-->

فرنسا ترى حل قضية الصحراء الغربية في 2020! ماذا وراء الأكمة ؟


فرنسا من اخبث الدول الاستعمارية وأكثرها مكراً وقدرة على خوض الحروب الفكرية، وهي من خلال هذه التصريحات المنسوبة تارة لوزيرة دفاعها وتارة لبعض سياسييها فانها تُمارس الخداع والتضليل الاستراتيجي بمعنى تضليل الخصوم عن أهدافها الحقيقية وشل قدراتهم وتركهم يتوهمون في انتظار نقطة زمنية ترسمها لهم وتطبخ نهايتها على نار هادئة.
اختيار فرنسا لهذا التاريخ ليس اعتباطياً بل جاء نتيجة تقديرات واعتبارات كثيرة تتعلق بالوضع المتغير في الإقليم وفِي العالم واهم معطى هو كونه يمثل نهاية العهدة الاولى للرئيس الامريكي ترمب وادارته الحالية والذي من المتوقع ان لا يحصل على ثقة الناخبين لولاية ثانية هذا اذا اكمل هذه الاولى أصلاً بدون الإطاحة به بسبب الفضائح والمتابعات القانونية.وجود المستشار الامريكي للأمن القومي جون بولتون مرتبط بشكل كبير بوجود ترمب في السلطة وهذا الثنائي هو الذي يؤرق فرنسا بسبب صعوبة التنبؤ بقراراته وتوجهاته نظراً لقوة الشخصية وصلابة الأفكار والذاتية “الايغو” التي يتمتع بها الشخصين، ولَم يخفف من حدة القلق المغربي الفرنسي ما بذله المغرب وفرنسا بدق المسامير في حذاء بولتون (عن طريق التوسط لدى اللوبي الصهيوني) وكذلك رشوة لوبيات الأسلحة ببعض الصفقات المليارية بين المغرب وأمريكا على شكل دبابات ومروحيات ومناورات عسكرية مشتركة مع المارينز في المغرب.ومن المعروف ان لوبيات شركات الأسلحة من أقوى اللوبيات الموجودة في جادة k بواشنطن ولها علاقات وتأثير كبير على الرئيس ترمب، ولكن كما اسلفت انه رغم كل هذا تبقى فرنسا والمغرب متخوفين جدا من توجهات هذين الشخصين وتعمل فرنسا بقدر الإمكان مع المحتل المغربي على اضاعة الوقت بمفاوضات شكلية وبيع الأوهام والآمال الكاذبة بامكانية الحل الى ان تمضي فترة حكم ترمب وبولتون حينها تعود المياه لمجاريها وتكون فرنسا ومحميتها المغرب قد عملوا على جبهات اخرى لاضعاف واختراق المشهد الصحراوي الداخلي والاستمرار في سياسة الهجوم التي بدأ المحتل المغربي بالعمل بها في السنوات الاخيرة بدل الدفاع، والتي أصبحت تظهر في عدة أشكال بداية بالمخدرات وتمويل عصابات ومرتزقة صحراويين لإدخالها للمخيمات وللقيام بعمليات اجرامية وبث التفرقة ومرورا بتفكيك واخماد قوة الانتفاضة في المناطق المحتلة وابراز عملاءها من الولاة والشيوخ كممثلين للشعب الصحراوي وكمستفيدين من ثروات الصحراء الغربية وما يشمله ذلك من وسائل الترغيب والترهيب من بطاقات إنعاش للبعض ومن سجن واضطهاد لآخرين بالاضافة لترويج انواع المخدرات في أوساط الشباب الصحراوي.ما يغذي الذاتية بالنسبة لترامب وبولتون ويدفعهما للضغط على المغرب هو أمرين، بالنسبة لترمب هو موقف ملك المغرب بدعم المرشحة المنافسة له آنذاك كلينتون بحوالي 28 مليون دولار كرشوة لمساعدته في احتلاله للصحراء الغربية وبالنسبة لبولتون هي تجربته كمساعد لجيمس بيكر، ويعتبر بيكر الشخصية الامريكية الأقوى التي أدارت الملف وتبقى حلوله ومقارباته هي الأقرب والأنسب لأي حل مستقبلي وكانت نتيجة لعمل شاق حصل خلاله على دعم أمريكي غير مسبوق نظراً لمناصبه السابقة وعلاقاته بين النخبة السياسية الامريكية، وخلال هذا العمل كمساعد تعرف بولتون على القضية بشكل عميق ووقف عن قرب على حجم العراقيل وانعدام الإرادة لدى الطرف المغربي واستهتاره بالجهود الامريكية التي بذلت لإنهاء هذا الصراع، ومنذ ذلك الحين بدا فكر بولتون يتبلور حول ضرورة الضغط على الأطراف وخاصة المغرب لإرغامه على ايجاد حل لهذه القضية التي عمرت طويلاً وأنهكت الخزانة الامريكية بتمويل بعثة المينورسو بدون مقابل حقيقي بالنسبة لامريكا.شمال افريقيا ودولها بالنسبة لفرنسا هي كالعجينة التي عجنتها بأيديها وتعرف جيدا ما يجري في هذه الدول بل وتدير شؤونها وتصنع مساراتها وتوجهاتها في غالب الأحيان، لانها وان كانت خرجت من باب الاستعمار المباشر فانها دخلت من نافذة الاستعمار الجديد او “نيوكولونياليزم” بمخابراتها واستثماراتها وحتى باتفاقياتها الاستعمارية السرية التي تنهب من خلالها نسبة كبيرة من ثروات هذه الدول وكذلك من خلال عيونها وآذانها ومراكز بحثها المتخصصة في رصد التطورات ورسم خارطة التوجهات المستقبلية لهذه الدول.
وهنا تجدر الإشارة الى ان شخصيات من غرفة التجارة الفرنسية كانت مطلع الأسبوع الفارط في الداخلة المحتلة لتوقع اتفاقيات اقتصادية مع العملاء والمستوطنين المغاربة هناك ومع نهايتها بدات تظهر هذه التصريحات الفرنسية الغير بريئة بتاتاً.
نتفق مع فرنسا في إمكانية ان تكون السنة القادمة هي سنة الحسم او التطور في القضية الصحراوية مع اختلاف المنظور وبنية المعطيات، لانه كما أشرنا في مقال سابق ان هذه السنة ليست هي سنة الحسم ولكنها سنة التغيير فمعظم دول الجوار بالاضافة للدولة الصحراوية تشهد تغييرات عميقة اما عن طريق الانتخابات او بطريق الثورات وهذه التغييرات لا بد سيكون لها انعكاس على القضية، كما ان صبر الشعب الصحراوي بدا ينفذ والآمال في حل سلمي ينهي الصراع ويعيد للشعب الصحراوي حقه في الحرية والاستقلال بدات تضيق ما قد يدفع بالمنطقة لاستدعاء لغة النار والحديد من جديد اذا لم تتعقل جميع الأطراف المعنية بهذا الصراع وتنصت الأنظمة لصوت الشعوب وحقها في حرية الاختيار والعيش بسلام.
بقلم : زيني اعلي طالب.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *