-->

المخزن المغربي يُلوّح بـ “حرب رمال جديدة” ضد الجزائر!


زكرياء حبيبي
عندما كنا نحذّر من التحركات المشبوهة لبعض الأطراف في الداخل والخارج، والتي قلنا أنها تستهدف اختراق الحراك الشعبي، لتنفيذ أجندتها الخبيثة، المتمثلة أساسا، في تدمير الجزائر ككل، وبالدرجة الأولى النيل من وحدة وقوة الجيش الوطني الشعبي، كان البعض يتهمنا بأننا ضدّ إرادة الشعب، للتشويش على هذه التحذيرات، التي لا نبتغي من ورائها سوى الدفاع عن أمن واستقرار الجزائر، وهو الأمن الذي لا يمكن أن نضمن له الاستمرارية، إذا نجح هؤلاء المتآمرين في تأليب المواطنين على جيشهم، وهو التأليب الذي يبدأ بالتشكيك في قيادات الصف الأول، ومحاولة تشويهها، لخلق أسباب الانقسام والتشتت داخل صفوف الجيش ككل.
اليوم وفي عز التصعيد الذي تشهده الحملات المسعورة ضدّ جيشنا الوطني الشعبي، سواء في الداخل أو الخارج، وفي ظل ترويج البعض لشعارات مشبوهة تدعو “السعودية والإمارات” إلى عدم التدخل في الشأن الداخلي الجزائري، تطلع علينا إحدى وسائل الإعلام المغربية، وهي موقع “هسبريس”، بعنوان عريض هو كالتالي: “الجيش المغربي يُطلق أضخم مناورة عسكرية قرب الحدود الجزائرية”، وجاء في المقال ما يلي: “..كشف المنتدى العسكري “Far Maroc”، اليوم الأحد، أن القوات المسلحة الملكية ستنظم ابتداء من يوم غد الاثنين، مناورات عسكرية هي “الأضخم في تاريخ الجيش الملكي، تحمل اسم جبل صاغرو، بمشاركة وحدات برية وجوية مختلفة، بمطقة جبل صاغرو بين تاغونيت وفوم زكيد، بالقرب من الحدود الجزائرية”.
المنتدى العسكري بحسب “هسبريس” أن المنطقة التي تحتضن المناورات هي “نفس المنطقة التي وقع فيها الجيش الوطني الجزائري في فخ القوات المسلحة الملكية في إحدى المعارك الحاسمة خلال تلك الحرب التي سهلت توغل قواتنا الباسلة خلف الحدود الاستعمارية”..!
وأضاف مقال هسبريس يقول: “وأوضح المصدر العسكري أن المنطقة المختارة لتنظيم هذه المناورات العسكرية هي ذات رمزية كبيرة تعود إلى اعتداءات الجيش الجزائري على الأراضي المغربية في أكتوبر 1963، ما أدى إلى نشوب حرب الرمال” وأضاف المصدر العسكري بحسب “هسبريس” أن المنطقة التي تحتضن المناورات هي “نفس المنطقة التي وقع فيها الجيش الوطني الجزائري في فخ القوات المسلحة الملكية في إحدى المعارك الحاسمة خلال تلك الحرب التي سهلت توغل قواتنا الباسلة خلف الحدود الاستعمارية”.
المُتمعن في هذه الفقرة بالذات، يكتشف دون عناء، أن القصر الملكي المغربي، لا يزال متشبّثا بسياسته التوسعية، التي تدّعي بأن أجزاء من التراب الجزائري، هي تابعة للمغرب، وأن “الحدود الاستعمارية” هي التي اقتطعتها من المغرب، وبالنظر إلى اختيار الجيش المغربي، لهذه المنطقة بالذات لإجراء أكبر مناورة عسكرية في تاريخه، نزداد قناعة بأن القصر الملكي المغربي، يحاول اليوم إحياء هذا الجرح في تاريخ العلاقات بين البلدين، إمّا لممارسة الضغط لإجبار الجزائر على التفاوض لإعادة فتح الحدود، أو لانتهاز الفرصة مرة أخرى، للتوغل داخل الأراضي الجزائرية، وفرض سياسة الأمر الواقع، خاصة في ظل استمرار الحراك الشعبي، الذي رفع سقف مطالبه إلى حدود تُنذر باحتمال انفلات الأوضاع وبالتالي توريط الجيش في متاهات سياسية، تُبعده عن ممارسة وظيفته الأساسية ألا وهي حماية الحدود..
ونحن هنا لا نُمارس التهويل على الإطلاق، لأنه على الجميع أن يعلم، أن هذه المناورات العسكرية التي سيجريها الجيش المغربي غدا، تأتي بعد أيام قليلة من مناورات عسكرية ضخمة نفذتها جيوش المغرب وأمريكا وبريطانيا بمنطقة تيفنيت، ضواحي مدينة أكادير، ضمن برنامج “الأسد الإفريقي” لسنة 2019؛ والتي تمّ تمويهها بأنها تشكل تدريبا على خاصية التدخل السريع في مشهد تمثيلي ضد متطرفين يستهدفون مناطق حيوية من المغرب، وذلك بحضور شخصيات عسكرية وازنة من جميع الأطراف..
وقد سبق لنا أن نبّهنا في شهر أفريل 2018، في مقال تحت عنوان: “مناورات عسكرية مشبوهة في دار “صديقنا الملك”” إلى أن مناورات “الأسد الإفريقي” لسنة 2018، غايتها الأساسية ليست مكافحة الإرهاب، وأوردنا في المقال سالف الذكر ما يلي: “…وأكثر من ذلك أقول أن هذه المناورات التي لم يسبق لها مثيل في المنطقة، تحضر لعمل عدائي ضد بعض الدول الإفريقية التي لا تسير في فلك الأمريكيين وحلفائهم، بل رُبّما تهدف مثل هذه المناورات إلى إقحام بلدان المنطقة في نزاعات مستقبلية، تُسهِّل على الغرب اختراق المنطقة وتكريس سياسته الإستعمارية الجديدة، وبالتالي التعويض عن خسائره في العراق وسوريا..”..
إن هذا التقاطع الحاصل اليوم في الجزائر، والمتمثل في هجوم خونة الداخل وأعداء الخارج على الجيش الوطني الشعبي، يوحي بكلّ تأكيد أن هنالك تنسيقا محكما بين قوى الشر في الداخل والخارج، لزعزعة استقرار البلاد، وضرب مقومات قوتها والتي على رأسها الجيش الوطني الشعبي..
ومن غريب الصدف، أن مناورات “الأسد الإفريقي 2018” تزامنت هي الأخرى مع حملة شرسة شنتها بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي المأجورة ضدّ الجيش الوطني الشعبي، عقب سقوط طائرة نقل عسكرية بمطار بوفاريك واستشهاد 257 من ركابها، وكتبنا آنذاك في مقالنا ما يلي: “…لكن نفس وسائل الإعلام هذه، لم تُعلّق بتاتا على احتضان المغرب لهذه المناورات، كما أن العديد من الصفحات على مواقع التواصل الإجتماعي، التي لا تترك لا كبيرة ولا صغيرة إلا وتُمطر الجزائر بالإنتقادات والسّباب، رأيناها قد صَامت عن الكتابة بخصوص هذا الموضوع، لأن المناورات تجري على أرض المخزن المغربي، الذي يُسيّر بيادقه الإعلامية عندنا كما يشاء ووقتما شاء، ولعلّ أحسن دليل على ذلك، الحملة الهستيرية التي شنها بعض أشباه الإعلاميين والمُدونين عندنا عقب سقوط الطائرة العسكرية بالقاعدة الجوية لبوفاريك واستشهاد 257 من ركابها، فالحملة هذه تكاد تكون شقيقة الحملة التي شنها المخزن المغربي علينا”.
إن هذا التقاطع الحاصل اليوم في الجزائر، والمتمثل في هجوم خونة الداخل وأعداء الخارج على الجيش الوطني الشعبي، يوحي بكلّ تأكيد أن هنالك تنسيقا محكما بين قوى الشر في الداخل والخارج، لزعزعة استقرار البلاد، وضرب مقومات قوتها والتي على رأسها الجيش الوطني الشعبي.
اليوم ومع انكشاف المؤامرة، يجب برأينا على الجزائريين الأحرار، أن يلتفّوا حول مؤسسة الجيش، ويتوجب على من يشارك في الحراك الشعبي، بنية إحداث التغيير نحو الأفضل، ألا يثقل كاهل الجيش، بالمطالب التعجيزية، التي قد تؤثر على مهمته الأساسية المتمثلة في حماية حدود البلاد، لأن ما يحدث اليوم خطير، وخطير للغاية، فالقصر الملكي، وحاشى الشعب المغربي الشقيق، قد يشعلها نارا في المنطقة، لحرف أنظار المغاربة عن معاناتهم اليومية، والتي باتت تنذر بانفجار الأوضاع الداخلية بالمملكة المغربية، ولذلك فالقصر الملكي، الذي عقد أكبر صفقة سلاح مع الأمريكيين، لا يُستبعد أن يقوم بمُغامرة غير محسوبة العواقب، ويعلنها “حرب رمال جديدة” على الجزائر، وهو ما لا تتمناه بلادنا على الإطلاق..
لكن ولعلم المخزن المغربي، أن الجيش الجزائري العقائدي، قادر على تدمير أي قوة مُعتدية خلال سُويعات من الزمن، لذا ننصح القصر الملكي المغربي، بألا يختبر قوة جيشنا وغضب شعبنا.
المصدر: زاد دي زاد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *