منتدى الصحراء الحرة : الانتاج المادي و الفكري للشباب و الطلبة جاء تتويجا لسياسة الاكتفاء الذاتي وإخراجه من المفهوم الضيق الى الفضاء الأرحب
منتدى الصحراء الحرة – الجزء الاول
محمد غالي: حملات محو الأمية للشباب و الطلبة ساهمت بشكل كبير في تصنيف الصحراء الغربية من بين البلدان التي سجلت فيها نسبة الامية صفرلاحقا.
حمة عبد الفتاح: البرامج الصيفية للشباب و الطلبة إنطلقت من لاشي وحققت معجزات ضخمة ما نزال نقتات على ثمارها حتى يومنا هذا
حمدي أبا: الانتاج المادي و الفكري للشباب و الطلبة جاء تتويجا لسياسة الاكتفاء الذاتي وإخراجه من المفهوم الضيق الى الفضاء الأرحب
بينما تعج وسائل التواصل الاجتماعي هذه الايام بملصقات البرامج الصيفية للشباب و الطلبة في نسخته الجديدة كان لهيئة تحرير جريدة الصحراء الحرة رأي أخر بإستحضار صور من الأنشطة التي كانت تقام خلال عطل الصيف مع بداية الارهاصات الاولى للثورة الصحراوية في مخيمات اللجوء عبر هذا المنتدى الفسيح الذي إستضفنا من خلاله درر خالدات من ذكريات ذلك الزمن الجميل حسب وصف الضيوف.
رغم كثرتهم الا أننا وجدنا صعوبة كبيرة في البحث عن الأطر الشبانية و الطلابية التي شكلت و لو لفترة وجيزة جزءا من هذه البرامج الصيفية التي كان يقيمها التنظيم السياسي للجبهة على شرف الشباب و الطلبة العائدون من مقاعد الدراسة في رحاب الدول الصديقة و الشقيقة خاصة الجزائر و ليبيا.
في هذا المنتدى نتشرف باستضافة كلا من محمد غالي الامين العام لوزارة الثقافة، حمدي أبة عبد الرحمن الأمين العام لأمانة التنظيم السياسي و الأتاذ حمة عبد الفتاح.
و من خلال هذا المنتدى سنتناول جملة من المواضيع التي شكلت جزءا من إهتمامات الشباب و الطلبة في بداية ثمانينات القرن الماضي و حتى وقف اطلاق النار (البرامج الصيفية للشباب و الطلبة، الشباب و فضيلة التطوع، الانتاجات الفكرية، الادبية و المادية، حملات محو الامية و مواضيع أخرى)، كونها كانت تعتبر برامج و انشطة في حد ذاتها تسهر اللجان المشرفة على تنفيذها في تجسيد أجمل صور الابداع للقيام بتلك الواجبات الملقات على عواتقهم بجدية، إتقان و مسؤولية منقطعة النظير.
تنسيق المنتدى صحفي جريدة الصحراء الحرة: محمد مغاديلو
البرامج الصيفية .. بناء الانسان الصحراوي الواعي المنتج و القادر.
البرامج الصيفية .. بناء الانسان الصحراوي الواعي المنتج و القادر.
محمد غالي: بدأ برنامج الشباب والطلبة منذ الارهاصات الاولى كبدايات واعية للشباب والطلبة الذين اسعفهم الحظ بعد وجود كيان خالص للصحراويين في الالتحاق بمقاعد الدراسة بعد ان عانى شعبهم من التجهيل الممنهج طيلة الحقبة الاستعمارية الاسبانية، وفي تلك الفترة كانت الحرب التحريرية المظفرة مستعرة في جبهات القتال وكانت جل المخيمات تدار بكوادر صحراوية تمتلك من الارادة والعزم الشيء الكثير لكن جلها بلكاد يعرف القراءة والكتابة ومعظم سكان المخيم لا يجيدون القراءة والكتابة، و من هذه المنطلقات كان تفكير التنظيم السياسي يصب جامه في استغلال عطل الطلبة من اجل تثقيف الجماهير وفي المقابل شكل استعداد الشباب والطلبة طفرة نوعية اخرى كاحساس ضروري لرد الجميل للفئات المختلفة من ابناء الشعب الصحراوي الذين درسوا في ظل تضحياتهم و معاناتهم التي ما تزال مستمرة الى يومنا هذا.
حمة عبد الفتاح: كانت لي تجربة متواضعة ضمن البرامج الطلابية الصيفية في ولاية العيون مقر سكناي، بحيث شاركت في وضع اللبنات الاولي لهذه البرامج الوطنية بدءا بوضع الخطط و الاستراتيجيات ثم الاهداف و توفير الادوات و التفكير في كيفيات التنفيذ.
حسب استنتاجاتي التي خرجت بها عبر مشاركاتي المتكررة في هذه البرامج خلال السنوات الاولى من اللجوء و التي تميزت بذروة الوصول الى تحقيق الاهداف المرسومة، فاني توصلت الى ان البرامج الصيفية للشباب و الطلبة إنطلقت من لاشي وحققت معجزات ضخمة في شتى الميادين، لعل اهمها يكمن في نقطتين جوهريتين أولها تواصل الاجيال و ثانيها بناء الانسان الصحراوي الواعي المنتج و القادر.
حمدي ابا: أعتقد أن البداية كانت في صائفة 1982 ولا أتذكر تحديدا فقرات البرنامج ولا طبيعتها ولكن بالتأكيد كانت تهدف سياسيا إلي ربط الشباب والطلبة بواقع اللجؤ وجعله يعيش صعوبة الظرف ويعي حجم التحديات وبالمحصلة تحفيزه وتحضيره ليكون في مستوى التطلعات والامال المعلقة عليه، ناهيك عن الأهداف الاجتماعية المتوخاة من نفس البرنامج من قبيل ربط الطالب و الشاب الصحراوي بقيم واخلاق شعبه الاصيلة، فكانت البدايات عموما اقرب ماتكون الى إعادة الرسكلة للجيل الناشىء.
حملات محو الامية .. تقليص هامش الهوة بين جيل التأسيس و الجيل الناشىء
محمد غالي: تعتبر حملات محو الامية التي اسس لها التنظيم السياسي للجبهة الشعبية ونفذها الشباب و الطلبة في البرامج الصيفية الاولى بداية القطيعة مع إرث استعماري بغيض عمل على تجهيل العنصر الصحراوي طيلة الحقبة الاستعمارية الاسبانية، بحيث كان لهذه الحملات الاثر البالغ في الرفع من مستوى الاداء الإداري على المستوى المحلي و مكنت الجماهير الصحراوية العريضة على مستوى المخيمات من القضاء نهائيا على الامية، وهو ما ظهر في تصنيف الصحراء الغربية من بين البلدان التي كانت فيها نسبة الامية صفر لاحقا.
حمة عبد الفتاح: أتذكر فيما أتذكره أنني بدأت في تدريس الصف الاول ابتدائي ووصلت حتى الصف السادس في تثقيف الجماهير التي كانت جدية ومتحمسة أيما تحمس لاكتساب المعارف، و قد تجلت النجاحات من خلال النتائج الايجابية المحققة ليس على مستوى الامهات و الشيوخ و فقط و انما ايضا إنعكست جودة الثمارعلى مستوى الطالب الذي إستفاد كثيرا و صقل مهاراته و ثبت معارفه العلمية بشكل لافت للنظر.
حمدي ابا: لقد جسدت سياسة محو الأمية في تلك الفترة صورا رائعه على اكثر من صعيد ، ففي الميدان السياسي أتاحت للجماهير مجالا أوسع للمشاركة السياسية الفعالة، وفي المجال الاجتماعي فقد قلصت هامش المسافة و الهوة بين الأجيال وعمقت العلاقات الاجتماعية على أسس مدنية مستقيمة أما بالنسبة للجانب التثقيفي والتعليمي فقد سقطت بفعلها نسبة الأمية سقوطا حرا حتى لامس درجات جد متدنية ما إنعكس بشكل لافت على مستوى الوعي والفهم والسلوك و ذلك ما انطبع بشكل إيجابي على نوعية إنجاز البرامج والسياسات المنفذة ليعزز كذلك حضور الرقابة الفردية و الجماعية على كافة الميادين.
الانتاجات المادية، الفكرية و الادبية .. الاشعاع الذي عزز الحضور الابداعي
محمد غالي: ساهمت المسابقات الوطنية التي كانت تقام خلال العطل الصيفية في المخيم الى زرع روح التنافس الايجابي بين الطلبة و الشباب مما انعكس على جودة الإبداع في تلك المرحلة، فالمتابع ل"درر الخالدات" كدوينات عبر الفيسبوك للاستاذ و المدون الصحراوي حمة عبد الفتاح سيكتشف لا محالة الغزارة والنوعية الانتاجية في الشقين المادي والادبي، ولازلت اذكر رغم عاتيات الزمن وثقوب الذاكرة احدى روائع الانتاجات المسرحية خلال ذلك الزمن الجميل كمسرحية "ساريو و"ارفض كعكة من يد السجان" لمسرح شباب ولاية العيون، ان جودة المنتوجات الفنية التي كانت تقدم حينها هي التي شجعتني وانا شاب من ولاية الداخلة على ولوج هذا الميدان الابداعي.
حمة عبد الفتاح: في هذا الحديث سأتناول ولاية العيون كنموذج لتجربتي التي عملتها فيها خلال سنوات دراستي بحيث استطعنا مع مجموعة من الشباب المبدع ان نؤسس لارضية ابداعبة كان له الاثر الكبير في تشكيل معظم المدارس الفنية و الثقافية على مستوى وطني و كانت اللجان التي تسهر على تنفيذ تلك البرامج الصيفية تنقسم الى: الثقيف الشعبي، الانتاج الادبي والفكري، الثقافة والرياضة والبراعم والسواعد.
فقد ساهم الشباب من مختلف مواقع الدراسة في وضع اللبنات الاولى لمجمل البنون الادبية و الابداعية و وضع الاسس الصحيحة للكثير من الدراسات التي تأخذ من قضية و ثقافة الشعب الصحراوي موضوعاتها باساليب علمية و تقنية دقيقة.
و قد كتبت الشي الكثير في تدويناتي عبر الفيسبوك "درر الخالدات" خاصة عن المسرح وحمير وزمير، وفريق الجمباز اناث ، وفناني الرسم ، حتي مجانين تلك الفترة الجميلة.
كان للرسم والخط و الكاريكاتور زخم متميز اثبت حضوره الى جانب تلك المنتوجات المادية التي تمثلت في مجملها في معارض الرسم، الزخرفة، صناعة منحوتات الاواني ، صناعة الزرابي و حصير ازران و ادوات تقليدية اخرى بالاضافة الى دور المصانع الجهوية في هذا الجانب الذي تميز بجودة منتوجاته العالية جدا و من دون ان ننسى دور شباب الجيش في المشاركة في العملية الابداعية عبر مجسم هليكوبتر واجزاء كلاشنكوف التي ما تزال المحافظة العسكرية للجيش تحتفظ ببعض هذه الابداعات الفريدة.
فبالاضافة الى بعض المحاولات الجريئة في الادب السياسي الساخر يعتبر مسرح العيون في تلك الفترة من بين المسارح الناشئة و النشطة على مستوى وطني، بحيث كان لمسرحية "ساريو" الاثر العميق في نفوس ذلك الجيل الذهبي بالاضافة الى مسرحيات أخرى عرضت و اخرى منعت من العرض و مسارح اقتبست من نصوص عالمية يبقي البوح بها في وقت لاحق و من رواد المسرح حينها اتذكر احمد لبات، سيداحمد القوم كمهندس ديكورو ابيشة ابراهيم السالم و الصالح لعروصي و مزهري و محمد لمين حماد في النقد و اخرون كثر تعج بهم الذاكرة الشائخة، و كذلك تعتبر مدرسة الخليل سيدي امحمد في المسرح تجربة سبانوعربية توجت بمساهمات برج الكيفان ومجموعة دمشق باعمال مسرحية ما تزال شاهدة في اذهان الكثير من شباب ذلك الجيل.
اما بخصوص البحوث الفكرية فقد ساهم شباب الناحية الثانية بولاية العيون بالاضافة الى نخب جامعات الجزائر وسوريا بالتشجيع من لدن الراحل الخليل سيدي محمد و الاخ المحجوب ابراهيم ساهموا بشكل كبير في انتاج و جمع دراسات و بحوث نوعية ارخت للتجربة الوطنية في الكثير من المجالات التي سهر ولد بيسط، محمد لمين سيدي حماد، ابا باهية لحبيب، خداد بابة، مزهري و اخرون في تكليل تلك الحقبة ببعض الانتاجات و الدراسات الفكرية التي اذكر منها ( نقد التجربة الوطنية، التجربة اليمنية في محو الامية، التربية، الفداء في المناطق المحتلة و التثقيف الشعبي...).
اما عن الانتاج الادبي و جمع وتدوين التاريخ والتراث الشعبي فكان للهواة و المبدعين كالمهدي النعناع و للاقلام النسوية كفاطمة لبصير و اخرون الاثر الكبير في تاريخ الجانب الابداعي الادبي في القصة، الخاطرة، القصيدة، الاغاني واغاني الطفل، كما كان للمدون محمد عالي لمن الاسهام الدقيق في جمع الامثال و القصص الشعبية والتحاجي بالاضافة الى مساهمات مبدعين شباب في مجال الشعر العربي الفصيح و الشعر الحساني و مساهمات اخرى متواضعة في الادب الاسباني.
حمدي أبا: كانت السياسات التنظيمية الموجهة للشباب أكثر عملية بمعنى جد واقعية ولا يمكن إنكار الأثر الكبير للذهنية السائدة آنذاك في إنجاح كافة السياسات، وفيما يتعلق بالانتاج المادي فقد جاء تتويجا لسياسة الاكتفاء الذاتي وإخراجه من المفهوم الضيق الي فضاء أرحب ،اما الإنتاج الأدبي والفكري فمن الطبيعي أن ترافق تلك الفترة التي شكلت أرضية خصبة لكل من اراد الابداع فوجد الروائي دافعا للكتابة وشجع الجو السائد على البحث و الغور في جوهر المسائل السياسية و التاريخية و الثقافية كما ألهمت حماسية المشهد السائد و طبيعة المخيم البدائي الفنان واعطت للمغني دافعا للانطلاق و حفزت الشعراء على الابداع وارست بدايات المسرح الصحراوي ناهيك عن صقلها للعديد من المواهب في مختلف الرياضات والأنشطة
أما فيما يتعلق ببعض ما اتذكره من تلك الابداعات الخالدة فلا يحضرني الآن بسبب خيانة الذاكرة و لكن أشدد مرة أخرة على اننا ما نزال بحاجة أكثر من ملحة الي إعادة إنتاج تلك الفترة في قالب يتناسب مع خصوصية و طبيعة هذه المرحلة الحساسة من عمر ثورتنا المظفرة.
البحوث و الدراسات .. حفظ للذاكرة الجمعية و زرع روح الانتماء في النشأ.
محمد غالي: خلال تلك الفترة عكف الكثير من الشباب على البحث ونفض الغبار عن كنوز الماضي في مختلف المجالات التاريخ، الثقافة، التراث، القيم المجتمعية بالاضافة الى بعض الدراسات حول المياه، الزراعة وانماط العيش الصحراوي وغيرها، مما احيا لدى الأجيال الصاعدة حب التميز و الأصالة و رسخ لديها مفهوم التشبث بالمميزات الثقافية للحفاظ على الهوية الوطنية مما بعث من جديد روح الإنتماء للمجتمع الصحراوي في نفوس الأجيال الناشئة.
الشباب و الجيش .. التطوع وإثار الإستشهاد على الدراسة
محمد غالي: كانت الانتصارات المتتالية لجيش التحرير الشعبي الصحراوي والملاحم التي سطرها في السنوات الاولى من حرب التحرير تبعث الحماس في النفوس وتلقى اعجابا وتجاوبا في كل الاوساط الشعبية وخاصة في اوساط الشباب، وكان الاثر الكبير لهذا التأثير يرجع للمثال الذي قدمته الزمرة الاولى من مؤسسي الجبهة الذين غادروا مقاعد الدراسة في ريعان شبابهم للالتحاق بقمم الجبال وعلى راسهم قدوة و رمز الشباب الصحراوي بالأمس واليوم والابد الشهيد الولي مصطفى الذي مهد الطريق و ساهم بشكل لافت في تنمية فكر التطوع لدى الجيل الجديد للإلتحاق بصفوف جيش التحرير الشعبي الصحراوي .
حمة عبد الفتاح: إن فكرة التطوع في صفوف جيش التحرير الشعبي الصحراوي يعد ملحمة في حد ذاته ليس في مسار ونوعية العمل العسكري، بل في صناعة الانسان والمناصل والمقاتل الصحراوي الذي يساوي في رمزيته عشرة افراد في تركيبة الجيوش النظامية.
و يرجع منبع التطوع الى قناعة فكرية متجذرة بفعل الزخم الثوري العام الذي كان يطبع تلك المرحلة وتقديس المقاتل والشهداء الذي ما يزالون في تلك المرحلة يرسمون اروع و أجمل الملاحم البطولية في ظل منظومة فكرية وقيمية متراصة وليدة الفكر الوطني التحرري و ذات سحر في الاقناع كونها تحمل شحن ثورية نقية و اصيلة لصيقة بالمعاناة ونابعة من روح 75 خاصة ما يتعلق منها في علاقة الاطار بالقاعدة الشعبية خاصة الثقة اوالاحترام و التخصص في العمل و في علاقة السياسي بالاداري من خلال جودة الخطاب التحريضي الذي يتخذ من الرموز الثورية، الثقافة الشعبية، الحمولة الدينية، الفنون و الاعلام كادوات تحريضية و دعائية في يد نخب طلائعية -الامناء الثوريين- مرجعية ميدانية لا تنظيرية تسهر على خدمة الجماهير.
بالاضافة الى فضيلة تطوع الشباب في صفوف جيش التحرير الشعبي الصحراوي كانت هناك فضائل اخرى يقوم بها الشباب رغم لذع ألسنة الصيف كالتطوع في ري و قطف ثمارالمزارع الجهوية و المساهمة في الاعمال المتعلقة بمشروع الابل ، والبقر الذي كانت توجه منتوجاته الى الشيوخ و العجزة و المرافق العامة في المخيم.
كل هذا الزخم ولد فكرة التطوع لدى الشباب و الجماهير بصفة عامة و غلب روح التضحية علي روح الجسد ومايتطلبه من انانية ورفاهية، فما الفارق بين قوتنا بالامس و تراجعها اليوم الا بسبب الفكرة التي تحاول تحوير الصراع من رئيسي الي هامشي تافه.
حمدي ابا: التطوع كمفهوم يعتبر مبدأ مقدس غير مكتوب ضمن المبادئ المعروفة بالنسبة لجبهة البوليساريو، بمعنى انه ليس وليد منتصف الثمانينيات ، فالغالبية العظمي من السياسات والبرامج وحتى الإمكانيات كانت تقوم على أساس التطوع، فالحملات الشعبية تعتبر تطوع و كذلك بناء المؤسسات هي الاخرى تطوع والقيام بالمهام التنظيمية بغض النظر عن طبيعتها فهي في حد ذاتها تطوع ويبقى السؤال هو لماذا اصبح التطوع لصيق بجيش التحرير دون غيره؟ والجواب يتجلي في بداهة كون الجيش كعقيدة يشكل ذروة تجسيد هذا المفهوم وأجل صوره وبالتالي يحق لنا أن نجعل التطوع علامة مسجلة أبدية باسم جيش التحرير الشعبي.
مع العلم أن الشباب الصحراوي التحق بصفوف المقاتلين في بداية الثورة غير أن المئات التي التحقت بالجيش في الفترة الممتدة من 1982 حتى وقف إطلاق النار، فهذه الأعداد الكبيرة من المتطوعين الشباب هي التي أعطت بعدا إضافيا للعلاقة بين الجيش والتطوع، كما شكل متوسط الاعمار الفارق في هذه العلاقة ومن هنا التصق التطوع أيضا بالشباب وبالمحصلة شكلت تلك السنوات ثلاثي نتمنى أن يعاد إنتاجه وهو( الحرب كفعل والجيش والشباب).
مزج روح ذلك الزمن مع أدوات المرحلة الحالية لإنجاح البرامج الصيفية المستقبلية
محمد غالي: من وجهة نظري صار من الضروري جدا أن نؤطر بشكل علمي وفني اكثر دقة لبرامج الصيف ، خصوصا في هذه الظروف المختلفة تماما عن ظروف السنوات الاولى للجوء، و في اعتقادي ان التكثيف من المحاضرات واللقاءات التواصلية واستهداف الفئات العمرية المختلفة بما يناسب مستوياتها واعمارها امر لامناص منه لانجاح مثل هذه البرامج الموجهة لهذه الفئة الحساسة من المجتمع، كما أن تكثيف البرامج ذات الطابع التنافسي (مسابقات ثقافية و فكرية، افكار انتاجية او مشاريع مضرة للدخل، المسابقات الرياضية ... الخ) قد تؤدي هي الاخرى الى الرفع من مستوى الاداء الطلابي و الشباني خلال البرامج الصيفية في مخيمات اللاجئين الصحراويين.
حمدي أبا: أعتقد أن المحددات الأساسية لإنجاح مثل تلك البرامج الطلابية والشبانية يبقى رهين الأدوات الشبانية ذاتها عبر رسم سياسات وبرامج تتناسب والمعطيات المتوفرة واختيار الصيغ والأساليب التي تخدم هذه السياسات التي لن تنجح الا من خلال القدرة على تحدي الاعتبارات الذاتية و قوة التكيف مع الاعتبارات الموضوعية بما لا يجعلها عقبة لايمكن تجاوزها، وأعتقد أن الشباب بحاجة إلي برامج تخلط بين روح تلك المرحلة وادوات هذه المرحلة الحالية، لهذا أصبح من الملح جدا الرجوع لرزنامة البرامج الصيفية آنذاك واعطائها صبغتها الأصلية هذا طبعا إن كانت هناك نوايا صادقة من لدن الطلبة والمشرفين على هذا البرنامج.
