-->

استقالة كوهلر هل تعني البحث عن مبعوث امريكي يحل محله؟


قد يكون كوهلر، مدعوما بغوتيريس الأمين عام، هو أسوأ مبعوث شخصي بعد فان والسوم. فالأمين العام بالتوافق مع الاتحاد الاوربي، خاصة فرنسا والاشتراكيين، كان في نيتهم أختطاف وارتهان القضية الصحراوية لصالح المغرب خلال تواجد غوتيريس على رأس المنظمة الاممية. فكما كان يخطط غوتيريس وكوهلر، كانت القضية ستبقى تسير وفقا للسياسة المنافقة للاتحاد الاوروبي: الانحياز الفاضح للمغرب على الارض، وترك للصحراويين هامش بقاء تقرير المصير معترفا به في الامم المتحدة. 
فاستقالة كوهلر المفاجئة بداعي المرض هي اسطورة جميلة لخلق تعاطف انساني معه على الاقل بعد أن فقد التعاطف السياسي من طرف الصحراويين وكل من يتابع القضية الصحراوية. فخلال تواجده على كمبعوث شخصي عامل الجانب الصحراوي بالكثير من الحيف والمراوغة، وكان مستعدا لتوجيه أية ضربة إلى وجه الشعب الصحراوي لو كان وجد الفرصة. في عهده تم فرض على البوليساريو ان تغادر الكركرات مرغمة بعد أن ألَّب ضدها مجلس الأمن، وأظهرها أنها تخترق وقف إطلاق النار وهو ما لم يفعله مع المغرب؛ حاول بكل الوسائل إقحام الجزائر على أساس أنها طرف في الصراع، وكل تقاريره كانت تسير في هذا المنحى حتى فعلا اقتنع كل من يتابع إعلام المغرب أن الجزائر أصبحت طرفا. خلال المفاوضات لم يحاول، ولو مرة واحدة، الخروج من النظرة المعلبة للاتحاد الاوروبي للقضية وهي البقاء في فلك مفاوضات يتحكم فيها المغرب. استطاع إخراج مقر المبعوث الشخصي من نيورك وتحويله إلى برلين في خطوة توحي ان الاتحاد الاوروبي سيكون هو الراعي للقضية خلال تواجد أمين عام منه في المبنى الازرق. 
لكن يبدو أن عاملا جديدا قد طرأ. في الحقيقة كانت العوامل المستجدة هي التي تنقذ دائما القضية الصحراوية. العامل المستجد هو تولي جون بولتون حقيبة مستشار الدولة للامن القومي، وكما نعرف فقضية الصحراء الغربية، من بعد كيسنجر، وهي تتبع لكتابة الدولة للامن القومي. وجود بولتون على رأس هذه الهئية القوية جعله يهدد الأمم المتحدة أن بلاده لن تبقى تدفع ملايين الدولارات للمينورسو التي لا تفعل أي شيء. فهو يرى، بحكم احتكاكه بقضية الصحراء الغربية، أن على الامين العام أن يعين مبعوثه الشخصي دائما من الولايات المتحدة، وأن تبقى الكلمة العلياء لها في هذا الملف. بنى بولتون سياسته على تحديد المهل: يتم التجديد للبعثة لمدة ستة اشهر بدل سنة، وخلال هذه الستة اشهر يتم فرض على الطرفين التفاوض الجدي. انقضت المهلة الاولى ولم يخرج التفاوض بشيء، وانقضت المهلة الثانية، وأصبح واضحا أن الامين العام ومبعوثه الشخصي بقيا ينظران للقضية النظرة النمطية لقديمة وهي بحث عن توافق سياسي مستحيل. 
يُفهم الآن من استقالة كوهلر أن المهلة الحالية هي، في تفكير بولتون، الأخيرة، ويبدو أن الوضع لم يتغير، والطرفان بقيا في كل في خندقه يغني نشيده. يعني هناك دائرة مفاوضات مهزلة الهدف منها هو الضحك على الذقون. من جانب آخر يبدو أن الاتحاد الاوروبي الذي ارتهن القضية لا توجد لديه مقاربات منطقية ولا خطة لقيادة التفاوض تحت مظلة الامم المتحدة. 
الاستقالة تأتي بعد زيارة لوزير خارجية الاحتلال للولايات المتحدة الامريكية لمدة ثلاثة أيام عاد منها بدون خفين وبدون حذاء، فهو لم يلتق لا مع بومبيو ولا مع أي مسؤول مهم. نتيجة لهذا نحن الآن أمام وضع جديدة هو البحث عن مبعوث شخصي جديد، والذي من المنطق بمكان أن يكون من الولايات المتحدة الامريكية كالعادة. في حالة حدوث هذا الاحتمال يمكن أن تعرف القضية بعض الانتعاش في قضية المفاوضات، لكن فقط إذا بقى جون بولتون هو مستشار الامن القومي.
السيد حمدي يحظيه

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *