بقايا الآبارتايد: رئيس مجلس النواب الموريتاني
لو ان هذا حدث في إحدى الدول الديموقراطية الغربية "الكافرة الملحدة"، لتعرض صاحبها للإقالة والعزل و سيق إلى قصر العدالة، لمحاكمته بإسم "التمييز العنصري والحض على الكراهية"... و لكن ما دمنا نعيش في ديموقراطية العرب "المؤمنون" بالضعيف من الأحاديث "الناس سواسية كأسنان المشط"، فبالتأكيد لن يحدث شئ، لأن الآية قد سبقت الحديث"الأعراب أشد كفرا و نفاقا".
الواقعة حدثت تحت قبة الجمعية الوطنية الموريتانية "مجلس النواب"، وبطلها رئيس المجلس الذي خلع عباءة السياسي ولبس ثوب القبيلة "المتعفن"، وتجرد من كل أدبيات الحوار التي يفرضها القانون الداخلي للمجلس، مطلقا العنان للسانه السليط للطعن في شرف برلماني منتخب ديموقراطيا من طرف الشعب.
لن نعاتب المجلس الموريتاني الموقر، و لن نأخذ كل الشعب الموريتاني بجرائم "الجهلة" من باب انه "لا تزر وازرة وزر أخرى"، ولكن سنوضح بعض الأمور للجاهل العنصري.
أولا: الهجرة ليست عيبا، وليست جرما يؤخذ على صاحبها ، لأنها أمر إلهي من رب العباد مالك الأرض، وما دمنا "مؤمنين" فقد كان لزاما علينا الإقتداء بسنة رسوله، ايضا، اشرف خلق الله، في الهجرة مع أصحابه. و حين يريد الله أن يعز المرئ ييسر له سبل العزة حتى و إن كان الحاكم كافرا فاجرا، كما حدث مع سيدنا يوسف. وعندما يشاء ان يذل شخصا يرفع عنه ستره و ينطقه بما في صدره من غل وحقد كما حدث للرئيس ولد بايا.
البرلماني الموريتاني القاسم البلالي، قد يكون هاجر إلى بلاد شنقيط، بعد أن ضاقت به السبل في أرضه، شأنه شأن الآلاف من العائلات الصحراوية، ولكن رغم الجذور البيولوجية لشجرته فقد فازت موريتانيا بقطف ثمارها. برلماني مثقف، نزيه، يحمل فكرا تنمويا للوطن و لأبناءه الذين إحتضنوه و أحتضنهم، ولم يك مسؤولا فاسدا يغتني من أموال الشعب وهذا النوع من الرجال تبحث عنه ب"المجهر" أمم الغرب التي تحترم الإنسان حتى و إن كان لقيطا ولا تضيع وقتها في البحث عن الأصول.
ثانيا: أمريكا دولة عمرها اقل من ثلاثة قرون، تأسست على أنقاض الهجرة و تحكم العالم اليوم بكفاءة فسيفساء من المهاجرين، لم يطعن أي مسؤول منهم في الآخر وأختارت "زنجيا" من أصول أفريقية ليكون رئيسا.
فرنسا غزت نصف الكرة الأرضية بسواعد المهاجرين، وتداول على هرم السلطة فيها أبناء مهاجرين ، آخرهم لازال يحكم. فازت بكأس العالم بأقدام مهاجرين و حررها من الإحتلال النازي مهاجرون ورغم ذلك لا زالت تحتل موريتانيا، وأخواتها من مستعمراتها السابقة، عن طريق المتواطئين و الجهال من أبناء البلد الأصليين الذين يدعون "الشرف"، في حين أن القاسم يدعوا إلى الإستقلال التام عن التبعية والتدخل السياسي في الشؤون الداخلية لموريتانيا.
الغرب يتقدم ويتطور بتقدير كفاءة المهاجر، ويوفر له سبل العيش الكريم و موجبات الإستقرار، و الجهلة يساعدون الغرب على إحتلال الأرض لأنهم "شرفاء" ولا مكان للدخلاء بينهم، من الطاقات والكفاءات حتى و إن كان طبيبا جراحا. وبما أننا "جهلة" فحربنا الأساسية عنصرية قبلية، إثنية عرقية... وقودها الرئيسي "منهو أحر من الثاني"، حتى و إن إحترق الوطن.
و بما اننا في مجتمع البيظان "المؤمن" أكثر من غيره من الأمم بتعاليم الإسلام التي تدعو إلى المساواة، فقد ظل مبدأ "الشرف" العربي الأصيل، شرطا مقتصرا على السادة والنبلاء و ما عداهم من الخلق منزلة فهم مجرد عبيد و مماليك او حتى "البدون"، رغم إدراكنا أن لا أحد منا أشرف من ابا لهب، وهو في الدرك الأسفل من جهنم.
ثالثا : و للإشارة فقط فقد سبق أن جلس على ذات الكرسي برلماني موريتاني عانى كثيرا من التمييز العنصري لأنه "أسود البشرة" او من فئة "الحراطين" كما يحبذ الجهلة والعنصريين من اصحاب "الشرف"، تسميتهم، و لم يطعن يوما في اصول أحد من زملائه النواب، وقدم ترشيحه لرئاسيات موريتانيا مرتين.
ملاحظة: نماذج المهاجرين ممن وصلوا سدة الحكم في الأوطان التي إحتضنتهم بكل دفئ، كثيرة، ولا حصر لها كعمدة لندن الباكستاني الاصل، والفلسطيني رئيسا للسلفاذور، ولكن إقتصرت على هذا القدر فقط حتى أظهر ل"الجاهل" أن الأمم تنهض بإحتضان الكفاءات ولا تنهض بعلم الأنساب.
من صفحة Abdati foudache