انها أحداث متصارعة في تجاويف الذاكرة المتآكلة بين مقاعد الدراسة و مقاعد سيارات التحرير فلايمكن بتاتا في لمحة بصر حصر هذه الاحداث بحلوها ومرها في صفحات، فقد يتطلب ذلك تدوين كتاب بعنوان "الطلبة الصحراويين كفاح ذو حدين".
صورة من الماضي الجميل .. في درر الخالدات
حمة عبد الفتاح: سنشرف هذا المنتدى بخاطرة من الدرر الخالدات التي التي ادونها بشكل مستمر حول احداث و شخصيات و برامج و رفاق تلك الحقبة التي عايشنخا بحلوها و مرها الا ان أفة ضعف التدوين حينها سرق منا عبق و روح تلك الذكريات الجميلة.
درر خالدات الفرح : حمير وزمير :
من رحم البكاء ولد الفرح و من الموت ولدت الحياة و من جماجم قصف ام دريكة واشلاء وادي الفيضة، من دفاتر اسماء وتاريخ، سيارة قسم الشهداء، ولد فرح كميون الدفعة وحقيبة عودة مسافر ولدت حنة وكحل وبسمات بالوان قوس قزح ...
حكايتنا حبلي بالاسي والوجع وشي من ضحكات البداية كطفولة المنشأ من الدشيرة احمد كر ودورة ام الخير وولاية هدي جاعة، ولد فرح الطبيعة وجلال الخالق في جلبة اطفال مخيمي و وراء جنون العقل وضحك الملهاة .. من كل هذا جاء: حمير وزميروشبوح الطبال..
جاء من تغنيف النجاح ومن ثالثة عمار ول احمد سالم جاء يسلم الناجم ومن بندقية كوتي الرابعة جاء محمد غالي احمد و الردبيك ومن البندقية جاءت بسمة اطفال الوجع .. جاء يسلم العروة، ديلول، ابراهيم لبرص .. جاءت فرجة حمير وزمير كشعاع امل في ليلنا البهيم...
ضحك الكبار والصغار معا و كانت العروض شعبية بامتياز فلا فاصل بين الجمهور والعرض الكوميدي ومن فرط البهجة تبول البعض من شدة الضحك مثلما حدث ل ح ل / و م ح فضاع لحن الكورس كما ضاع عزف بيكة وول ابنيجارة مع طرفة وعفوية العرض ودراجة الكرسي الواحد و عجلات مسرح الشارع .. لتصبح اغنية حمير وزمير علي لسان كل طفل التي كتبها الشاعر محمد الامين ول علال و جاء فيها (نحن اطفال الثورة .. مانبقاو اللورى .. نمشو للتربية .. نبغوا المربية .. تعطينا بابية وياسر من الالعاب ..غنوا ياحباب ..غنوا يااطفال ...) دون ان ننسي دور صديقي المسرحي امربيه محمد عالي والوزير التامي في تشكيل نصوص مسرحيات الطفل (حمير وزمير وشبوح الطبال، الصاروخ، العجلة تدور) ، وفي الاخير استطاعوا توصيل رمزية الرسالة والمصير، فهي نصوص بلغت اكثر من ثلاثين نصا، اهتمت و تناولت بسخرية التسرب المدرسي، المراهقة و العلاقات الغرامية، بر الوالدين، تمجيد الدرس والمعلم وهو التمجيد و للاسف الذي لم يحظي به سلمي والردبيك و يسلم وابراهيم وديلول كما اخرين كثر سقطوا في طي النسيان تمام مثلما سقط الشهيد يسلم الناجم والمربي عالي وشي من الحزن المختفي وراء ضحكات الرجلين وطيبتهم وكدح اخرون هاجروا الاوطان الى اشبيلة وبرشلونة.
سلامي على من حمل البندقية في الحرب .. سلامي على من صنع بسمة الفرح والحياة وزرع بدل العقاية ياسمين واربيان وطن الغد .. سلامي على اتأك زمير يختال ضاحكا من الفرجة حتى كاد ان يتبسما ...
المصدر: الصحراء الحرة