موقع امريكي يتوقع تفاقم الأزمة بين المغرب والسعودية والإمارات
سلّط موقع "لوب لوج" الأمريكي، الضوء على تدهور العلاقات بين المملكتين العربية السعودية والمغرب، وذلك من خلال سرد أبرز المحطات التي أثيرت فيها الخلافات بين البلدين، متوقعا تفاقمها بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة لأسباب كثيرة.
وبحسب تحليل منشور على الموقع، لم تثبت صحة الأنباء التي تواترت عن قيام العاهل المغربي الملك محمد السادس بزيارة العاهل السعودي الملك سلمان في الرياض في نهاية أبريل ، فيما يعد علامة جديدة على تصاعد التوترات بين الحكومتين.
وأشار التحليل الذي كتبته "سينزيا بيانكو"، المحللة في "جولف ستيت أنلاتيكس"، بأن إلغاء الرحلة يأتي وسط تدهور العلاقات الثنائية للبلدين، الذي بدأ في عام 2017.
منعطف العلاقات
واستعرضت "بيانكو" تفاصيل الأزمة بين البلدين، قائلة: "في أعقاب الانتفاضات العربية عام 2011، قرر الملك محمد السادس الاستجابة للاحتجاجات التي تجري في المغرب من خلال اعتماد دستور جديد والدعوة إلى انتخابات مبكرة، والتي أدت إلى حكومة برئاسة حزب العدالة والتنمية الإسلامي منذ عام 2012".
وأضافت الكاتبة: "عرضت السعودية، التي كانت آنذاك تحت حكم الملك عبد الله، على المغرب، من خلال مجلس التعاون الخليجي ، حزمة دعم بقيمة 5 مليارات دولار على مدى 5 سنوات، بل وطرحت لفترة وجيزة فكرة الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي".
ومضت تقول: "مع وصول الملك سلمان إلى العرش في عام 2015، بدت العلاقات المغربية السعودية ثابتة كما كانت دائما. وأيدت الرباط مواقف الرياض بشأن سوريا ولبنان. وسرعان ما انضمت إلى التحالف الذي تقوده السعودية لمحاربة الحوثيين في اليمن، حيث أرسلت ست طائرات مقاتلة للمشاركة في الحملة".
وأوضحت بيانكو: "مع ذلك، بدأت السحب تتجمع بعد الأزمة بين دول مجلس التعاون الخليجي في يونيو/حزيران 2017. وعلى الرغم من علاقتها الوثيقة بالسعودية، لم يوافق المغرب بشدة على المواجهة العميقة بين الدول السنة، وأعلنت حيادها في الأزمة وعرضت مساعيها الحميدة للتوسط بين الأطراف".
وأشار التحليل إلى أن الملك محمد السادس أبقى الاتصالات مفتوحة مع جميع الأطراف، ثم زار قطر والإمارات والسعودية ورفض الانضمام إلى حملة العزلة ضد الدوحة، مما أغضب الرياض.
أسباب الموقف المغربي
وعزت الكاتبة هذا الموقف المغربي إلى اهتمام المغرب إلى حد كبير بآثار هذه الأزمة على سياسته الداخلية، حيث يلعب الإسلام السياسي دورا رئيسيا.
وأضافت: "بالنظر إلى مركزية العداء ضد الإخوان المسلمين والإسلاميين كمحرك للمواجهة السعودية / الإماراتية مع قطر، كان الملك قلقا من أن الانضمام إلى المعسكر المناهض لقطر يمكن أن يزعزع استقرار الوضع السياسي الداخلي للمغرب".
وأردفت الكاتبة تقول: "حدثت لحظة فاصلة أخرى في العلاقات المغربية السعودية عندما أعلن الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل".
واستطردت: "بصفته رئيس لجنة القدس لمنظمة التعاون الإسلامي، عمل الملك محمد السادس لسنوات على الحفاظ على وضع القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقبلية".
وبيّنت الكاتبة: "في الوقت الذي كتب فيه الملك محمد السادس إلى كل من ترامب والأمين العام للأمم المتحدة للاحتجاج على قرار الولايات المتحدة، ظهرت تقارير تفيد بأن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يتفق جزئيا على الأقل مع سياسات ترامب".
ومضت تقول: "في الواقع، شاع أن ولي العهد ضغط أيضا على الزعماء العرب لقبول صفقة القرن التي يروج لها ترامب، على الرغم من توقعات بتحيزها لصالح إسرائيل".
وتابعت الكاتبة: "سعت الرباط بشكل متزايد لتجاوز بن سلمان للتعامل مباشرة مع الملك سلمان، الذي كان ضد سياسات ترامب فيما يخص القدس".
دور بن سلمان
وبحسب التحليل، عندما قام بن سلمان بجولة في شمال إفريقيا في أعقاب مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي ووسط مزاعم تورط ولي العهد مباشرة في القتل، لم يتوقف في الرباط.
وزادت بيانكو بقولها: "بالنظر إلى العلاقات العميقة تاريخيا بين العائلتين الحاكمتين في الرياض والرباط، كان هذا الوضع غريبا. وفي حين أصدرت بلدان عربية أخرى بيانات تدعم بن سلمان، ظلت الرباط صامتة. وقبل بضعة أشهر فقط، جرى اتهام السعودية بالضغط ضد ترشح المغرب لاستضافة كأس العالم 2026".
ومضت تقول: "حدثت انتكاسة مهمة أخرى في فبراير/شباط 2019 عندما عرضت قناة العربية فيلما وثائقيا "ينفي" سيادة المغرب على الصحراء الغربية ويصور جبهة البوليساريو كممثل شرعي للصحراويين".
ولفتت إلى أن ذلك مثل تجاوزا لخط أحمر رئيسي بالنسبة للرباط، التي سرعان ما استدعت السفراء المغاربة من الإمارات والسعودية.
وتابعت: "في نفس الشهر، انسحب المغرب رسميا من المشاركة في التحالف الذي يقاتل في اليمن، وسط تصاعد الانتقادات الدولية والمحلية لتلك الحرب. وعلى الرغم من أن مساهمته في التحالف كانت ضئيلة منذ أن سحب طائراته المقاتلة في عام 2018، إلا أن هذه الخطوة كانت ذات صلة بالسياسة".
موطئ قدم بموريتانيا
وعلى صعيد آخر، تضيف الكاتبة، أنه في مارس/آذار 2019، أعلنت كل من الرياض وأبو ظبي عن خطط لزيادة الاستثمارات في الموانئ والمنشآت العسكرية في موريتانيا، والتي اعتبرتها الرباط محاولة لتجاوز المغرب، والأسوأ من ذلك، بناء منشآت في نواذيبو تنافس المشاريع الموجودة في مدينتي الداخلة وطنجة المغربيتين.
وبحسب تحليل بيانكو، فإن الحصول على موطئ قدم في موريتانيا من شأنه أن يعزز بشكل كبير من الإستراتيجية البحرية لدولة الإمارات لإنشاء طريق مستمر من سواحلها إلى البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، تتخللها اتفاقيات الموانئ في القرن الإفريقي وشمال إفريقيا.
وأضافت الكاتبة "لهذا السبب، قيل إن وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة تخطى دولة الإمارات في جولته الخليجية في أبريل/نيسان 2019. وبعد فترة وجيزة، استدعت أبو ظبي سفيرها من الرباط لإجراء مشاورات".
وأشارت بيانكو إلى أنه، لا يمكن استبعاد حدوث مزيد من التدهور في العلاقات على الرغم من أنه قد يضرب أحد أقدم المحاور في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وأضافت: "بناء على الثقة المتبادلة والتواصل المستمر على أعلى مستوى، كفلت العلاقة بين المغرب والسعودية التنسيق والدعم لمدة 5 عقود".
وواصلت الكاتبة: "مثلما وقف المغرب إلى جانب السعودية في مواجهة تهديدات العراق وإيران، أثبتت السعودية أنها حليف مهم في ضمان الاستقرار للمغرب في الداخل وفي الجوار".
واختتمت حديثها بالقول: "بينما تجد شمال إفريقيا نفسها مرة أخرى في منعطف دقيق، مع الإطاحة بالاحتجاجات على نظام عبد العزيز بوتفليقة المستمر منذ عقود في الجزائر، يمكن أن يستفيد المغرب من الدعم السعودي. في الوقت نفسه، إذا أرادت الرياض تحقيق قيادة حقيقية في المنطقة، فإن عزل لاعب رئيسي مثل المغرب قد يكون له نتائج عكسية للغاية".
المصادر:
Tensions Rising Among Morocco, Saudi Arabia, And The UAE
صحيفة الاستقلال