-->

الشهيد الأسطورة الولي مصطفى السيد مناضل قضية و ثورة وفكر و حرية





في تخليد ذكرى الشهيد:
حتى لا ننسى ...
الشهيد الأسطورة " الولي مصطفى السيد "، مناضل قضية و ثورة وفكر و حرية
توطئة: 
في الواقع إن تناول أية دراسة تتعلق بتاريخ و إسهامات و تضحيات الشهيد " الولي مصطفى السيد " كرمز أسطوري وتاريخي لقضية الصحراء الغربية يصطدم بمجموعة من الإشكالات المختلفة بسبب الظروف الدقيقة والمهمة التي نادرا ما تجتمع في قضية بدأت قليلة الإمكانيات قوية الإرادة و التصميم على الإنتصار . 
هذه الظروف الصعبة تأسست على عنصر بشري قليل العدد، بسيط التفكير، مدرك في تصوره و ملم بأدق تفاصيل قضيته التي بفضل ذكاء الشهيد " الولي مصطفى السيد " ورفاقه أطرت وجود شعب مقاتل و مساهم بدرجات من الوعي في إبراز سمات الفكر الثوري والتحرري لهذا الشعب ، و هو يخطو الخطوات الأولى في إعلان ميلاد الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية ، هذا الفكر الذي استمد مكانته وجذوره من أسس صلبة تعتمد الميدان كفعل و ممارسة من خلال قناعة متينة تنطلق من القاعدة العامة في التضحية والمشاركة ، خدمة لمبادئ ثورة 20 ماي الخالدة، والتي آمن بها الشهيد و باقي رفقائه وكانت بذلك سببا رئيسيا في استشهاده ، وهو يقاتل بأرض المعركة، مانحا العبرة لسلف وللخلف ، كون القائد هو من يقود ويخطط للمعارك الحربية و الدبلوماسية، وهو على رأس الصفوف الأمامية مع المقاتلين الأشاوس .
ـ تساؤلات:
ـ ما هي يا ترى القيمة الرمزية والإضافية التي أضافها الشهيد الولي مصطفى السيد للقضية الوطنية، إبان مرحلة البناء والتأسيس وبعد استشهاده في ساحة الكرامة والحرية ؟.
ـ إلى أي حد استطاع شهيد الحرية و الكرامة المزج بين النظرية والممارسة،بين الفكر والثورة ؟. 
ـ كيف استمر فكره الثوري ـ التحرري لبناء وتأسيس مفهوم الدولة الصحراوية الفتية،وفي تأجيج انتفاضة الاستقلال بالمدن المحتلة و المناطق المجاورة لها وبالمواقع الجامعية المغربية ؟
ـ الشهيد " الولي مصطفى السيد " و البعد الكفاحي في تأطير و توجيه المناضلين الصحراويين و في قراءة المشهد السياسي العالمي لحركات التحرر في العالم: 
إنه من الضروري الإشارة إلى أن الشهيد " الولي مصطفى السيد " شكل حلقة أساسية في التأطير السياسي، وفي توعية الجماهير الصحراوية بالمخططات الإمبريالية التي تحاك ضد الشعب الصحراوي، الذي ظل يؤكد إرادته في الحياة الحرة الكريمة بكل أبعادها الإنسانية وفق محدد أساسي هو الاستقلال ورفض كامل للعبودية وللخنوع ، مستمدا التجربة الكفاحية لمجمل الثورات العالمية في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا، والتي ناضلت شعوبها من أجل طرد الاستعمار وتحقيق الحرية والسيادة للشعب والوطن وتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، انطلاقا من أسس عميقة ومن فكر يطمح دوما لتكريس مفهوم الإنسان في علاقة مع الثورة وتكريس الفكر التحرري وتعميقه لدى كل فرد من أفراد المجتمع.
وانطلاقا من ذلك كان الشهيد "الولي مصطفى السيد " ملما بالفكر السياسي والتاريخي والفلسفي دون أن ننسى اهتمامه الكبير بالقانون الدولي، كمثقف وكمفكر مقتدر ومتميز،يطمح بشكل أساس إلى " الإيمان بمغرب الشعوب وليس مغرب الأنظمة، الشعوب المتمكنة من حقوقها في الحرية والاستقلال والحياة الكريمة والرافضة للأطماع الإمبريالية في أوطانها...."، معتبرا بأن تجربة الشعب الجزائري رائدة في هذا المجال، هذا الشعب الذي قاد مقاومة حقيقية ضد الاستعمار الفرنسي مدة 130 سنة ، فشكل بذلك رمزا أبديا للشعوب المكافحة، حيث ترجم ذلك ميدانيا من خلال مساندته المطلقة لمبدأ تقرير مصير الشعوب ، طبقا لما تنص عليه المواثيق و العهود الدولية لحقوق الإنسان ولوائح الجمعية العامة للأمم المتحدة، خاصة منها اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار. 
ولم يكن الشهيد " الولي مصطفى السيد " ليبلغ هذا المستوى من التفكير العميق للأشياء بكل محدداتها وتفاصيلها لولا انخراطه الفعلي منذ نعومة أظافره في مسار توعية الشعب الصحراوي بمبادئ الثورة وبحتمية التغيير وقلب كل الموازين والقوى الرجعية المتعفنة والمتسلطة على الشعوب التواقة للحرية والإنعتاق ، فكانت البداية من مدينة الطنطان ، الزاك، المحبس، لمسيد،اجديرية... قبل أن تنتشر خلايا تنظيم الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب بمجموعة من المؤسسات التعليمية والجامعية بداخل المدن المغربية وبالصحراء الغربية الخاضعة آنذاك للنفوذ الاسباني.
فكان يتميز بحركته الدائمة في إرساء دعائم ما سطرته الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب من مبادئ ثمينة و غالية و أكثر تجذرا في واقع متحرك على كل الجبهات الرافضة في مجملها لأي انبعاث للأفكار التواقة للحرية و الاستقلال و الكرامة الإنسانية ، منطلقا من أسس فكرية عميقة، استطاع الشهيد " الولي مصطفى السيد " وفي وقت وجيز أن يوصلها لكل أجيال المجتمع الصحراوي، بل وأوصالها حتى للمجتمع المغربي، من خلال تواجده الوازن في الجامعات المغربية، وتحديدا جامعة محمد الخامس بالرباط، التي لم يبخل فيها بممارسة فعله النضالي والحركي ضمن نخبة كبيرة من المثقفين اليساريين الجذريين المغاربة ، الذين تمكن من إقناع أغلبهم بعدالة قضية الصحراء الغربية و بإصرار الشعب الصحراوي على المضي قدما لتحقيق استقلاله وسيادته على ترابه الوطني، ضاربا عرض الحائط الفكر التوسعي للنظام المغربي ولحزب الاستقلال الشوفيني في توجهاته ذات البعد الإمبريالي والتوسعي. 
ـ عبقرية الشهيد " الولي مصطفى السيد ": 
لقد كان الشهيد " الولي مصطفى السيد " مفكرا عبقريا ومحبوبا ومقدرا حتى من طرف ألذ أعدائه، لا لشيء إلا لكونه ظل ملتزما بفكره النضالي، الذي يعتمد أساسا على التضحية والممارسة والتحليل للواقع الملموس برؤى تنطلق من أدبيات الفكر التحرري لتنتهي عند الإيمان بالمسؤولية والتحليل العميق والموضوعي، إضافة إلى النقد والنقد الذاتي، الذي بدونه لا يمكن للشعب الصحراوي وغيره من الشعوب المستضعفة أن تسير بعيدا على جميع المستويات، بل قد تتعرض لهزات تبعدها عن إطارها الحقيقي ويجعلها مرمية في مزبلة التاريخ.
كان الشهيد " الولي مصطفى السيد " محاورا صلبا ومشاكسا مقتدرا على إقناع العدو قبل الصديق، فكم كان متزنا وواضحا مع معارضيه، ليس فقط في الساحة الجامعية المغربية أو في ندوات ومجالس متعددة ضمت عدد من النخب من مختلف الدول المغاربية والعربية، بل وأيضا ضد كل القيادة الحزبية المغربية، التي ظلت ولفترات طويلة تستهزئ من فكره الثوري المتميز بنبرة ذاك الإنسان المتيقن والمتمكن من إدارة الصراع، ولو كلفه وشعبه ذلك الاستشهاد، مستندا إلى فكرة أساسية هي " أن نكون أو لانكون "، بمعنى أن نحيى أو " نحول أرض الصحراء الغربية إلى مقبرة للشهداء " .

ولم يؤمن الشهيد الولي مصطفى السيد ، يوما أو لحظة واحدة بالبطولة الفردية والذاتية الزائدة، بل أكد مامن مرة " أن معركة التحرير تضمنها الجماهير " ، اعتبارا إلى أن الشعب الصحراوي " مؤمن بحقه في الحرية والاستقلال ، وهو مستعد للكفاح من أجله حتى النهاية ..."، مؤكدا بلغة الحديد و النار ، بأن " من يقسم أرضنا يذبح شعبنا بالدافر" وأن " أرضنا لنا لا قواعد فيها ، خيراتنا لنا لا اقتسام فيها". 
كان يدرك جيدا أن حركة التاريخ تتأسس على نضالات الجماهير المؤمنة بعمق التغيير والثورة على الثوابت الرجعية للعديد من الأنظمة ، التي هي في الأساس أنظمة تبعية لقوى امبريالية هدفها الوحيد ابتلاع الشعوب وحماية رأسمالها ونفوذها عن طريق الضغوط والإملاءات التي تظل تمارسها على أنظمة متعفنة ، تسعى دوما إلى الخلود ضدا على إرادة شعوبها المقهورة.
وإيمانا بعدالة وشرعية القضية الوطنية، كان فكر الشهيد " الولي مصطفى السيد " منصبا على توطيد العلاقات مع الجيران، وبصفة خاصة الجماهيرية العربية الليبية ومع الجزائر " مكة الثوار " التي ظلت وفية لمواقفها الثورية، المؤمنة بمغرب الشعوب في أفق يجعل مناضلي الثورة الجزائرية لا يفكرون فقط في الجزائر، بل في " انقاذ الشعوب وخاصة شعوب المغرب العربي من الاستعمار الجديد واللون الجديد، لون الرجعية ". 
إنه وفي ظرف وجيز حصل ومن خلاله الشعب الصحراوي على العديد من المكاسب الدبلوماسية، وهو يواجه قوى استعمارية متمثلة في اسبانيا الدولة المحتلة والمتآمرة مع النظام المغربي ونظام ولد داداه الموريتاني وفي فرنسا، التي ظلت تسلح المغرب وتدافع عن جميع مخططاته الاستعمارية الهادفة إلى ابتلاع ومحو الهوية الصحراوية، وبالرغم من ذلك استمر هذا الشعب على الخط الذي رسمه رمز الكفاح والمقاومة الوطنية " الشهيد الولي مصطفى السيد " مفجر ثورة 20 ماي الخالدة وإلى جانبه شهداء استرخصوا دمئهم الزكية من أجل نصرة القضية الوطنية الصحراوية وجعلها بكل تجاربها محصنة من الفكر الرجعي والقبلي و الشوفيني الضيق ، من أمثال شهداء خلدوا اسمهم في التاريخ و ظلوا حتى الموت يدافعون عن الكرامة و الحرية و وحدة الشعب الصحراوي ، و نذكر هنا أسماء كل من الزعيم الرمز " محمد عبد العزيز " و " المحفوظ اعلي بيبا " و " سيدي محمد الخليل " و " أحمد البوخاري " و " " امحمد خداد " .....

ـ المكاسب و فرض الاحترام في نظر الشهيد " الولي مصطفى السيد " لا تأتي إلا بإسم الشعب 
يقول الشهيد الولي مصطفى السيد في خطاب الأطر سنة 1976 ( خطاب الوداع ) : " ... إن اللغم الموضوع تحت أقدامنا والممكن ان ينفجر بنا في أي وقت هو القبلية ، أسباب الوجود والمكاسب ، أسباب الكرامة والاحترام هي حقيقة واحدة اسمها الشعب ، الناس لم تحترمنا باسم قبيلة ومكاسبنا لم نحرز عليها باسم قبيلة وقدسيتنا لم نكسبها باسم قبيلة وإنما بإسم الشعب ...".
و يضيف موضحا : " ... المسألة الوحيدة التي نخاف منها ، والتي في الأخير قد تشكل ضربة قوية لنا ، بل تصفينا هي مسألة القبيلة ، لما تصبح التكتلات الصغيرة والقبلية رائجة والمصالح نابعة أساسا من مصلحة قبلية تتفشى السرقة والخطف والسلب ومن تم الركوع ... لماذا الركوع ؟ ، لأنه إذا حرق " لعصام " يحرق معه كل ما كنا نعلق عليه من لباس وأكل ، ولكي نحصل على لباس آخر وأكل يجب أن نركع ، وعندما تبدأ عملية الركوع ، لم يعد بمقدورك تحديد لمن ستركع ، يمكن أن تركع اليوم لمن كنت تصفع بالأمس وتقول له اعفي عني فإنني كنت على خطأ ... ". 
و يأتي تركيز الشهيد و رئيس الدولة الصحراوية الأول " الولي مصطفى السيد " على ضرورة وحدة الشعب الصحراوي و تماسك مؤسساته ، لأنه كان يدرك أن المعركة مع العدو ستكون معركة طويلة الأمد ، و أن الإحتلال المغربي سيحاول تأجيج التناقضات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمجتمع الصحراوي ، و سيحاول اذكاء النعرة القبلية ، لخلق مجموعات على أساس قبلي أو جهوي أو عرقي أو ديني لضرب وحدة الشعب الصحراوي والتشكيك في تمثيل الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب له ، و كل ذلك من أجل تعطيل إرادة التحرير والتشكيك في القدرة على البناء " ، مؤكدا بأن النجاح الكبير يكمن في وجودنا ككتلة واحدة ملتحمة ... ، كتلة توحدت أواصرها و نضجت سياسيا في اجتماع أو مؤتمر عين بن تيلي التاريخي بتاريخ 12 أكتوبر 1975
ـ الشهيد " الولي مصطفى السيد " الإنسان السياسي بإمتياز و تأثيره الواضح على واقع الأحداث: 
كان إنسانا طيبا له من الصفات ما يجعله محترما ومقدرا من لدن الجميع، خصوصا منهم المسنون، الذين كانوا يدركون فطنته وقدرته على الممارسة والمقارعة الفكرية، التي كان يطعمها بالحجج الدامغة المستلهمة من التراث العربي الأصيل عموما ومن التراث الصحراوي خصوصا، من أمثال وحكم وشعر بشكل جذاب ومتقن ، حتى أن من عاصره أصبح يدرك أن أمورا كان يصرح بها قيد حياته قد تحققت اليوم، كقوله : 
" نحنُ في 1973 كنّا شعباً مفروضٌ عليه التمزق.. ليس بإرادتنا، بل مفروضٌ علينا أن نتمزّق.. مفروضٌ علينا أن نتسوّلْ وليس من عادتنا أن نتسوّلْ".
" إن ملف الصحراء لن ينطوي حتى وإن لم تعترف به الأمم المتحدة ... " 
" الاتكالُ سيعملُ على فرز الإطارات ، من منهم أصبح يميلُ إلى الانتهازية ، يركبُ الجماهير ويستغل مكاسبها ثم يختبئ وراءها .. أي أن الجماهير أصبحتْ تجرّهُ خلفها ؛ ومن سيبقى بطبيعة الحال طلائعياً بالفعل بالنسبة للقاعدة الشعبية ، يُعطي ولا يأخًذ" ...
" إن قدرة الشعب تتجلى في اندفاعته لإحراز انتصارات ، أما دور الإطارات بالنسبة للشعب فهو دور البنت إلى جانب أمها.. البنتُ تحلبُ الماعز والأم تمخضُ الحليب.. ضروري إذا توفر الحليب ومن ثم ضروري وجود من يمخضه للحصول على الزبدة " .
" إن المغرب يحاول الآن أن يجعل من الوضعية الصحراوية وضعية إنسانية وليست وضعية سياسية."... 
" إن النجاح الكبير يكمنُ في وجودنا ككتلةٍ واحدة ملتحمة.. كتلة ولو كانت صغيرة".
" كلّما تقوّيْنا نحن، ضعُف عدونا".
" الإنسان الذي لديه الحق يستطيعُ أن يُعبّر وأن يُدافع عن ذلك الحق، حتى ولو كان أبكماً".
كان وهو يشتغل ويتقلد مسؤولية قيادة الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، الممثل الوحيد والشرعي للشعب الصحراوي، يدرك أن النزاع العسكري مع الدولة المغربية، كقوة محتلة سيدوم طويلا ، لكن وبفضل تضحيات الشعب الصحراوي برمته سيحقق النصر ، حيث استمر الكفاح الوطني وتحققت مكاسب سياسية مهمة بعد رحيله، تاركا قيمة إضافية لفكره الثوري المنسجم مع تطلعات هذا الشعب الأبي، والذي ورغم محاولة الدولة المغربية في إبادته استطاع أن يستمر وأن ينجب مناضلين تحملوا مسؤليتهم في البناء والعطاء وقيادة الانتفاضة داخل المدن المحتلة و خارجها ، حاملين شعارات تثمن الدور الريادي الذي لعبه الشهيد " الولي مصطفى السيد "، متعهدة بمواصلة الطريق حتى تحقيق النصر ، هذا النصر الذي يجب أن يأتي ، و حتما سيأتي. 
فوزعت صور الشهيد " الولي مصطفى السيد "و علقت على الجدران و شغلت حيزا مهما في المواقع الإلكترونية و مختلف مواقع التواصل الاجتماعي ، وبدأ الجميع يبحث عن الفكر الثوري الذي خلفه الشهيد من خطب، و من خلال الشخصيات الوطنية التي كان يجالسها ويعمل على تعبئتها ، وأصبحت النساء الصحراويات منذ تفجر ثورة 20 ماي يتسابقن لاختيار اسم الشهيد لأبنائهن ، كما سميت مدارس ومعاهد وفرق موسيقية على اسمه ، و أطلق معتقلون سياسيون صحراويون اسم " رفاق الولي " على مجموعتهم ، تقديرا لرمزيته كنبرأس ،للحرية والكرامة .
و إلى جانب ذلك تسابق الشعراء أصحاب الكلمة الحرة للتغني بعبقريته و بفكره الثاقب المتميز الذي سخره لخدمة الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ، كتوجه وطني يروم تحقيق الأستقلال ، فأبرز هؤلاء الشعراء من خلال شهيد الحرية و الكرامة قيمة و مكانة أسطورة بدأت لا لتموت ، بل لتحيى و تسري في دماء كل وطني يؤمن بالحرية في كل أبعادها ، المرتبطة أساسا بمنطق تحرري يرفض التراجع إلى الوراء راسما الطريق لجيل بات اليوم يصنع الحدث في مختلف شوارع مدن الصحراء الغربية و المناطق المجاورة لها و بالمواقع الجامعية ، بل وحتى مدنا عالمية مطالبا بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير و الاستقلال. 
ومن داخل زنازين النظام المغربي باتت صوره وفكره وعمق نظرته الثورية ملاذا حقيقيا للمعتقلين السياسيين الصحراويين، الذين ذكروا اسمه واسم الشهداء الصحراويين أمام هيئات المحاكم و داخل السجون المغربية ، مؤكدين على إيمانهم الراسخ بالتضحيات الجسام التي جسدها الشهيد " الوالي مصطفى السيد " في سبيل أن يظل الشعب الصحراوي شعبا موحدا ومتماسكا مهما كانت الظروف والأكراهات ، مرددين شعار " على نهجك ، نهجك يا الولي سنسير لتحرير الوطن الأسير " .
ووفاء لمواقفه الثابتة وفكره الثوري الملتزم سار الطلبة الصحراويين على نهجه،وتحركوا في الساحات الجامعية من أجل التعريف بالقضية الوطنية والدفاع عن تقرير مصير الشعب الصحراوي ، مستدلين بحضوره ومكانته قيد حياته في هذه المساحات من النضال والكفاح ومتمسكين بمبادئ ثورة 20 ماي الخالدة ، التي أطرت الفعل النضالي للشهيد ومن خلاله شهداء الحركة الوطنية الصحراوية والشعب الصحراوي المتمسك بعدالة وشرعية قضيته.
ـ فكر الشهيد الولي مصطفى السيد سيظل شامخا في التاريخ :
إن الفكر الثوري الملتزم للشهيد " الولي مصطفى السيد " ظل يرسم ويرسخ معالم الدولة الصحراوية بكل مؤسساتها بداية من انطلاقة الثورة باندلاع الكفاح المسلح ضد الغزو الاسباني ، مرورا بامتشاق المقاتلين الصحراويين بقيادة الشهيد ورئيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية آنذاك " الولي مصطفى السيد " ضد الغزو المغربي، الذي تكبد خسائر في العتاد والأرواح طيلة فترة الحرب ، وصولا إلى انتفاضة الاستقلال كمحدد فعلي وأساسي للفكر الثوري الجامح للتحرر من براثين الاحتلال .
ويبقى أن نشير أخيرا إلى أن الشهيد " الولي مصطفى السيد " يبقى بفضل نضاله مع الطبقات المسحوقة إجتماعيا وسياسيا ،مع الوطنيين الصحراويين رجلا قدم الشيء الكثير للقضية الوطنية إلى درجة بات من المستحيل العثور على مثله من المناضلين الشرفاء ، من حيث إنه جمع بين القمة كقائد والقاعدة، بين السياسي والمناضل المقاتل بين الفكر والممارسة ،بين الرجل العارف المحاور ،و المستمع المبدع و المنفذ لقرارات الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب، وهي مميزات جعلته إنسانا متميزا ومتفردا عن غيره من البشر ، و ليس ذلك الإنسان الذي يبحث عن الظهور و المجد لذاته أو لكل من يحيط به ، فتحية ثورية صادقة لأم أنجبته و والد رباه و أخوات و إخوان و رفاق ساروا على نهج الثورة الصحراوية و حافظوا على مبادئ ثورة 20 ماي المجيدة ، ليظل اسم الشعب و الوطن شامخا شموخ الشهيد " الولي مصطفى السيد " و غيره من شهداء الحركة الوطنية
الصحراوية في أبهى صورها و معانيها الثورية ـ الكفاحية .
بقلم : عمر عجنى .

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *