قبل ان يبكى جمال ريان لم يتذكر الصحراويين
تداولت مواقع التواصل الإجتماعي، فيديو، لصحفي الجزيرة، جمال ريان، يتحدث عن "طبخة الفرن" التي سيتم بموجبها حرق قضية فلسطين و جعلها رمادا تذروه الرياح. وقد ظهر في حالة من اليأس و الإحباط لم يتمالك معها نفسه بعد الإحساس بمرارة الإحتلال و تكالب الأمم و ظلم ذوي القربى.
المشهد الدرامي الذي بدى عليه جمال ريان مؤثر، ولكن في الواقع لم يثر إهتمامي الشخصي، لأنني أعتبر القدس لي و أنا هنا و هنا أنا، و فلسطين لي و أنا لها و ستظل كذلك، والقضية الفلسطينية قضية شعوب وليست قضية "سماسرة" أنظمة حكم عربية.
بكاء جمال على الأطلال ذكرني بلقاءات عديدة عندما يتعلق الأمر بقضية الصحراء الغربية، وبصفة أخص حين استضاف عبر الهاتف، ممثل جبهة البوليساريو، و خلاله إستحضرت كيف أفحم جمال ريان ضيفه ممثل الشعب الصحراوي وكيف قمعه مستغلا سلطته ك"صحفي". في المقابل إستحضرت كيف تعامل مع الطرف الآخر بكل لطف ولباقة.
أعرف أن موضوع الصحراء الغربية، موضوع حساس، حين يتم تسليط الضوء عليه من طرف بعض القنوات العربية، وأعرف أن الحياد يسقط من قاموس الإعلام العربي في هذه القضية بالذات، لأن نزعة "القومية العربية" لا تصحو في نفوس بعض الصحفيين العرب و منهم جمال إلا عندما يتعلق الأمر بالصحراء الغربية، وذاك لعمري ظلم عربي لازلنا نعانيه.
اليوم وبعد أن بلغ جمال ريان عمر القضية الفلسطينية نفسها تقريبا، أدرك أن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة من وقع الإحتلال نفسه، و أن تواطؤ العرب أشد قساوة على القضية من بنادق وجبروت المحتل.
نعم يا جمال لقد أدركت مؤخرا أن الظلم ظلم، و أقسى درجات الظلم أن يرميك أخوتك في غياهب الجب و يأتوك بقميص دم القضية، و قد مارست انت و إخوانك ممن لازال يعيش "حلم القومية"، ظلما إعلاميا كبيرا في حقنا نحن الشعب الصحراوي لأننا نحن ايضا لدينا طاقات وكفاءات قادرة على تسيير دولة، هي قائمة الذات اصلا، بجيشها ودركها وشرطتها، و لدينا لاجئون يعيشون تحت الخيم، و في الشتات لنا نصيب. و العرب ممن تآمر عليكم تآمر علينا أيضا، و يعمل جاهدا على تعميق جراحنا، آهاتنا و مأساتنا..ويبحث عن وأدنا أحياء نحن كذلك.
ذات الظروف الذاتية والموضوعية التي تعيشها يا جمال نعيشها نحن ايضا، مع إختلاف بسيط في الرؤى والمبادئ وهي أننا لم ولن نتخل عن فلسطين ظالمة أو مظلومة، و أنت والعرب بعتمونا في سوق النخاسة السياسي بإسم "القومية"ولم تدرك يا جمال حينها أن الثور الأبيض قد أُكل.
أرجو أن تكون دموع الريان صحوة ضمير لكل الصحفيين العرب.
من صفحة Abdati foudache
من صفحة Abdati foudache