-->

منعطف حاد يتطلب تفكير جاد


إننا عندما نراقب الوضع الحالي لنلاحظ وضع صعب يتطلب الكثير من التفكير الجاد لتجاوز هذا المنعطف الحاد الذي تمر به القضية الوطنية و نتحدث هنا عن الوضع الداخلي الذي هو القلب النابض لثورة العشرين مايو فإن صلح صلح المشروع الوطني كله و إن فسد وجد الغزاة و الأعداء ضالتهم، فالتلاحم و وحدة الصف و توحيد الرؤى كفيل بمواجهة كل القوى الظلامية و الاستعمارية و هذا ما يفسر انتصارات الشعب الصحراوي مع بداية الثورة حينما حقق الشعب عبر رائدة كفاحه الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهاب وحدة وطنية وحدت الأفكار و التوجه فحدثت المعجزة بدماء و أموال و أفكار ثوار الساقية و الوادي، و مما لا شك فيه أن الأعداء يلمون كل الإلمام أن زحف الشعب الصحراوي نحو النصر و الاستقلال لا يمكن إيقافه إلا بالتفرقة و نسف وحدة الشعب.
و بالحديث عن هذا الوضع فإننا نرى أنه جاء نتيجة عوامل طبيعية مرتبطة بالوضع العالمي المضطرب عامة و الإقليمي خاصة و مرتبط كذلك بوصول الجمهورية للأربعينية مما يضعها أمام تطورات حتمية يضاف لذلك طول مرحلة "لا سلم و لا حرب" زد على ذلك المخططات الخبيثة للعدو في إنتاج البلبلة و زرع الفتنة و التفرقة.
و مهما كانت العوامل المسببة في الوضع الداخلي الحالي غير السار سياسيا و أمنيا و اجتماعيا و اقتصاديا فكل الغيورين على الوطن يرون فيه تحدي أمام كل الثوار الصحراويين و يتطلب توحيد الجهود و رص الصفوف و مراجعة الذات و تقديم المصلحة الوطنية و تذكر عهد الشهداء و الثبات على المبادئ من أجل تجاوز هذا المنعطف و إيصال السفينة الوطنية لبر الأمان.
و هذا لن يتأتى إلا بإيجاد وعاء وطني شامل يحافظ على عهد الشهداء و يحترم كل التوجهات الوطنية المنبعثة من الثورة، هذا الوعاء لن يتأتى إلا بحوار وطني جاد يضمن مشاركة الجميع بدون إقصاء أو تهميش و يجب أن يكون هذا الحوار بنوايا حسنة و بحنين لاسترجاع زمن الأمجاد و يهدف لإنجاب وضع مختلف يعتمد الكفاءة و الفعل النضالي الميداني كمعايير للاختيار في المرحلة القادمة ، و من خلال هذا يتم تسطير خطة مستقبلية تجعل قوة القانون فوق الجميع لا مجال فيها للانتهازيين و لا القبليين.
التأسيس لهذا الحوار يجب أن يكون من خلال دعوة عامة للجميع من أجل التجرد من كل الحيثيات و التراكمات و نسيان الماضي من أجل الوطن الجريح و استعداد الجميع لنكران ذاته من أجل المصلحة العامة.
آن الأوان للتضحية في سبيل الثورة، آن الأوان لاستغلال الوقت لصناعة درع للجمهورية في زمن عصفت اضطرابات بدول على مرأى من أعيننا ، آن الأوان لنقد و النقد الذاتي من خلال الاعتراف بالخطأ و العمل الجاد على تصحيحه ، آن الأوان لطرح المشاكل بموضوعية عن طريق تسمية الأمور بمسمياتها و السعي في إيجاد الحل ، آن الأوان لنكون مثاليين فكلنا ثوار و المصلحة العامة فوق الجميع.
يجب أن ننهي هذا الوضع الآن و حالا و فورا فنحن أكبر من أن نتصارع من أجل السلطة و أرقى من أن نتنافس من أجل المال و أقل عددا من أن ننقسم لمجموعات و أشرف من أن نتقاذف السب و الشتم فيما بيننا.
إننا الشعب الوحيد الذي له دين واحد ثقافة واحدة لغة واحدة تقاليد و عادات موحدة هدف وطني واحد ممثل سياسي واحد فكيف نختلف و نتفرق يا رفاق ؟ 
بقلم : حمادي جامع محمدسالم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *