الجمهورية الصحراوية تنتصر على دسائس المملكلة المغربية في الإتحاد الأفريقي.
لم تنضم المملكة المغربية لمنظمة الإتحاد الأفريقي حبا ولا سعيا لتعزيز قوة القارة ولا خدمة لمبادئها أو للمساهمة في تحسين إقتصاد القارة، ولا يخفى على أي كان أن قرار الإنضمام جاء بهدف واحد ووحيد وهو تفكيك الإجماع القاري على عدالة قضية الشعب الصحراوي وتدمير المنظمة الحاضنة للدولة الصحراوية التي أصبحت حقيقة تؤرق المغرب وراعيته فرنسا.
بناءا على تلك الحقيقة التي تعززت بالتصرفات الطائشة والصبيانية والمشينة التي أقدمت عليها الوفود المغربية في الكثير من فعاليات المنظمة، دأب المخزن المغربي على السعي بكل الوسائل الخبيثة والخسيسة للنيل من مكانة الدولة الصحراوية وإعاقة حضورها وإعتبارها وعضويتها في هذه المنظمة.
ماحدث في الأسبوع الماضي في أديس ابابا أثناء إجتماعات الخبراء القانونيين ووزراء العدل الافارقة نموذج عن نية الدولة المغربية ودليل قاطع وناصع على الخفايا الحقيقية والنوايا المخزنية المبيتة وراء عودة المملكة المغربية إلى العائلة الأفريقية. وهو دليل أيضا وبرهان على أن الدول الأفريقية لا تباع ولا تشترى ولا تساوم على مبادئها وروح المنظمة التي تاسست على تاريخ طويل ومؤلم من التضحيات، وأن الدولة الصحراوية ليست إستثناءا ولا نشازا بل هي كباقي الأعضاء محصنة بالميادئ والميثاق، وكان الحدث أيضا صورة واضحة على وجود إطارات وكوادر صحراوية فاعلة وقوية ومؤهلة للتصدي لدسائس ومكر الدولة المغربية ولتعميق الفهم وتنوير الرأي اليكم بشكل مختصر ماحدث بعاصمة افريقيا ، أديس أبابا :
ملحمة الخبراء .
شهد اجتماع الخبراء القانونيين ووزراء العدل معركة بين الجمهورية الصحراوية من جهة والمملكة المغربية من جهة أخرى وكانت هذه من اشرس المعارك التي خاضها المغرب منذ انضمامه للاتحاد يناير 2017 .
وطيلة خمسة ( 5 ) ايام من نقاشات الخبراء حاول المغرب تمرير عدد من المقترحات الخطيرة التي تمس بوحدة القارة وبمبدا المساواة بين الدول وبحق الدول الأعضاء الطبيعي في المشاركة في أنشطة الاتحاد ومؤسساته .
وجاءت مقترحات الطرف المغربي أثناء دراسة النصوص القانونية الثلاثة الخاصة بالنظام الأساسي للمركز الافريقي للبحوث والدراسات حول الهجرة بمالي ، والنظام الأساسي للمرصد الافريقي للبيانات والإحصاءات حول الهجرة بالمغرب ، والنظام الأساسي للمركز القاري حول تهريب والاتجار بالمهاجرين الذي سيكون مقره السودان
وتمثلت اهم المقترحات الإقصائية للطرف المغربي في مايلي :
1. اقتراح رفع المرصد الافريقي في المغرب لتقاريره مباشرة الى المجلس التنفيذي دون المرور على المفوضية أو اللجنة الفنية المتكونة من وزراء الهجرة والعمل من كل الدول الأعضاء الذي يضم في عضويته الجمهورية الصحراوية .
2.اقتراح أن يتولى المرصد الافريقي للهجرة بالمغرب توظيف الموظفين بالمركز من الدول الأفريقية بدل الدول الأعضاء في الاتحاد الافريقي ، في محاولة مفضوحة لمنع تغلغل اي موظفين صحراويين في المرصد باعتباره مؤسسة من مؤسسات الاتحاد الافريقي .
3 . اقتراح استعمال مصطلح " الدول الأفريقية " بدل مصطلح " دول الاتحاد الافريقي " في كامل النص القانوني من أجل منع الجمهورية الصحراوية باعتبارها دولة عضو من التمتع باي حقوق ينص عليها النظام الأساسي طالما أن المستهدف هو الدول الأفريقية التي ليس لها إطار قانوني في المنظمة ، وبالطبع فهم يعتبرون منذ مدة استعمال هذا المصطلح يؤدي بالنتيجة إلى إقصاء الراصد وقد تم استعمال هاته المصطلحات المطاطة والغامضة من قبل الأوروبيين منذ مدة عندما كان المغرب خارج الإطار القانوني للمنظمة ، إذ تم الاتفاق على استعمال مصطلح ( القمم الأفريقية ، اجتماعات الدول الأفريقية ) خاصة في الشراكات الكبرى للاتحاد الأفريقي مع شركائه الاستراتيجيين.
4. إقتراح أن يتشكل مجلس إدارة المرصد الافريقي للهجرة بالمغرب من ممثلين عن المجموعات الاقتصادية الإقليمية "RECs" ، في محاولة مكشوفة للتصدي لأي تمثيل للجمهورية الصحراوية في مجلس الإدارة المذكور علما أن الدولة الوحيدة التي ليست لها عضوية في أي " RECs" هي الجمهورية الصحراوية .
وبالرغم من خطورة كل هذه المقترحات إلا أنها تسعى كلها لتحقيق هدف واحد ووحيد هو محاصرة الحقوق السيادية للجمهورية الصحراوية وعزلها عن إطارها القانوني المتمثل في منظمة الاتحاد الافريقي ، وقد كان وزير الخارجية المغربي بوريطة أثناء قمة نيامي يوليو 2019 أكد أثناء إطلاق منطقة التجارة الحرة الأفريقية أن اساسات هاته المنطقة ستكون المجموعات الاقتصادية الإقليمية وهو الأمر نفسه الذي كرره رئيس الحكومة المغربية العثماني مستخلصا أن من لا ينتمي إلى RECs فإن لامستقبل له في المنظمة القارية وقد كان المقصود من كلام العثماني واضحا آنذاك .
وطيلة الأيام الخمسة حاولت الدبلوماسية المغربية بكل وسائلها المعروفة الدفاع عن هاته المقترحات السامة وغيرها ، غير أن جدار صد تشكل من دول صديقة وذات مبادئ للوقوف ضد تلك المقترحات .
ولكي نكون منصفين فإن جولة اجتماع الخبراء القانونيين شهدت معركة حامية وشرسة وبالرغم من الدفاع المستميت من قبل الراصد وحلفائها ، الا أن الغلبة كانت لمقترحات المملكة المغربية من خلال البلطجة المفضوحة والتشكيك في حيادية الرئيسة ومهاجمة الآراء التي قدمها ممثلي المكتب القانوني.
وقد تحفظت الجزائر وجنوب أفريقيا والجمهورية الصحراوية على كل تلك المقترحات وخاصة على المادة 7 المتضمنة تشكيل مجلس إدارة المرصد الافريقي للهجرة بالمغرب الذي يقصي حق مشاركة الدول الأعضاء في مجلس الإدارة وبخاصة أي احتمال لمشاركة الجمهورية الصحراوية في المجلس المذكور .
غير أن الخطوة الذكية التي أنقذت الموقف جاءت من ممثلة الجزائر ودعمتها جنوب أفريقيا والجمهورية الصحراوية حينما تقدمت بطلب استشارة قانونية من المكتب القانوني للمنظمة حول مدى قانونية المقترحات السالفة الذكر ومدى مطابقتها لقوانين المنظمة .
وبالرغم من وضوح الرأي القانوني الذي جاء نافيا لمعظم مقترحات المملكة إلا أن الخبراء وتحت ضغط كبير ولوبي قوي من المغرب قرروا رفع تلك الإشكالات مع الرأي القانوني لدراسته من قبل الوزراء لاتخاذ مايلزم من قرارات .
كان مقترح عدم نقاش الرأي القانوني في الخبراء ورفعه للوزراء مقترحا قسم المشاركين الى قسمين بين من يرى ضرورة نقاشه وبين من يدعو لرفعه للوزراء ، و كان الوفد المغربي ممن دعا إلى رفعه للوزراء وكان ذلك مجرد تكتيك لان خطتهم الأساسية كانت تقضي بالاجهاز على الرأي القانوني والتصدي لنقاشه واتضح ذلك بعد أن رفض الوفد المغربي مقترحا ناميبيا بإدراج الرأي القانوني كبند للنقاش في جدول أعمال الوزراء بعد خمسة أيام متعبة ومنهكة من النقاش الذي وصل احيانا مراحل متشنجة بين الطرفين ، ووصل التشنج ذروته عندما رفضت رئيسة اجتماع الخبراء توزيع الرأي القانوني على الدول الأعضاء بناءا على مقترح مغربي بحجة أن الرأي لم يكن متوافرا الا باللغة الإنجليزية .
وقد تم دحض تلك الحجة من قبل الجمهورية الصحراوية والجزائر وجنوب أفريقيا الذين أكدوا أنها ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة بالتأكيد التي يتم فيها توزيع وثيقة رسمية بلغة واحدة كسبا للوقت وأنه لا مانع من ذلك خاصة اذا كان الرأي ستتم مناقشته فقط على مستوى الوزراء .
وانفض اجتماع الخبراء في وقت متأخر دون توزيع الرأي القانوني ، وسط تشنج واضح بين الطرفين ، وشىرخ عميق بين دول المنظمة أحدثته المقترحات المغربية، مصحوبا برضى واضح عند الوفد المغربي وثقة كبيرة من أن المعركة قد حسمت لصالحهم وقد كان هذا الانطباع العام لدى الجميع .
الجمهورية الصحراوية تنتصر على دسائس المملكلة المغربية في الإتحاد الأفريقي.
لمواجهة هذه الدسائس المغربية شرع وفد الجمهورية الصحراوية الذي ترأسه عضو الامانة الوطنية للجبهة الاخ محمد يسلم بيسط خلال اجتماعات الوزراء والذي اخلط حسابات المملكة المغربية على جميع الأصعدة، في اتصالات بالحلفاء الذين لم ينطقوا دعما للجمهورية الصحراوية في اجتماع الخبراء ، واستنفرهم وشرح لهم الواحد تلو الآخر خطورة الموقف وانهم أمام سابقة لايمكن قبولها وهي خط احمر بالنسبة للجمهورية الصحراوية، وأكد أن التاسيس القانوني لإقصاء الجمهورية الصحراوية لايمكن السكوت عنه ، ولامبرر له اطلاقا ، وان الراصد تحتاج حلفاءها اليوم للوقوف ليس فقط بجانبها وانما الوقوف مع وحدة القارة والدفاع عن سيادة القانون ، ورفض السوابق الإقصائية التي يحاول المغرب إدخالها في المنظومة القانونية للمنظمة ، وان الصمت خلال اجتماع الوزراء سيستفيد منه الطرف الآخر وان اجتماع اليوم أما للحق وسيادة القانون وصون الحقوق السيادية لكل الدول الأعضاء أو للتفرقة وشرذمة وحدة القارة وفتح الباب بمصراعيه أمام ممارسات خرق قوانين المنظمة ومثلها العليا ومبادئها
وفعلا فقد تم الاتفاق على عقد اجتماع للحلفاء وتم وضع خطة محكمة للتصدي لمقترحات المملكة المغربية ، وتم الاتفاق بالاجماع على الدفاع عن الرأي القانوني الذي أعده مكتب المستشارة القانونية للاتحاد وان يتم وجوبا الأخذ بخلاصاته الواضحة في كل الامور التي أثارتها الدول الأعضاء أثناء اجتماع الخبراء .
دسائس الدولة المغربية تتحطم على صخرة الإتحاد الافريقي .
وفي اليوم الأول لاجتماع الوزراء اتصل ممثل الدولة الصحراوية بكل الدول الحاضرة تقريبا دون استثناء وأوضح لهم أن الجمهورية الصحراوية ليست ضد انشاء مرصد افريقي للهجرة في المغرب ولكنها ضد اقصائها وتحييدها عن اجهزة صنع القرار في مراكز الهجرة انطلاقا من ضرورة احترام مبدأ المساواة بين الدول الأعضاء في المنظمة وان المقترحات التي تقدمت بها المملكة المغربية هدفها الأساسي خلق سابقة لإقصاء الجمهورية الصحراوية من مؤسسات الاتحاد ومكاتبه المتخصصة .
تم اعتماد النصوص القانونية الستة التي لاخلاف عليها بشكل سريع، بينما أخذت النصوص الثلاثة وخاصة النظام الأساسي للمرصد الذي يوجد بالمغرب وقتا طويلا من النقاش. اقترح الرئيس أن يبدأ النقاش بالمادة 7 المشتركة والمتعلقة بتشكلة مجلس الإدارة الخاصة بالمرصد وبقية المراكز ، وقد مثل المغرب وزير العدل .
كانت المفاجأة أن الحلفاء كلهم وبالاجماع وبصوت واحد تتابعوا على رفض إقصاء أي دولة ، والتمسك بالخلاصات التي توصل إليها الرأي القانوني والاشادة بمهنيته وبدقة المعلومات المقدمة مع التأكيد على احترام الحقوق السيادية لجميع الدول.
تتابعت الجمهورية الصحراوية وأكثر من ثلاثين دولة على ذلك الخط الذي شكل نارا تطايرت حممها محرقة المقترحات المغربية، وبقي الاخير معزولا وهو في عقر المنظمة التي أراد لها أن تناصر ظلمه فانقلب السحر على الساحر وانتصرت دول الاتحاد الافريقي جميعها دون استثناء لقيم المنظمة وقوانينها .
كانت مداخلات الوفد الصحراوي المركزة ووزير العدل لجنوب أفريقيا والجزائر وبقية الحلفاء حاسمة في تسديد ضربة قاضية غير متوقعة للمغرب وفي هاته اللحظات طالب الوفد المغربي برفع الجلسة لإجراء مزيد من المشاورات ، وهو الأمر الذي رفضته الجزائر و الراصد وحلفائها مطالبين الرئيس بحسم الموقف لوضوحه .
كانت الضربة القاضية القاصمة للمقترحات المغربية هو الحياد الإيجابي الذي أظهره وفد مالي ، خاصة بعد ما تقدم بمقترح يأخذ بعين الاعتبار مزج تشكلة مجلس الإدارة من الدول الأعضاء وRECs وهو المقترح الذي طالبت به الجزائر والجمهورية الصحراوية وجنوب أفريقيا في اجتماع الخبراء وتم رفضه من قبل الوفد المغربي ، وهاهو الان يحظي بالقبول من قبل الجميع وعلى مستوى الوزراء !!!! في انتكاسة واضحة لكل مخططات المخزن المغربي .
وانتهت كل تلك الهالة الواهية التي حاول المغرب الدفاع عنها لآخر لحظة و التي بدت اهون من بيت العنكبوت وبقي المغرب وحيدا منبوذا مقهورا مهزوما رغم الفارق العددي بين وفدي البلدين اذ ضم الوفد الصحراوي 5 اطارات صحراوية مقابل 15 عضوا تشكل منهم الوفد المغربي .
لقد تأكد الجميع أن هذه الدولة الصغيرة التي لازالت تكافح على صعد كثيرة ، بإمكانها قلب المعادلة في أي وقت تختاره هي وفي اي مكان وأنها لاترضى أن تحجم من قبل ايا كان ، وان ساحات المعارك الدبلوماسية لن تكون ايسر ولا اقل إيلاما من المعارك العسكرية ، وان المملكة ستواصل حصد نتائج نهجها الاقصائي وان الدولة الصحراوية جاهزة لتلقين الجيش الدبلوماسي المغربي هزائم امر من تلك التي ذاقها الجيش المغربي في ام الدكن والزاك ولمسايل .
خرج الجميع وهو غير مصدق ماحصل ، وانهالت التبريكات على ممثل الدولة الصحراوية وعلى الحلفاء الذين وقفوا بالمرصاد لهاته الخطة الجهنمية واثبتوا أن اختراق القارة ومحاولات شرذمتها أمر مفضوح ولايمكن تمريره .
وزير جنوب افريقيا تدخل مداخلة قوية قائلا إن الخطأ يبقى خطأ حتى وأن ساندته 100 دولة ، لان كثرة العدد لاتشرع الخطأ وسيظل خطا في راي كل الأجيال وعبر كل الحقب ، وعبر عن دعمه لمداخلة قوية قدمها ممثل الجمهورية الصحراوية انهال فيها على تمجيد ملك المغرب محمد السادس في نص قانوني افريقي ، وتساءل لماذا لم يتم تمجيد الرئيس المالي في نظام مركز مالي أو لم يتم تمجيد الرئيس السوداني في مركز السودان ، وأكد وزير العدل الجنوب أفريقي أن منظمة كمنظمة الاتحاد الافريقي يحب أن لاتطبل أو تمجد الملوك ، لأنها ملك حصري للشعوب الأفريقية وليست جوقة غنائية تسير وراء الملوك.
كانت دعوات الصحراويين ترتفع في كل مكان وابتهالاتهم بنصر الجمهورية الصحراوية في هذه الملحمة غير المتكافئة ، وبفضل الحنكة السياسية التي أظهرها الوزير الصحراوي المؤهل وادارته لتلك المعركة بذكاء ودهاء انتهى اليوم الأول بنصر كان طعمه احلى من الشهد ورائحته اطيب من العطر وكان لابد من القول وان ينصركم الله فلا غالب لكم .
هاهو اجتماع الوزراء يناصر للحق رغم المحاولة الفاشلة للمغرب على جميع الصعد .
لم تعد منظمة الإتحاد الأفريقي كما كانت بعد دخول المملكة المغربية إليها بتاريخها العفن الملئ بالمكر والخداع والتعنت، وبذلك ستتغير معطيات المعارك التي تدور رحاها في حلبة المنظمة، وعليه لابد لنا من تجنيد كل الطاقات والكفاءات التي ستمكننا من ربح الحرب الدبلوماسية التي تجري رحاها في اديس ابابا .
انتهى اليوم الأول من اجتماع الوزراء برفض جميع المقترحات المغربية وسط دهشة الجميع . وما ضاع حق وراءه مطالب .
ابن البوليساريو
ولاية السمارة
24 نوفمبر 2019