات التضامن والصداقة مع الشعب الصحراوي بإمكانها المساهمة الكبيرة في عملية البناء و الانخراط في حملة دولية لاعمار المناطق المحررة وتوفير الخدمات الاساسية وبنية تحتية للمواطنين الصحراويين هناك والمساهمة في مشاريع تنموية لتعزيز حقيقة الدولة الصحراوية كعضو في الاتحاد الافريقي وشريك قاري في النهوض بالقارة الافريقية.
شعار الاعمار لماذا يغضب الاحتلال؟
رفعت جبهة البوليساريو شعار الاعمار خلال المؤتمر الشعبي العام الثاني عشر لتضعه في مقدمة الاولويات كخيار ينسحم وشعار المؤتمر، هذا التوجه الجديد وهو في طور التنظير كان بمثابة الضربة التي اصابت الاحتلال في مقتل وجعلته يقوم بهالة اعلامية للقيام بمسيرات الى المناطق المحررة ورفع شعارات “استرجاعها” لكن مالبثت ان صمتت تلك الدعاية مع صمت الحكومة الصحراوية عن الاعمار وتجاهله.
لكن السؤال عن سر غضب الاحتلال يدفعنا الى البحث عن الجواب الانسب والذي يراع البعد الاستراتيجي في قيام دولة صحراوية على جزء محرر بدلا من بقائها في المنفى وهو ما سيكشف للعالم قدرة الصحراويين في ممارسة سيادتهم وتجسيدها كواقع حقيقي على ارض الميدان وبالتالي يكون الاعمار بداية التحرير الحقيقي للوطن المحتل … فغضب الاحتلال لم يكن عبثا فيما يبقى تقاعسنا عنه العبث بعينه.
افاق مستقبلية تتحكم فيها ظروف المرحلة
للنهوض بمشاريع البناء المتعثرة في المناطق المحررة بسبب الاهمال وغياب المتابعة الفعالة للبرامج والخطط السنوية التي ترصد لها الدولة ميزانيات كبيرة لا يكون لها اثر ملموس في واقع الامر مما يستوجب وضع خطة عمل تضع في اولوياتها وضع تصور شامل وهيكلة تحدد الصلاحيات والمهام بين الجهات ذات الاهتمام تضع في اجندتها : توفير بيئة ملائمة للسكان وبناء احياء سكنية في كافة المناطق وحفر الابار والقيام بعمليات تشجير وتشجيع المزارع الخاصة والعمل على انشاء مزارع كبيرة في مختلف النواحي العسكرية لتحقيق اكتفاء ذاتي يعود نفعه على المقاتلين والمواطنين بتلك المناطق.
ويمهد لبناء مقرات رسمية لمؤسسة الرئاسة والمجلس الوطني والحكومة والمجلس الدستوري والمحكمة العلياء غيرها من المقرات السيادية ليتم تجسيد فعلي للدولة الصحراوية على اراضيها المحررة وتكون هذه المناطق قبلة للوفود الصديقة والشقيقة والمبعوثين الاممين والدوليين وحركة التضامن مع الشعب الصحراوي وهو ما سيساهم في حلحلة الجمود الحاصل في مسار التسوية الاممي ويسرع بحل يضمن قيام الدولة الصحراوية على كامل التراب الوطني.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *