أبو بكر بن عمر اللمتوني ومواصلة نهج المؤسس في قيادة المرابطين
تأثر الامير ابو بكر بن عمر اللمتوني لوفاة عبد الله بن ياسين، الزعيم الروحي لدولة المرابطين، فما إن فرغ من دفنه والصلاة عليه، حتى خرج لقتال بورغواطة "فأثخن فيهم قتلاً وسبيًا حتى تفرقوا في المكامن والغياض، واستأصل شأفتهم، وأسلم الباقون إسلامًا جديدًا، ومحا أبو بكر بن عمر أثر دعوتهم من المغرب، وجمع غنائمهم وقسمها بين المرابطين، واتفق المرابطون على اختيار أبي بكر مكان ابن ياسين، وبايعوه، فجمع بذلك بين الزعامة الدينية والسياسية، إلا أن القاضي عياض وابن خلدون يؤكدان على أنه وقع الاختيار للزعامة الدينية على سليمان بن عدو للرجوع اليه في القضايا الدينية، وامور الفتوى، يقول بن خلدون : وقدم المرابطون بعده (يعني بن ياسين) سليمان بن عدو ليرجعوا إليه في قضايا دينهم. واستمر أبو بكر بن عمر في إمارة قومه"
تابع أبو بكر بجيش المرابطين سيره نحو بلاد المغرب ففتح بلاد فزاز وسائر اراضي زناتة وبلاد مكناسة حيث حاصر مدينة لواتة ودخلها عنوة سنة 452هـ ـ 1060م ثم عاد إلى أغمات، المركز العسكري الذي اتخذه المرابطون عاصمة لهم، وقد اكتظت بالقوة البشرية الكبيرة للمرابطين فقرر الانتقال الى المكان الذي توجد به مدينة مراكش جنوب المغرب حاليا، وشرعوا في بناء عاصمة بديلة عن اغمات، بعدما اصبحت دولتهم تمتد وتكبر في عهد ابي بكر ويوسف بن تاشفين.
قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية: "أبو بكر بن عمر أمير الملثمين كان في أرض فرغانة، اتفق له من الناموس ما لم يتفق لغيره من الملوك، كان يركب معه إذا سار لقتال عدو خمسمائة ألف مقاتل، كان يعتقد طاعته، وكان مع هذا يقيم الحدود ويحفظ محارم الاسلام، ويحوط الدين ويسير في الناس سيرة شرعية، مع صحة اعتقاده ودينه، وموالاة الدولة العباسية..)
وقبل استكمال فتح ما تبقى من بلاد المغرب وصلتهم اخبار الصراعات التي نشبت بين قبائل صنهاجة بالصحراء وإغارة قبيلة جدالة على قبيلة لمتونة، فخشي الامير ابو بكر بن عمر افتراق الكلمة، التي كان جمعها وتأليفها من الاسس التي انطلقت عليها دولة المرابطين، فقسَّم جيشه إلى فريقين، أبقى نصفه مع ساعِدَهُ الأيمن يوسف بن تاشفين واستخلفه على المغرب وكُلّفه بتأديب القبائل المتمردة كمغراوة وزناتة وبنى يفرن ومواصلة الفتوحات باتجاه المناطق الاخرى.
وزوده يوسف بن تاشفين بالمال والخيل والمؤن، وعندما اشرف على الرحيل طلق أبو بكر زوجته زينب النفزاوية، التي قال بانها إمراة جميلة ولا طاقة لها على العيش والترحال المستمر مع الجيوش، تحت حرارة الصحراء وقساوة الطبيعة، ونصحها بالزواج بابن عمه، يوسف بن تاشفين.
وانطلق يشق طريقه نحو قومه بالصحراء حتى وصلهم، وبدأ في إصلاح ذات بينهم وفض نزاعهم، وقد نجح في قطع دابر الفتنة وتمكّن من إعادة الامور الى نصابها، يقول بن خلدون :"ورفع ما كان بينهم من خرق الفتنة وفتح باباً من جهاد السودان فاستولى على نحو تسعين مرحلة من بلادهم ".
وبعد هذه المهمة القيادية لزعيم المرابطين في القضاء على اسباب الخلاف في الصحراء وجمع كلمة قبائل صنهاجة من جديد وتوحيد صفها تحت راية الموحدين، توسع في جهاد قبائل السودان الوثنيين لتدخل في الإسلام، وقد تعمق في تلك البلاد وحقق نجاحات كبيرة في مهمته الجهادية.
واثناء غيابه تزوج يوسف بن تاشفين اللمتوني من زينب بنت إسحاق النفزاوية سنة 454 هـ ـ 1062م وكان زواجا مباركا عليه، ظفر بصحبتها بانتصارات باهرة وفتوحات عظيمة، حيث يقول بعض المؤرخين أن رجاحة عقلها كانت سببا في إتمام ما تبقى من فتوحات، وتثبيت دعائم الدولة المرابطية.
قال عنها المؤرخ أحمد بن خالد الناصري في كتابه الاستقصا: «فكانت عنوان سعده، والقائمة بمكله، والمدبرة لأمره، والفاتحة عليه بحسن سياستها لأكثر بلاد المغرب». ونقل عن ابن الأثير في الكامل: «كانت من أحسن النساء ولها الحكم في بلاد زوجها ابن تاشفين»
... يتبع
تابع أبو بكر بجيش المرابطين سيره نحو بلاد المغرب ففتح بلاد فزاز وسائر اراضي زناتة وبلاد مكناسة حيث حاصر مدينة لواتة ودخلها عنوة سنة 452هـ ـ 1060م ثم عاد إلى أغمات، المركز العسكري الذي اتخذه المرابطون عاصمة لهم، وقد اكتظت بالقوة البشرية الكبيرة للمرابطين فقرر الانتقال الى المكان الذي توجد به مدينة مراكش جنوب المغرب حاليا، وشرعوا في بناء عاصمة بديلة عن اغمات، بعدما اصبحت دولتهم تمتد وتكبر في عهد ابي بكر ويوسف بن تاشفين.
قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية: "أبو بكر بن عمر أمير الملثمين كان في أرض فرغانة، اتفق له من الناموس ما لم يتفق لغيره من الملوك، كان يركب معه إذا سار لقتال عدو خمسمائة ألف مقاتل، كان يعتقد طاعته، وكان مع هذا يقيم الحدود ويحفظ محارم الاسلام، ويحوط الدين ويسير في الناس سيرة شرعية، مع صحة اعتقاده ودينه، وموالاة الدولة العباسية..)
وقبل استكمال فتح ما تبقى من بلاد المغرب وصلتهم اخبار الصراعات التي نشبت بين قبائل صنهاجة بالصحراء وإغارة قبيلة جدالة على قبيلة لمتونة، فخشي الامير ابو بكر بن عمر افتراق الكلمة، التي كان جمعها وتأليفها من الاسس التي انطلقت عليها دولة المرابطين، فقسَّم جيشه إلى فريقين، أبقى نصفه مع ساعِدَهُ الأيمن يوسف بن تاشفين واستخلفه على المغرب وكُلّفه بتأديب القبائل المتمردة كمغراوة وزناتة وبنى يفرن ومواصلة الفتوحات باتجاه المناطق الاخرى.
وزوده يوسف بن تاشفين بالمال والخيل والمؤن، وعندما اشرف على الرحيل طلق أبو بكر زوجته زينب النفزاوية، التي قال بانها إمراة جميلة ولا طاقة لها على العيش والترحال المستمر مع الجيوش، تحت حرارة الصحراء وقساوة الطبيعة، ونصحها بالزواج بابن عمه، يوسف بن تاشفين.
وانطلق يشق طريقه نحو قومه بالصحراء حتى وصلهم، وبدأ في إصلاح ذات بينهم وفض نزاعهم، وقد نجح في قطع دابر الفتنة وتمكّن من إعادة الامور الى نصابها، يقول بن خلدون :"ورفع ما كان بينهم من خرق الفتنة وفتح باباً من جهاد السودان فاستولى على نحو تسعين مرحلة من بلادهم ".
وبعد هذه المهمة القيادية لزعيم المرابطين في القضاء على اسباب الخلاف في الصحراء وجمع كلمة قبائل صنهاجة من جديد وتوحيد صفها تحت راية الموحدين، توسع في جهاد قبائل السودان الوثنيين لتدخل في الإسلام، وقد تعمق في تلك البلاد وحقق نجاحات كبيرة في مهمته الجهادية.
واثناء غيابه تزوج يوسف بن تاشفين اللمتوني من زينب بنت إسحاق النفزاوية سنة 454 هـ ـ 1062م وكان زواجا مباركا عليه، ظفر بصحبتها بانتصارات باهرة وفتوحات عظيمة، حيث يقول بعض المؤرخين أن رجاحة عقلها كانت سببا في إتمام ما تبقى من فتوحات، وتثبيت دعائم الدولة المرابطية.
قال عنها المؤرخ أحمد بن خالد الناصري في كتابه الاستقصا: «فكانت عنوان سعده، والقائمة بمكله، والمدبرة لأمره، والفاتحة عليه بحسن سياستها لأكثر بلاد المغرب». ونقل عن ابن الأثير في الكامل: «كانت من أحسن النساء ولها الحكم في بلاد زوجها ابن تاشفين»
... يتبع
إعداد: حمة المهدي
ــــــــــــــــــــــ
بعض المراجع:
[1] بن ابي زرع، روض القرطاس، ص 91
[2] تاريخ ابن خلدون، كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر