-->

دعوة للتأمل ونداء لتعظيم المصلحة العامة


صحيح يانه من الصعب ومن غير اللائق إنكار التقصير الحاصل من طرف بعض القائمين على بعض المؤسسات الوطنية فيما يتعلق بجزء من الواجبات والحقوق ، وعدم تقدير البعض لمعاناة ومشاعر وأحاسيس غالبية المواطنين المناضلين ، ولا إنكار بأن المرحلة تتطلب مراجعة حقيقية تمس غالبية مفاصل الحركة والدولة فيما يتعلق بالأداة والبرامج والاولويات ، واليات المتابعة والرقابة والمحاسبة والقوانين والنظم وغير ذلك ، ولكن في أي حال من الاحوال لا يمكننا إنكار أو تجاهل بأننا نعيش في واقع أستثنائي مفروض ومرفوض ــ رغم إنني لا أتفق مع من يحاول أن يجعل من هذا شماعة يعلق عليها كل شيء ــ بسبب الاحتلال المغربي للجزء الاكبر من ترابنا الوطني والذي تسبب في حرماننا من العيش في حرية وكرامة ورفاهية .
ولكن مثلي مثل غالبية المناضلين فقد شد أنتباهي دواعي وتوقيت وظرفية غالبية الاحتجاجات التي بدأت في الظهور مؤخرا وهو ما يضفي عليها طابع الضبابية بل ويدعوا للتشكيك أحيانا في الغايات الحقيقيىة منها .....
ومن منطلق التزامي الوطني والسياسي والاخلاقي ومن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجدت نفسي مجبرا على الكتابة والخوض ولو بعجالة في موضوع الاحتجاجات بشكل عام والتي تعتبر في رأيي ظاهرة دخيلة لا تخدمنا كلاجئين في أرض ليست بأرضنا ، نناضل ونكافح بصمود وكبرياء قل نظيرهما من أجل قضية عادلة نبيلة وسامية إلى أبعد الحدود .
ورغم إنني لا اتفق أحيانا مع من يطلقون أحكام قاسية على البعض ممن يشاركون في بعض الاحتجاجات بدون وجود حجج أوأدلة أحيانا من قبيل الخيانة والعمالة والاصطفاف ، إلا إنني على يقين تام بأن العدو المغربي يتحين وينتظر كل الفرص مهما كانت بساطتها ويستغلها ليجعل منها سلاحا وزادا لمواجهتنا ومحاولة الضعط علينا أمام مختلف الهيئات والمنابر الدولية في معركة أشتد فيها عليه الخناق من كل الزوايا والاتجاهات ، وهو ما يجعلنا نشعر ونحس بالمرارة والغصة والألم ونتأسف لحالنا من كون بعضنا عن قصد أو غير قصد ساهم و يساهم في تعميق معاناة اللجؤ التي فرضت علينا من طرف الاحتلال المغربي الذي شرد وشتت وقتل وانتهك حرمات شعب بأكمله وسلبه أرضه وكرامته وحرمه من التمتع بخيراته والذي لن يرغمه على عكس ذلك إلا رص الصفوف والوحدة والانسجام والصمود ، ونكران الذات ، وتقزيم المصلحة الخاصة أمام المصلحة العامة للشعب ، وتقوية جبهتنا الداخلية بكل جوانبها والالتفاف حول حاضنة كفاحنا ونضالنا من أجل الحرية والاستقلال الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب .
ومما لاشك فيه بأنه لايمكننا نكران بأن من بين دعاة الاحتجاج بين الفينة والأخرى أناس نواياهم ومشاعرهم صادقة إلى أبعد الحدود ، ولكن لا يمكننا في الوقت نفسه الجزم بأن ليس هناك من بينهم من يحاول الاستثمار في تلك المشاعر والنوايا لغايات ومقاصد غير سوية يراد من غالبها خدمة أجندات خفية ترمي في غالب الاحيان إلى إيهام الرأي الوطني وغيره ومغالطته حول أشياء وقضايا لا أساس لها من الصحة ، غير مدركين وللأسف بأن مطالبهم ومشاعرهم في واد ومطالب ومشاعر الاف المناضلين في واد اخر .
وبالتالي وما دمنا متفقين على ضرورة الدفاع عن قوة الحق لا عن حق القوة فإن المناضلين المخلصين لعهد الشهداء .. الأوفياء للواجب الوطني في هكذا لحظات مطالبين بالانخراط العملي الملموس في السيرورة الثورية ، وقطع الطريق أمام كل ما من شأنه أن يتلاعب بوعي الناس ويضللهم لغايات لا تخدم الأهداف الوطنية لثورة العشرين من ماي الخالدة ، والتفكير الجاد المسؤول في دفع السلطة لاتخاذ إجراءات عملية لتقليص إن لم نقل ردم التفاوتات التي أصبحت ظاهرة للعيان بين المناضلين وتحسين شروط حياتهم الاجتماعية والإنسانية ، ودفع كل المواطنين المناضلين لتحصين تلك الإجراءات والدفاع عنها .
إجراءات تمكن من تشديد العقاب على الخارجين عن القانون من المجرمين وتجار ومهربي المخدرات والمحروقات ، وممتهني تجارة الدعم الانساني ... إجراءات كفيلة بمراقبة التسيب والرداءة وضعف الأداء الحاصل في بعض المؤسسات ، تضمن المحاسبة والانضباط في العمل وتطبيق وسيادة القانون ، وتحد من أرتفاع الاسعار التي أرقت المواطنين البسطاء الذين يشكلون الغالبية العظمى من الشعب .
وفي الختام فإن هناك حقيقتان قد تؤرقان البعض على الجميع معرفتهما ، الأولى بأنه في فترة الرداءة الثورية عادة ما يظهر الفرق جليا بين الإطار الواعي الذي يسعى إلى تغيير وعي الناس بما يخدم المصلحة العامة والاهداف الوطنية ويصب فيها ، وبين الإطار النقيض الذي ينساق وبشكل أعمى وراء مصالحه الضيقة ويسعى إلى التموقع بحثا عن حماية تلك المصالح وتأمينها ولو كلفه ذلك التحالف مع الشيطان ، والثانية بأن التاريخ قد عودنا بأنه عادة ما يقدم ردا سريعا وتعقيبا لاذعا لأولئك الذين يخادعون الله وأنفسهم من خلال محاولاتهم الكلام أو اتخاذ القرار من غير حق بدلا من عموم الشعب ، وبحثهم عن كل ما من شانه تدمير المعنويات والتأثير سلبا على القناعات الثورية الصادقة والتبخيس بالمكاسب وتقزيمها ، والتلاعب بمشاعر وأحاسيس وعواطف الناس تحت عناوين غالبا ما تكون واهية مهما كانت طبيعتهم ومهما كان تفكيرهم ومستواهم وموقعهم .
يكفينا من الألم والحسرة والمعاناة واقع اللجؤ الصعب وما يعانيه شعبنا في المدن المحتلة من ويلات بسبب الاحتلال المغربي لأرضنا وما ترتب عنه من مصاعب في أوجه الحياة المختلفة ... 
بقلم / موسى سلمى لعبيد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *