-->

ردا على قرار عزل قاضي من جهاز العدالة



لقد اطلعت على مقال في أحد المواقع الإلكترونية حول قرار عزل قاضي من جهاز العدالة كسابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الدولة الصحراوية خاصة في ميدان القضاء ، فقد حان الوقت لنكشف حقيقة لامرد لها ، والمتمثلة في عدم قدرة قضاتنا.وضعف رصيدهم القانوني وعدم مقدرتهم على لعب الدور الرئيسي في رسالة القضاء ، سواء المزاولين منهم المهنة حاليا وحتى الذين يجلسون على كراسي تنفيذية عليا ، ظل دائما يهدد إحقاق العدالة المنشودة منذ افتتاح صرح القضاء ، لأن ليسانس 1996 و دراسة الشريعة دون القانون ، وجلب شهادات من ليبيا أو سوريا بعد الرسوب لعديد المرات وحتى التكوين في المعهد العالي للقضاء فقط لمدة ستة أشهر ، وغيرها من شهادات الليسانس فقط صاحبه لم يتلق أي تكوين من يوم تخرجه حتى أصبح متخلفا عن ركب القضاء العالمي الذي يحقق العدالة الحقة في زمن حقوق الإنسان ، هؤلاء ليسوا جديرين باغتصاب كراسي القضاء والتمثيل على المتقاضين على أنهم يفهوا شيئا من القانون للأسف الشديد ، والمسار العملي لكل منهم شاهد لايقبل التحريف على ذلك ، فكم مرة تقاعس القضاء عن مواجهة قضايا مرفوعة أمام القضاء الصحراوي وتهربوا من البت فيها نظرا للضعف الذي يلم بهم وقلة الحيلة والمعرفة التي يفترض أن تكون في القاضي المتمرس الحريص والمتيقظ ، وكم قضية تم حلها بطرق لا تمت للقضاء بصلة ، يتخللها التعسف الخطير في حق المواطنين إما لجهل القضاة بالقانون أو لمآرب أخرى أستحيي من ذكرها .


لقد جمعت بين التجربة القضائية منذ 1993 في المؤسسة العسكرية حيث كنت عضو مجلس الإنضباط العسكري إلى جانب أركان جيش التحرير الشعبي الصحراوي خلال ست سنوات متتالية وكانت تجربة رائدة بامتياز ، أكسبت مؤسستنا العسكرية رصيدا مهما على درب احترام القانون وصرامة تطبيقه ، حتى تم تأسيس المحكمة العسكرية التي شاركت في وضع لبناتها نازعا القبعة لإطارات جيش التحرير الذين شاركوني في ذلك لتفانيهم وإخلاصهم في تأدية المهام القضائية التي كانت تناط بهم من قبل وزراء الدفاع الوطني الذين تعاقبوا على الوزارة ، وخلال تلك السنوات أنيطت بي مهمة تكوين دفعات من الشرطة العسكرية وبعدها الدرك الوطني ثم ممثلي النيابة العامة العسكرية على مستوى النواحي العسكرية ، كما أسندت لي مهمة تمثيل جيش التحرير الشعبي الصحراوي في المجلس العلى للقضاء خلال دورتين ( 1994 و 1995 ) وهذا في وقت كان زملائي الأعزاء خاصة
خاصة من المجلس الأعلى للقضاء حاليا لا يزالون يجلسون على مقاعد الجامعة بل وبعضهم في الثانوية ، ثم التحقت بالجامعة في الدراسات العليا ما بعد التدرج لأعزز تلك التجربة في مجالها النظري ، فحصلت على شهادة الماجستير والكفاءة المهنية للمحامات و تم تسجيلي للحصول على الدكتوراه ، ثم أني أزاول مهنة أستاذ جامعي بجامعة تندوف منذ سبع سنوات ، واجتزت تكوينا قضائيا في المحكمة العسكرية بالناحية العسكرية الجزائرية بالبليدة ، وبعدها التحقت بالقضاء العادي ( الذي يسميه بعض قضاتنا بالقضاء المدني لجهلهم بالقانون ) ، ونظرت قضايا القتل العمد لدورتين جنائيتين ، وقضايا المخدرات لدورات متعددة ، ودورة جنائية في المحكمة العسكرية في قضية الإرهاب ( مختطفوا المتعاونون الأجانب من الشهيد الحافظ ، وكل هذه القضايا كانت تخلف ارتياحا عميقا سواء في نفوس وزراء عدل سابقين وفي نفسية المواطنين باختلاف وضعياتهم ، فقد أدرت خلال تلك القضايا أحكاما بالإعدام ، وأخرى بالسجن المؤبد وأخرى بالسجن المحدد وصلت خمسة عشر سنة .


لقد كان زملائي الأعزاء خاصة في المجلس الأعلى للقضاء الحالي خلال هذه الفترة بين متهرب ومتقاعس عن مواجهة هذه القضايا ، وبين من كان في إسبانيا يطلب الجنسية الإسبانية أو يعمل في حقول الطماطم والزيتو كالوكيل العام الحالي ، وبين من كان يحسب نفسه بطلا في الموضوع دون أن يقدم أي مجهود يذكر من أمثال رئيس المحكمة العليا حاليا وغيره ، فيا للأسف بدل من أن تثمن تلك المجهودات وتنصف يتسابق هؤلاء إلى فرض عقوبة العزل على زملائهم دون وجه حق وخارج أحكام القانون ، فلو حضر أحد ممن يفهم القانون ويتوفر على كفاءة قضائية وقانونية لكان سخر مما جرى خلال الجلسة التي عقدها مجلسنا الأعلى للقضاء ، وإن ما دفعني للحضور هو احترامي فقط للسيد رئيس المجلس الأعلى للقضاء رئيس الدولة ، ولولا ذلك لما حضرت في تلك المسرحية التي تفتقد لأبسط شروط التقاضي .
فقرار وزير العدل تتضمن جملة من الأخطاء القانونية الجسيمة والمطلع عليها يحسب أن محررها شخص عادي لا يفقه القانون ، وخلال الجلسة تقدمت بدفوع قانونية عارضة لم يتمكن معظم أعضاء المجلس من الإجابة عنها والحقيقة أنهم معذورون في ذلك لجهلم بالقانون وعدم معرفتهم لمعنى الدفوع المتصدية للدعوى على المستوى الشكلي ، إضافة إلى سرعة إصدار قرار العزل الذي كان موصى به ربما من جهات تملي على المجلس خيارات معينة ، فقد لاحظت قبل انعقاد الجلسة حركة غير عادية في اتصال بعض القضاة فيما بينهم من أجل تكوين قناعة مسبقة مشينة في الموضوع ولا تحتكم للقانون ، بل لحسابات قبلية مخزية وحسابات أخلافية مقيتة ليست من أخلاق القضاة الشرفاء .
لا أريد أن أدخل في الكثير من تفاصيل الجلسة التأديبية التي حرمت من الإطلاع على ملف القضية فيها رغم أن القانون صريح في ذلك حسب المادة 42 من القانون العضوي للمجلس الأعلى للقضاء ، ورغم أني لم أتلق الإستدعاء لحضورها حسب الشروط القانونية الواردة في المادة 41 من نفس القانون ، ولم أتمكن من حقي في الدفاع عن نفسي وذلك إهدار لحق دستوري يتعلق بضمانات المشتبه فيه وينافي مقتضيات المادة 42 من القانون العضوي للمجلس الأعلى للقضاء ، إضافة إلى تفنيد قرار وزير العدل الذي يحمل تاريخا مرت عليه فترة زمنية من شأنها أن تبطل المتابعة حسب المادة 34 من القانون العضوي للمجلس الأعلى للقضاء ، ثم أن قرار التوقيف جاء باطلا من الناحية القانونية حسب المادة 32 من نفس القانون ، ثم أن عقوبة العزل مرتبطة قانونا وعلى سبيل الحصر بارتكاب جنحة أو جناية تثبت بإدانة صادرة عن أحد المحاكم المختصة حسب المادة 69 من القانون الأساسي للقضاة ، وهو مالم يثبت لقضاة المجلس الأعلى للقضاء ، ولكنهم تجاهلوا تطبيق القانون والإلتزام بأحكامه نظرا لحاجة في نفس يعقوب ، فرئيس المحكمة العليا رئيس لجنة التأديب لطالما حلم بإقصائي من القضاء ، وقد قام بعدة أعمال سابقة لم يبخل من خلالها في تحقيق هذا الحلم الذي أترك الله تبارك وتعالى حكما بيننا ، وأما الوكيل العام فقد كانت أمور قبلية مخزية ضيقة لاداعي لذكرها وراء تمسكه ودفاعه المستميت وراء تطبيق عقوبة العزل وخمسة آخرون من الأعضاء كانوا تابعين وضعوا أنفسهم سخرة لغيرهم فانتقصوا من إرادتهم وضلوا عن سبيل الحق والقانون .
لقد قمت بإصدار قرار بالإفراج عن بعض المتهمين بصفتي وكيلا للجمهورية بمحكمة الإستئناف ، وكان قرارا قانونيا صرفا حسب ما تنص عليه المادة 291 من قانون الإجراءات الجزائية ، ولكن القوم تحايلوا زورا على الموضوع فوضعوه موضع الشك والريبة وانتهزوا فرصة الإنقضاض على القانون رغم قلة خبرتهم به وعدم كفاءتهم به ، ولا يسعني إلا أن أقول ما قاله موسى عليه السلام لفرعون في كتاب الله العزير " إقض ما أنت قاض إنما هي الحياة الدنيا ..." وما قاله الله تبارك وتعالى " .. غدا عند ربكم تختصمون " صدق الله العظيم ، وما الظلم إلا ظلمات يوم القيامة ، وأؤكد على أن القضاء إذا سار على هذا النهج فسلام على القضاء وسلام على حقوق المواطنين الأبرياء
بقلم: النزيه لحسن أحمدناه

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *