-->

كيف تحولت الاستشارة في ذهنية قيادة المشروع الوطني من مهمة سامية الى منصب سياسي لمن لا منصب له ؟


تلعب الاستشارة دورا مهما في بناء الادارة وترسيخ ثقافة المشورة قبل البت في القرارات الحاسمة وبناء استراتيجيات العمل وفق استشارة المختصين لجني النتائج المرجوة وقديما قيل ما خاب من استشار ومن أكثرَ المشورة لم يعدم الصواب وفي القرآن الكريم (( وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ)) 
وكان مجلس عمر بن الخطاب رضي الله عنه مغتصاً من العلماء والقراء كهولاً وشباناً، فكان يقول: لا تمنع أحدكم حداثة سنه أن يشير برأيه، فإن الرأي ليس على حداثة السن ولا على قِدمه، ولكنه أمر يضعه الله حيث يشاء. 



وتنشئ الدول الهيئات الاستشارية المتخصصة في مختلف ميادين الحياة وتضع للمسؤولين مستشارين وفق مهام كل منهم من اجل توجيههم في مواجهة مواطن الضعف ومعالجة الاخلالات وفق الراي السديد الراجح ، الصادر من اهل الاختصاص، ما يجعل المسؤولية مشتركة. 

لكن الملاحظ لمفهوم الاستشارة في واقعنا السياسي سيجد انها تحولت من مهمة سامية يؤديها الشخص المناسب متى تطلب الامر في الشروع لدراسة او اتخاذ قرارات معينة، الى منصب سياسي لمن لا منصب له، تصدر بها المراسيم ولا تبرح وظيفة الاستشارة مكان الحبر على الورق، فاصبح لرئيس الجمهورية جيش من المستشارين، كلهم يتفرغ لشؤونه الخاصة ولا يؤدي من وظيفة سوى سحب النصيب الشهري من الاموال و المحروقات والامكانيات التي تستنزف خرينة الدولة ولوزيره الاول هو الاخر كتيبة من المستشارين، ما خلق عبئا اخر على كاهل الوزارة الاولى وضيع فرصة البناء المؤسس على استشارة اهل الاختصاص ولوزير الخارجية مستشارين لا اثر لهم ولا دور في توجيه بوصلة سفينة العمل الدبلوماسي التي تتقاذفها الامواج في بحر الفضائح المتلاطم والتراجع الخطير للعمل الدبلوماسي وانعكسات ذلك على سمعة القضية الوطنية في الخارج. 
وبمؤشرات العهد الجديد فإن الاستشارة اصبحت مناصب سياسية لمن لم تسعفهم التعيينات في الوظائف الحكومية حيث ان قائمة المستشارين لا تراعي الاختصاص او المؤهلات العملية بقدر ما تراعي ايجاد المخارج لهؤلاء المستشارين الذين لا يؤدون وظيفة في الحياة العامة ولا تطلب منهم مشورة.
وإذا كان الرئيس الحالي رفع شعار محاربة الفساد والهنتاتة مع قدومه للسلطة فإنه بعد اربع سنوات من التربع على كرسي القيادة اصبح يشرع للفساد والتهنتيت بشكل مقنن بهذه المراسيم التي تستنزف اموال الشعب في مهام زئبقية.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *