بوار تجارة الوهم

حينما كان مخيم اكديم ازيك شعلة مضيئة للعالم , ساد الاعتقاد وسط المغرب وفي الدوائر الدولية بهدوء الأوضاع وكثر الكلام بأن عرش ملك المغرب في منأى عن أي تأثير سياسي أو اجتماعي ، وكتب أكثر من باحث عن الاستثناء المغربي خلال السنوات الأخيرة نتيجة تعديل الدستور سنة 2011 ونتيجة ائتلاف حكومي برئاسة حزب إسلامي ، لكن الحراك الشعبي في المغرب مؤخرا والذي اقتبس من تجربة مخيم اكديم ازيك في السلمية والمقاومة , وضع مقولة الاستثناء على المحك .

ومع دخول الحراك المغربي عامه الثاني , واستعصى إسقاطه , بدأت مرحلة المخاض تعطي عناوين التشكيك , لتؤكد المقالات التي نشرتها جرائد دولية كبرى مثل نيويورك تايمز ونيوزويك ولوموند والباييس والقدس العربي , والتي تساءلت هل سيمتد الحراك الشعبي في الريف الى باقي المدن المغربية ؟ , والمتتبع للشأن المغربي يدرك أن عناوين التشكيك في الاستثناء المغربي حضرت لدى مختلف حكومات الغرب وخاصة أوروبا , فهناك تصريحات الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون خلال زيارته الى المغرب وتأكيده في الندوة الصحفية أنه عالج موضوع الريف مع محمد السادس. وأسئلة حول الحراك في البرلمان الأوروبي وبرلمانات وطنية أوروبية مثل اسبانيا وهولندا وبلجيكا, بل شهدت مدن أوروبية مثل مدريد وبرشلونة وباريس وبروكسيل وأمستردام ودوسلدوف ولهاي وبرلين وجنيف أكثر من 40 تظاهرة جعلت الاعلام الدولي يهتم بالملف ومستقبله.

تجارة الوهم في المغرب حاولت التغطية على الانتهاكات السافرة التي طالت أبناء الريف بشكل مقلق , ونسبة المعتقلين الذين فاق عددهم 250 وطحن محسن فكري في حاوية نفايات , ومقتل الشاب عماد العتابي واعتقال صحفيين بتهم واهية وملفقة مثل مدير الجريدة الرقمية بديل، حميد المهداوي , وتلك هي الرؤية التي تقوم على ترمومتر الحرية السياسية وحرية التعبير.

تجارة الوهم في المغرب , تغافلت عن تقارير دولية نبهت إلى هاوية الوضع في المغرب أكثر من مرة سواء مراكز التفكير الاستراتيجي أو مؤسسات عالمية مثل الأمم المتحدة , ومن ضمن الأمثلة: المراتب المتدنية التي يحتلها المغرب في تقارير التنمية البشرية والتي تتأرجح ما بين 120 الى 130، وهي ناقوس خطر للدولة المغربية باقترابها من النفق الاجتماعي وانفجار الأوضاع , تجارة الوهم في المغرب حاولت التغطية بالغربال على كيفية زعم المغرب تنمية إفريقيا وخصص موارد لهذا الهدف بينما الوضع الاجتماعي للشعب المغربي في مناطق متعددة مقلق الى مستويات كارثية ؟ ويمكن تلخيص ذلك في مديونية متفاقمة تتجاوز 84% من الناتج الإجمالي الخام، وفشل قطاع التعليم وغياب أي استراتيجية للشغل وافتقار البلاد للحد الأدنى من الصحة جعلت محمد السادس في خطاب ما يعرف بعيد العرش يعترف مكرها بأن الوضع الاجتماعي في المغرب يدعو للخجل.

عالي احبابي ـ مدير جريدة الصحراء الحرة