-->

كلمة طغت على الإنسانية....

بقلم : الشيخ لكبير / محمد البخاري.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ شاركني أحد الأصدقاء بعد قراءته لمقالي الأخير عن ظاهرة اجتماعية بالغة الأهمية مما دفعني هذا الأخير للبحث و الاستقراء عن حيثياتها ، فقبل هذه الظاهرة لا بد أن نعرف أن الأسرة المكوَّنة من الأبوين أقدم مؤسَّسة اجتماعية للتربية عرفها الإنسان، ولا زالَت الأسرةُ في المجتمعات المختلفة هي مصدر التربية والمعرفة بالنسبة لأبنائها ، ورغم ذلك تظلُّ المؤسسة الأولى في حياة المجتمع الحديث أيضًا في التربية ، و لكن قد يصيبها عائق فتنهار و ينهار المجتمع معها ، فيتعبر هذا العائق ظاهرة اجتماعية خطيرة تتفاقم في مجتمعاتنا يوماً بعد يوم، مجرد كلمة تنهار البيوت بسببها ، إنها كلمة الطلاق التي تدفع بالأزواج ممَّن لم يتجاوزوا الثلاثين من العُمْر إلى الانفصال عن بعضهم ، قال الله فيه (الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ... )، وهو "أبغض الحلال عند الله " كما ذكر الرسول صلى الله و سلم ، لما يترتب عليه من آثار سلبية في تفكك الأسرة وكما أنه يعيق سيرورة المجتمع في التقدم و الازدهار ، فهذه الظاهرة قد طوقتها الأقلام أكثر من مرة و ما أنا إلا قطرة في بحر أحاول أن أستعير بلاغة القول لأعبر عن كل ما في صدري و إنه ليسعدني أن أجول بفكري و عقلي متحدثا عنها ، فمن الأمور التي يتم سؤالي فيها في موضوع كلمة طغت على  الإنسانية  (الطلاق ) هو: ما هي الأسباب التي تؤدي للطلاق ؟ و ماهي آثاره الناتجة عنه ؟ وكيف يتم معالجة هذه الأسباب ؟
فالأسباب المؤدية للطلاق كثيرة و متنوعة و لا يمكن حصرها في مقال أو عدة مقالات و لكن سوف أسلط الضوء على بعض منها كما هو مألوف في مجتمعنا ، فمنها ما هو مقنع يمكن سرده فهذا المقال و منها ما هو غير مقنع فلا داعي لذكره ، فمن الأسباب المقنعة كأسباب واقعية تتعلق بمقدمات الزواج كسوء الاختيار مثلا ، فالبعض يختار على حسب القرابة و قد لا يصيب الهدف ،ومنها ما هو متعلّق بالزوجة ككراهيتها للرجل والنفور منه، وعدم القدرة على الإنجاب، وعجزها عن الوفاء بدورها كزوجة، وإهمالها لشؤون البيت، والتحريض من صديقاتها أو قريباتها تحت شعار ( الرجال ما ينحن أعليهم ) ، ومنها الرغبة في تعدد الزوجات مع عدم العدل كما هو حال كثير من الرجال ، كما أن ضعف التوعية الدينية في الحقوق والواجبات الأسرية وما تتضمنه من صور مختلفة تعتبر سبباً مقنعاً من أسباب الطلاق فضعف الوازع الديني في الأسرة يؤسس لها الفشل والإيمان له أثرٌ فعال في ضبط السلوك فلا استقامة لأمر الدين والدنيا إلا بمعرفة الله تعالى والإيمان به ، و كذلك الغيرة التي تؤدي إلى إثارة الخلافات والمشاكل، ومن خلالها تنعدم الثقة بالطرف الآخر، و منها ما هو متعلق بالرجل كضعف الدخل المالي ( افلان ماعندو شيء ) ، وصراع في الأدوار بين الزوجين، فكل منهما يريد لعب الدور الأساسي في الأسرة والسيطرة، خاصة إذا شاركت الزوجة في الدخل الاقتصادي للأسرة تبدأ بأمر و تنهى عن أخر و تارة ترفع صوتها على زوجها في بعض الأوقات ، و يبقى الزوج ينظر يميناً و شمالاً يميل مع النعامة حين تميل ، وبإضافة إلى أن الاختلاف في المكانة الاجتماعية (مكانة الأسرة - المكانة الوظيفية - المكانة التعليمية) يعتبر سببا  في بعض الأحيان، وتدخل بعض أفراد أسرة الزوج أو الزوجة مما قد يفسد العلاقة بينهما ، كما أشير إلى أن طغيان شخصية أحد الزوجين على الآخر بشكل ملموس يؤجّج الخلافات بينهما، مع كثرة المطالب التي لا يتحمّلها طرف من الآخر وهذا قد يؤدي إلى خلاف، ومن ثم الطلاق .
يعاني المجتمع بعد حدوث مشكلة الطلاق من نشوب المشاجرات والمشاحنات ، كما يؤثر في نفسية الأقارب بشكلٍ عام، ولا بد من الإشارة إلى أنّ الرجل يعاني من العبء المالي، وزيادة الهم الذي قد يؤدي به إلى القيام ببعض التصرفات الضارة به أولاً وبالمجتمع ثانياً، علماً أنّ هذه الآثار لا تقف عند حد الرجل وإنّما تتجاوزه إلى المرأة أيضاً، مما يجعلها تفكّر بأي طريقة للعيش وإن كانت غير صحيحة ومنحرفة، وبالتالي يتأثر المجتمع كله ، بالإضافة إلى تشرّد الأولاد يتشتت الأولاد نتيجة طلاق والديهم مما يؤدي إلى عدم الاهتمام بهم، وبالتالي تشردهم كما تزيد احتمالية حدوث مشاكل في المجتمع فينهار المجتمع بسبب هذه الكلمة.
و في الأخير فإن معالجة هذه الظاهرة الخطيرة التي تم ذكر الأسباب المؤدية إليها ، فالالتزام الديني بوصية الله سبحانه وتعالى بحسن التعامل و المعاشرة بين الزوجين كما قال تعالى (( و عاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً و يجعل الله فيه خيراً كثيراً))، وأن يؤدي كل واحد منهما مسؤوليته على أكمل وجه ، مع تحمّل المسؤولية الأسرية الزوجية فقد قال الرسول صل الله عليه وسلم " كلكم راعِ وكلكم مسؤول عن رعيته)).

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *