-->

اما آن للرداءة ان ترحل


بقلم : ابالحبيب باهيه بوزيد 
الرداءة داء ان حل بدار قوم جلب معه الوبال و الخراب فالدمار ، ضيف سمج ثقيل يتسلل فينسحب على التفكير و التصور فيُعَطّْل التدبير و يرسي الاهمال و اللامبالاة و التقصير، و يزيده استفحالا غياب المراقبة و المحاسبة و التقويم.
ان حلت الرداءة اِختلت المعايير و تهاوت القيم و غُيِّبت المثل ، فضاعت القدوة و القدرة و تساوى الغث و السمين بل و علا شأن كل وضيع. 
ان حلت الرداءة كثُر الجدل و قل العمل فاستنسرت البراغيث و توارت في عرينها الاسود، فكثُر الهرج و اختلط الحابل بالنابل فتناسلت الفتن و الصراعات و الاقاويل و الحجج و البيانات و تنامى الفطر و الذباب فلا ارض تأوي و لا سماء تُظل.
ان حلت الرداءة أُغتيلت الاحلام و قُزمت الامال فسقطت قيم الرفعة و السمو و العلو، و انهارت معان الكرامة و الشهامة و النخوة و تبددت خصال الشجاعة و النجدة و العطاء و ماتت مبادئ الامانة و المثالية و المسؤولية و التضحية، و بِيعت على عتبات الفتات .
ان حلت الرداءة ساء التدبير و كثُر التبذير، فتعطلت الخدمات و خُرِّبت المؤسسات فلا تعليم و لا تطبيب و لا مياه و لا ادارة و لا امن و لا راحة فعم الضجر و الكدر و التذمر و الاستياء.
ان حلت الرداءة طغى الانا و اضمحل الجمع، فغَلَّت الاسعار و انتشرت المضاربات و ظهر الجشع و ماتت الرحمة من القلوب و صُمَّت الاذان و غُلِقت الابواب و تُرك المسكين لقدره المحتوم.
ان حلت الرداءة غاب المسؤول ـ برغم كثرة الظهورـو انشغل بالتبرير و بحقه في التقدير و ابدى انزعاجه من الضجيج بل و وسمه بالنبيح و بالعمالة و بالخيانة ، فاظهر الاستغراب بل و الانزعاج من همس محتج صابر محتسب ضعيف .
ان حلت الرداءة كثُرت الشعارات والاجتماعات و اللقاءات و الاستقطابات و التعيينات و القرارات و المراسيم و النشريات و الصور و انصاف الجمل و الكلمات ، و غاب الاستحقاق و الكفاءة و الجدارة لصالح المصالح و الصداقة و الولاء ولاصوات الانتخاب . 
ان استشرت الرداءة اصبح الانسان غير الانسان و الناس غير الناس و الزمان غير الزمان ، فبُدلت الاولويات و اختلطت الالوان و تماهت الاشكال فلا مُبصر يُمييز و لا عارف يُستمَع اليه و لا مرشد يقود الى بر الامان.
ان استفحلت الرداءة ضاع الانسان فضاعت معه الاوطان و يكون وقتها قد فات الاوان. 
عندها لا ندم يُجدي و لا تبرير يَنفع و لا تاريخ سيرحم.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *