-->

إضراب عام يشل عددا من المدن التونسية احتجاجا على الاوضاع المعيشية


دخل موظفو قطاع الوظيف العمومي في تونس يوم الخميس, في إضراب حضوري عام عن العمل, في مختلف ولايات البلاد, إحتجاجا على إستثنائهم من الزيادة في الأجور ,في تصعيد من شأنه أن يرفع من حدة التوتر في البلد الذي يعيش على وقع ازمة اقتصادية وسياسية حادة وسط وعود حكومية باصلاحات شاملة في الأفق.
وعرفت شوارع والانهج الرئيسية للعاصمة تونس, منذ الساعات الاولى لصباح اليوم, "سكونا نسبيا" اثر غلق عدد من الإدارات المركزية التابعة لقطاع الوظيفة العمومية وتعطل إسداء الخدمات الإدارية للمواطنين على غرار القباضات المالية وتوقف الدروس بالمدارس الابتدائية والإعدادية والمعاهد الثانوية حسب ما اوردته وسائل الاعلام المحلية.
كما كانت جل محطات المترو والحافلات تقريبا خاوية وحتى عربات المترو لم تكتظ بالموظفين والتلاميذ والطلبة مثلما يحصل في الأيام العادية علاوة على انسيابية كبيرة في حركة النقل وسط العاصمة.
وفي المقابل أبقت العديد من المؤسسات ضمان الحد الأدنى من الخدمة, وهو ما أكدته ناظرة قسم الاستعجالي, لمياء بن عمر, التي ذكرت أن كل المجالات الاستعجالية تتم تغطيتها بشكل متواصل مع تجند لكل العاملين في القسم.
وكان منعم عميرة, الأمين العام المساعد المكلف بالوظيفة العمومية بالاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر مركزية نقابية) في البلاد, الذي دعا للاحتجاج, قد قال أن الإضراب سيشمل كل الوزارات والإدارات المركزية و الجهوية التابعة لها, باستثناء أقسام الاستعجالات بالمستشفيات العمومية وخدمات النقل , كما تشمل موجة الاحتجاج هذه كافة المؤسسات التعليمية بجميع مستوياتها الابتدائية والإعدادية والثانوية والتعليم العالي, ومختلف المؤسسات الخاضعة لقانون الوظيف العمومي.
كما لم يستبعد الأمين العام المساعد بالإتحاد العام التونسي للشغل محمد علي البوغديري, أن تقر الهيئة الإدارية للإتحاد المزمع عقدها يوم السبت المقبل إقرار إضراب عام وطني في الوظيفة العمومية والقطاع العام.
ويأتي تنفيذ الإضراب الذي يشمل اكثر من 650 ألف موظف عمومي, حسب منظميه, نتيجة رفض الحكومة تحسين القدرة الشرائية لأعوان الوظيفة العمومية, على غرار ما تم إقراره لفائدة موظفي القطاع العام والقطاع الخاص, مؤكدين أن "هذا الرفض جاء نتيجة لاملاءات صندوق النقد الدولي الذي رفض الزيادة في كتلة الأجور".
وأشار منظمو الاحتجاج إلى أن المفاوضات الاجتماعية اقتصرت على لقاءات ثنائية بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد والأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي في ثلاث مناسبات, لم يتلق فيها الاتحاد تجاوبا من طرف الحكومة التونسية التي تسعى لخفض فاتورة أجور القطاع العام إلى 12,5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020 عن حوالي 15,5 بالمئة في الوقت الحالي, وهو أحد أعلى المعدلات في العالم حسب صندوق النقد.
رجحت تقارير إعلامية, اليوم الخميس, أن هذا التصعيد سيكون بمثابة "إختبار حقيقي" لقدرة حكومة رئيس الوزراء يوسف الشاهد, على إدارة "معركة قوية" والمضي قدما في خطط إصلاحات اقتصادية معطلة وسط أزمة سياسية واقتصادية حادة تعصف بالبلاد.
ووجدت الحكومة التونسية نفسها تحت ضغط قوي من المقرضين الدوليين وخصوصا صندوق النقد الدولي الذي يحثها على تجميد الأجور في إطار إصلاحات للقطاع العام تهدف للحد من عجز الميزانية.
ورغم الإشادة بالانتقال الديمقراطي "السلس" في تونس إلا أن البلاد في "قلب أزمة اقتصادية" منذ ثورة 2011 التي أنهت حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي خصوصا مع تفاقم البطالة وارتفاع معدلات التضخم لمستويات قياسية وهبوط قيمة الدينار التونسي.
وتدراكا منها للأوضاع, تعتزم الحكومة التونسية انفاق 6150 مليون دينار سنة 2019, على شكل استثمارات عمومية, تشكل 5,1 بالمائة من الناتج الاجمالي للبلاد في ظل مطالب جهوية متنامية وانتقادات لتعطل مشاريع سابقة مقابل تعويل حكومي على تعبئة المزيد من موارد الادخار وتطوير الجهاز النقدي لتمويل الاقتصاد.
وستمول السلطات التي تتطلع الى أن يدرك الاقتصاد الوطني العام المقبل عتبة نمو في حدود 3,1 بالمائة, ميزانية الدولة عن طريق تطوير القطاع المالي والبنكي ودفع الادخار خاصة وان ميزانية الدولة لسنة 2019 تناهز 40861 مليون دينار, أي بارتفاع قدره 8,5 بالمائة مقارنة بسنة 2018 .
وتكاد كتلة الاجور البالغة 16515 مليون دينار, تشكل ثلاثة أضعاف المبلغ المخصص للتنمية, في حين ستوجه الحكومة 4350 مليون دينار لدعم المواد الاساسية والمحروقات والنقل سنة 2019 في ظل ارتفاع متوقع لنسق تسديد الدين الخاريج .

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *