هل مازال " حدي هون " بين رفاقه ؟
بقلم : محمود خطري
نزع محمد خليلي محمد البشير أو محمد عبد العزيز مئزر الطب ، والتحق بالثورة تاركا الاهل والوطن والدراسة ... هاجر كطيور مهاجرة تريد العودة لصغارها وهي بطان ... كان الحلم يكبر رغم حداثة السن وقساوة الظروف ...
كلفك الرفاق بحمل ثقيل .. حملته وأنت الجريح الذي مازال البارود يفوح من جسمه عبقا وعطرا وفخرا .
كنت ذلك البدوي الصحراوي الكتوم ، وحين تريد أن تقوم بمهمة ، تحيط بك السرية ، كي لا يعلم أحد أسرار الثورة فتجهض وهي جنين .
" حدي هون " كلمة لطالما رددتها كي لا يعرف أحد الى أين تذهب أو ماذا تفعل ؟ ، أخذتها من قاموس الثورة ، فكنت بئرا عميقا لا يمتحن أغواره ولا أسواره إلا أنت والراسخون في الثورة !!
" حدي هون " شيفرة لا أحد يستطيع فك رموزها ، إلا أمثالك ممن عرفوا كيف يصونون العهد ويحفظون الأمانة ، عكس من هو " مستخف بالليل و سارب بالنهار " .
لقبك الرفاق ب " حدي " ، أولئك الرفاق الذين شهدوا معك البدايات ، ولكن لكل واحد منهم طريقا ، أكمل البعض المسيرة على خطى الشهداء ، فنال حب شعبه ،واختار البعض منهم طريق الخيانة ، فخرج طواعية من سجل الثورة ، ومازال البعض يواصل المسير .
لقد كان الشهيد محمد عبد العزيز رجلا معجونا من التواضع وخريج مدرسة الصبر والتحمل ، ولذلك تسلق الكثير من الناس حبال القرار وعبث البعض هنا وهناك ، مستغلين تسامحه وعفوه و " كبر تخمامو " ، وهو الأسد الذي إذا زأر في وجوههم لا أحد يستطيع أن يرد بنصف كلمة !!
كان له الفضل في تنصيب من أصبحوا اليوم أثرياء الثورة وقادتها ، وما إن رحل حتى أصبحوا اول ناكرين لفضله وتسامحه وصبره .
لا ، لا أيها الرفاق ... هل مازال " حدي هون " بينكم ؟ أم كان عرضة للنسيان بعد وداعه الاخير في بئر لحلو المحررة ؟
الشعب وحده من بقي مخلصا لهذا الرجل ، وودعه في " انيناي الصيف " بكل صدق وإخلاص ، لأنه حفر اسمه في قلوب آلاف اللاجئين في المخيمات ، وآلاف الجماهير في الارض المحتلة وجنوب المغرب ، وأماكن أخرى للصحراويين .
لم يخن الشعب " حدي هون " ولم يترك أمانته وجهاده ، يخلده ب " وخيرت " بالحكيم الذي قاد شعبه في أحلك الظروف ، وحافظ على وحدته الوطنية ، وخرج به من مطبات ومنعرجات خطيرة .
بالمتواضع الذي حمل هموم شعبه وشاركه الحملات والوقفات رغم حجم الانشغال وثقل المسؤولية .
نحن الشعب الواقف ، ستبقى يا " حدي " في أعماقنا وقلوبنا ، بحجم صبرك الذي صبرت به على غضبنا ومللنا وتذمرنا ، أما الرفاق أو بعضهم على الاقل ممن خانوك فقد كتمت في قلبك جشعهم وطمعهم و " زين اخلاكهم " من أجل أن تحافظ على الجسم الوطني الكبير .
رحمك الله ايها الرئيس الشهيد ، وتغمدك بواسع رحمته ، وجزاك عنا كريم الجزاء .