-->

كل الحلول تم تجريبها وفشلت


أحيانا، بسبب الابتعاد عن التفكير البسيط، نقع في أخطاء فادحة. فمثلا تداول شبكات التواصل الاجتماعية لورقة "حل" مقترح من طرف الامم المتحدة يعتمد على التقسيم، ورسم خط وترهات من هذا القبيل جعل التخوف يصبح هو سيد الموقف بين الصحراويين. ف"حل" التقسيم هو دائما متداول، وفي سنة 1976م اقترحته السعودية، وكانت خطتها تقتضي ان يقتسم المغرب والجزائر الفسفاط الصحراوي مع التزام السعودية بتمويل الخطة بصفة دائمة، وفتح منافذ للجزائر على المحيط الاطلسي، لكن البوليساريو سخرت من ذلك الاقتراح. في سنة 1978م حاولت فرنسا، من جهتها حاولت، ان تهندس خطة اخرى للالتفاف على القضية الصحراوية سياسيا. فبعد سقوط نظام ولد داداه اثر انقلاب 10جولية 1978م، حاول جيسكار ديستان ان يلتف على نتائج الانقلاب، وخروج موريتانيا المنتظر من الحرب، فاعلن عن خطة تحمل اسم "مشروع جمهورية تيرس الغربية"، وينص المشروع على اعتراف المغرب وموريتانيا بالبوليساريو، وقيام دولة صحراوية في الجزء الذي كانت تحتله موريتانيا على اساس قيام وحدة كونفدرالية بين موريتانيا وتيرس الغربية مع اجراء تعديلات على الحدود بحيث تصبح للجزائر حدود مع الدولة الجديدة من اجل تصدير حديد غارة اجبيلات الى المحيط الاطلسي. لكن تم رفض الاقتراح من طرف البوليساريو. 
في سنة 2001م بعد زيارة بوتفليقة لواشنطن أشاع المغرب أن الرئيس الجزائري، بالاتفاق مع الرئيس الامريكي بوش، قَبِل "حل" تقسيم الصحراء الغربية مع المغرب، لكن كل ذلك كان مناورة مغربية، وكل ما في الامر أن بوتفليقة اتفق مع الرئيس بوش الابن على أنه في حالة أن يأتي جيمس بيكر بحل يضمن تقرير مصير الشعب الصحراوي ستقبله الجزائر، وهذا هو سر قبول الجزائر لمخطط بيكر الثاني. 
هذا يقودنا إلى أن هناك خطوط حمراء بالنسبة للطرف الصحراوي وهي: السيادة على كامل حدود الصحراء الغربية، والحل الوحيد المقبول والديمقراطي هو الاستفتاء. 
من جهة أخرى، هل يُعقل أنه بعد مرور 26سنة على المفاوضات وتواجد الامم المتحدة يمكن أن نتصور أنه بقى حل ما لم يتم تجريبه. لقد تم تداول كل الحلول( فيدرالية، تقسيم، انضمام الخ)في الخفاء والعلن، لكن، كلها، فشلت بسبب انها قفزت على الخطوط الحمراء التي يرسمها الشعب الصحراوي. 
أن أي حل يقفز على الحل الشرعي( الاستفتاء) يتطلب أن يتم فرضه من طرف قوة عظمى، وهذا فشل إلى حد الآن. هناك اعتقاد خاطئ تماما وهو أن مجلس الامن أو الامم المتحدة أو إحدى القوى العظمي تستطيع أن تفرض حلا على الصحراويين بحكم النظر إليهم على اساس انهم هم الحلقة الأضعف. لو كانت الامم المتحدة أوفرنسا أوالولايات المتحدة تستطيع ان تفرض حلا على الصحراويين كانت فعلتها من قبل، لكنها لا تستطيع بسبب أنه لا توجد لديها القوة ولا المبرر ولا وسائل الضغط الكافية كي تنفذه.
حين نحلل وضع وواقع الاطراف الآن نجد أنه لا يوجد عامل ضاغط واضح يفرض عليهما حلا لا يقبلانه. فالمغرب لا يوجد ما يفرض عليه أن يقبل أي حل، والضغط الوحيد الذي يمكن ان يؤثر عليه هو الضغط الامريكي ومن خارج مجلس الامن، وإلى حد الآن لا نرى مؤشرات على ذلك ما عدا انزعاج بولتون وتهديده بقطع التمويل عن المينورصو. 
بالنسبة للطرف الصحراوي لا يوجد، أيضا، أي عامل ضغط جديد يفرض عليه أن يقبل حلا يتجاوز الخطوط الحمراء المرسومة منذ سنة 1973م. إذا عدنا للمنطق البسيط فإن الشعب الصحراوي هو الطرف الذي تعرض لكل أنواع الضغوط من طرف مجلس الامن والأمم المتحدة والامناء العامين والمبعوثين الشخصيين، وهو الطرف الذي تنظر إليه القوى العظمى، منذ البداية، على أساس انه الطرف الأضعف في الصراع، وهو الطرف الذي كان يُطلب منه التنازل. 
بالنسبة للمغرب، بحكم أنه سارق فهو يقبل كل الحلول ما عدا حل الاستفتاء تطبيقا لمقولة: السارق رابح بأي ثمن باع. 
البانوراما هي كالاتي: لا يوجد على الأرض ما يفرض على هذا الطرف أو ذاك ان يتنازل أو يقبل بما تأتي به الأمم المتحدة، والشيءالوحيد الجديد على الساحة هو انزعاج بولتون من التواجد الطويل للمينورصو بدون أن تحل القضية. هذا يقودنا إلى انه يجب أن ننتظر ماذا سيقول بولتون في القادم من الأيام رغم عدم الثقة في الموقف الامريكي. 
بقلم الكاتب : السيد حمدي يحظيه

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *