لا شك أن المهتمين بشأن نزاع الصحراء الغربية يتتطلعون الى ما ستُسفر عنه الجولة الثانية من المحادثات التي تجرى في جنيف بين وفدي جبهة البوليساريو و المغرب و بحضور البلدين المجاورين موريتانيا و الجزائر و ذلك طبقا لجدول زمني سبق أن حدده المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي السيد كوهلر و تنفيدا لقرار مجلس الأمن الدولي 2440.
فإذا كانت الجولة الأولى التي تمت يومي الخامس و السادس دجنبر الماضي، كسرا للجليد و استأنافا لمسار تفاوضي متوقف منذ عام 2012 ، فموعد اليوم 21 و 22 مارس ينبغي أن يكون تواصلا و استمرارية منطقية للقاء الفائت و يؤدي بالفعل الى جريان المياه التي تصب في البحث الجاد و المسؤول و العادل و الدائم. فهل ستكون جميع الأطراف في المستوى و ترقى الى تطلعات شعوب المنطقة في السلام و الرقي و الإحترام المتبادل؟
إن ثلاثة و اربعون سنة من عمر النزاع منها ستة عشر سنة - بايامها و لياليها- حربا ضروسا تيقن خلالها المعتدي أن الحسم العسكري غير ممكن إطلاقا ،و ايضا الرهان على الزمن بعد ذلك و مارافقه من مناورات و دسائس سياسية و مخابراتية و غيرها لإضعاف عزيمة الشعب الصحراوي كان دون جدوى و بلا فائدة أمام إرادة الصحراويين و إلتفافهم وراء الجبهة الشعبية. و عليه يبقى نجاح المائدة المستديرة الثانية أو فشلها مرهون بصدق نية المملكة المغربية في الوصول الى حل النزاع طبقا لما تنص عليه مواثيق الأمم المتحدة و قرارات مجلس الأمن الدولي. إن الشرط الرئيسي للتقدم يظل بالتأكيد إزالة العرقلة الأساسية المتمثلة في تعنت المغرب و رفضه التسليم بأن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير الذي هو حصري له و حده و غير قابل للتصرف، و لا يمكن إنهاء مشكل الإستعمار من الصحراء الغربية بالإستمرار في مصادرة هذا الحق. إن تقرير مصير الشعب الصحراوي هو حجرة الزاوية في هذا اللقاء وما قبله وفي جميع المحادثات المستقبلية و هو ما يُعد كما أكد عضو الوفد المفاوض الأخ امحمد خداد نهار أمس لوكالة الأنباء الجزائرية " خط أحمر لا يجب تجاوزه " مضيفا : إننا نشارك في المائدة المستديرة الثانية بحسن نية و أنه " لن يتم الإقدام على أية خطوة دون الشعب الصحراوي، و الحلول المعطلة، كالحكم الذاتي باتت بالية تماما".
إن إهتمام المجتمع الدولي بالقضية الصحراوية و إصرار مجلس الأمن الدولي على تقليص عهدة المينورصو كدعوة لتعجيل الحل، اضافة الى إرادة الطرف الصحراوي و استعداد البلدين المجاورين للمساهمة و عزم المبعوث الشخصي السيد كوهلر كل ذلك يظل رهين الموقف المغربي إلا إذا قرر من بيدهم ناصية الأمور على المستوى الدولي إجبار المغرب على التخلي عن العرقلة و إضاعة الوقت مثلما أجبروه على الحضور في محادثات دجنبر الماضية و مارس الحالية.
منذ المائدة المستديرة الماضية كلما لا حظناه من مواقف و سياسات و تصريحات الحكومة المغربية و أقرب حلفائها، إنما تؤكد أن لاشيء تغير عند نظام المخزن. فإلى أي حد يمكن أن ننظر بتفائل الى هذا الموعد الجديد؟
إن المغرب بلاشك هو من يتحمل مسؤولية و تبعات عدم إحراز التقدم المأمول و بالتالي عليه أن يواجه ما ينبغي من زجر و عقوبات حتى لا تعود الحالة الى ماكانت عليه أو ربما أسوء و حتى يبقى الماء يجري لا ان يعود جليد.
بقلم: محمد فاضل محمد سالم

تعليقات
إرسال تعليق