-->

رسالة تقدير الى ساستنا الكرام.


أتساءل كم هي النسبة المئوية لمواطنينا المنخرطين في سوق السيارات غير الشرعي من إسبانيا الى الجزائر؟
و كم لدينا من الحاصلين و طالبي للمساعدة في بلاد الباسك؟
وكم هو عدد من تحصلوا على اللجوء السياسي، ومن يسعون في انتظار ذالك “la resa” في فرنسا؟
وكم هو الكم الهائل من المرشحين للهجرة الشرعية و غير الشرعية؟
وكم لدينا من التبتابة في الجزائر؟
وكم هي نسبة اولئك الذين فضلوا العيش في مناطقنا المحتلة، كي لا نقول الإرتماء في أحضان العدو؟
في القرن الواحد و العشرين، قوة الطرد المركزي لثورة 20 ماي أصبحت مرتفعة إلى مستويات تتجاوز الخطر.
من منا لا يتذكر سبعينيات القرن الماضي اين كانت القوة الجاذبية لثورة 20 ماي كافية ليس فقط لجلب الصحراويين أين ما تواجدوا، بل كانت قوة جاذبيتها لامعة إلى درجة انها قد ضمت الى صفوفها أبناء الشعب الموريتاني الشقيق.
ان العدد الهائل من العناصر التي رمتها قوة الطرد المركزي إلى خارج الدائرة أصبح اليوم يشكل قوة مُرتفعة للغاية.
لكن لن نقم بالبحث عن الأسباب، كلا!.
كل ما يهمنا هو النظر لهذه الظاهرة من زاوية الطاقة.
أو بعبارة أخرى، “تجنيد كل الطاقات الوطنية لربح المعركة المصرية”. هذا شعار يكفي لشرح أو تفسير الموضوع برمته.
في سبعينيات القرن الماضي، و بفضل القوة الجاذبية للثورة، كان تجنيد كل الطاقات يدفع بالقضية الى الامام وحينها تمكنت القضية من حيازة انتصارات في جميع الميادين. كان استثمار الثورة واستثمار الدولة الفتية في الانسان الصحراوي له أرباح مضاعفة، وكان ذاك الإنجاز بمثابة ذراع آخر من أجل الدفع بالقضية الى الامام.
آنذاك كان حقا الاعتناء والاستثمار في المواطن الصحراوي هدف تضرب له أباط الإبل.
اليوم، من الواضح أن جميع تلك النسب التي تساءلنا عنها في بداية هذا المقام، هي طاقات لم يتم تجنيدها، إنما طاقات خسرتها القضية، هي طاقات لم تستفد منها القضية بشكل مُباشر. أما بشكل غير مُباشر لعل هناك شيء ممكن ان نسميه “مساهمات ظرفية لنصرة القضية”. المهم هو أنه في مجالات الجيش والصحة و التلعيم و الإدارة الخ، القضية لم تستفد من جميع النسب التي تساءلنا عنها.
اليوم و بفضل سياساتكم الفاشلة، عدد الأطباء الصحراويين في أصغر مقاطعات إسبانيا أصبح أكثر بكثير من عدد الأطباء الصحراويين المتواجدين في جميع المؤسسات الصحية للدولة الصحراوية. و عدد الأساتذة الصحراويين في أي مقاطعة إسبانية أكثر بكثير من عددهم في منظومتنا التربوية و عدد المفكرين و المهندسين و المحامين والتقنيين و اللائحة طويلة جدا.
عجز السلطة الذريع هو السبب الرئيسى في هذه الظاهرة. بالرغم من طول مدة ممارستهم للسلطة بكل حرية، والنتيجة كانت حتما عكس ما تتطلبه القضية. إن فشلهم في إحتضان و تجنيد و التمسك بكل الطاقات الوطنية هو لامع بطاقاتهم التعريفية.
للأسف الشديد، بعد ما يُقارب من ثلاثين سنة، أثبتت التجارب أن أحسن شئ يُجيده و يتقنه ساستنا الكرام في الجبهة هو القدرة الهائلة على تشتيت الطاقات الوطنية حتى أبنائهم لم ينجوا من هذا التلاشي.
وحتى عن تجنيد أبنائهم أصبحوا عاجزين، ما يزيدنا حزن و تشاؤم حين نكرر شعار “تجنيد كل الطاقات الوطنية لربح المعركة المصيرية”.
يا سادتي الكرام، بعد مروركم بكل الوزارات و بكل الولايات و بكل السفارات والتمر واللبن فهل مازال لديكم ما تقدمونه من أجل إستعاب كل الطاقات الوطنية؟
بالله عليكم، ألم ترون أنه حان الأوان لتجلسوا في خيامكم لعل أحد أبناء شعبكم يكون أكثر حظًا في هذه المعركة؟
ألم تثقوا في الشعب الذي يثق فكم؟
هل تظنوا أن عجزكم أصاب الأمهات الصحراويات و أصبحن عاجزات عن انجاب رجال و نساء قادرين على مواصلة الكفاح و النضال؟
يا البشير، يا ولد السالك ، يا عبدالقادر، يا حمة سلامة، يا بلاهي السيد، يا محمد لمين ددي، يا محمد سيداتي، يا منصور عمار، يا سالم لبصير، يا امحمد خداد، يا خطري ادوه، يا ولد البهالي، يا خديجة حمدي، يا مريم احمادة و يا سيداحمد البطل، يا النعمة ولد الجماني، يا بشرايا بيون، يا السالك بابا…. بالله عليكم، ألم ترون أنه حان الأوان ودقة الساعة؟
واهلا و سهلا و مرحبا بكم بين خيامنا. أرجعوا و اسرحوا و امرحوا بين خيامنا. أتركوا الامر لأبنائنا.
والله. نحن نكن لكم كامل التقدير و الاحترام والعرفان. انتم بمثابت أبائنا. ولكن من باب مسؤوليتنا عليكم أن ننصحكم التقاعد. لقد أديتم كل ما بوسعكم تأديته.
وان مراد في هذا التعليق هو تسليط الضوء على خسارة القضية لعدد هائل من الطاقات البشرية، برهنت تجارب ما يُقارب من ثلاثين سنة، عجز ساستنا الكرام عن استقلالها أو عن جلبها لتكون دافع بالقضية الى الأمام.
هل ممكن أن نتساءل اليوم عن حال التعليم و الصحة و الجيش و الإدارة و القضية عموما، لو كانت سياسة ساستنا الكرام قادرة على جلب و تجنيد جميع الطاقات الصحراوية؟
من الذي لا يُريد طرح السؤال؟
هل عجزكم هذا هو بمثابة حرمان جزء مُعتبر من أبناء هذا الشعب من حقهم في المساهمة في بناء الدولة الصحراوية؟
أحقا. كل الأبواب مفتوحة للإنخراط في الجيش، مثلا. و هذا لا شك أنه سيتكرر. لكن الملموس يقول أنكم عاجزين عن ذلك،ولم تفلحوا في تنفيذ سياسات تمكن القضية الصحراوية من الاستفادة من مساهمات جميع أبنائها. إن عجزكم الذريع أدى بالقضية إلى حرمانها من مساهمة أبنائها. إنكم أنتم و تسييركم وعلاوة على كل شيء، تمسككم بالكراسي المنقطع النظير، أدى بالقضية الى نزيف كميات مُعتبرة من الدماء.
للأسف حضور انتصارات القضية الصحراوية في الصحف العالمية أصبح يُنافسه حضور جرائم أبناء القضية في نفس الصحف العالمية.
في الذكرى ال42 لاستشهاد الولي مصطفى السيد.
9 يونيو 2018.
بقلم : ابن ثورة 20 ماي.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *