-->

عوامل تحكم مسبقا بالخسارة على ترامب في الانتخابات الرئاسية التي تجري اليوم


 تعيش الولايات المتحدة هذا الثلاثاء 3 نوفمبر انتخابات رئاسية تاريخية اكتست طابع المنعطف في تاريخ البلاد بسبب الفوضى التي تسبب فيها الرئيس الحالي دونالد ترامب. وتفيد عوامل عدة بهزيمة مرتقبة للمرشح الجمهوري لصالح المرشح الديمقراطي جو بايدن. وبالتالي، استبعاد تكرار سيناريو انتخابات 2016 التي فاز فيها ترامب أمام هيلاري كلينتون. وهناك من العوامل التي يجري الاهتمام بها وأخرى لا تجلب الانتباه رغم أهميتها في حسم النتيجة.


وتشير كل استطلاعات الرأي مساء الإثنين إلى فارق يقارب السبع نقاط لصالح بايدن، في حين كان الفارق في 2016 لا يتعدى الثلاث نقاط خلال الأيام الأخيرة قبل التصويت. في الوقت ذاته، كان الفارق متقاربا في الكثير من الولايات وخاصة تلك التي تعرف بالولايات المتأرجحة أو التي كانت تحسب تاريخيا على الديمقراطيين، بينما هذه المرة تراجعت نسبة الولايات المتأرجحة.


وارتكبت المراكز بدراسة الرأي في 2016 خطأ فادحا عندما قللت من قدرة ترامب على تحريك الناخب الأبيض المهمش، أي تلك الفئة العريضة من البيض الغاضبين الذي ينتمون الى ما دون الطبقة الوسطى وهجرت السياسة. فقد نجح ترامب في مخاطبتها عاطفيا، لكن مراكز استطلاعات الرأي لم تأخذها بعين الاعتبار، ولم تشمل العينات المعتمدة نسبة أكبر من تلك الشريحة للحصول على معطيات قريبة من الواقع. وتسبب هذا الخلل في المنهجية في هامش كبير للخطأ بل كان خطأ قاتلا نتج عنه خسارة هيلاري.


من جانب آخر، وعندما كان الجميع يستبعد نهائيا فوز ترامب ويعتبره من المستحيل، جاء في مقال في “القدس العربي” بتاريخ 30 يوليو 2016 “دونالد ترامب قد يجسد البريكسيت الأمريكي” أي تجاوز ترامب للجميع. وقتها كان جزء كبير من الرأي العام الأمريكي ساخط على الاستبلشمنت في البلاد، ويحمّله الكثير من المشاكل. وكانت هيلاري كلينتون تجسد ذلك الإستبلشمنت الذي ينسب إليه الكثير من الأمريكيين مسؤولية منح الصين الأفضلية في التبادل التجاري التي حكمت على عدد كبير من الأمريكيين بالعطالة بسبب انتقال الصناعات الأمريكية الى هذا البلد منذ نهاية القرن العشرين. وكان الرئيس بيل كلينتون وراء منح الأفضلية التجارية لبكين وقتها. وكان رد المواطن الأمريكي العادي ضد الحزب الديمقراطي بعدما نجح ترامب في توظيف ورقة معاداة الصين كمصدر خطر اقتصادي على المواطن الأمريكي العادي، وتعهد باستعادة تلك الصناعات. وكان 80% من الأمريكيين في 2016، وفق مجلة “نيو ريبابليك” يفضلون مرشحا خارج حظيرة الإستبلشمنت التقليدي، ووجدوا أمامهم ترامب. الآن لم يعد خطاب ترامب ضد الإستبلشمنت يجدي نفعا بسبب ارتكابه أخطاء لا تغتفر ومنها تحديه للمجمع الطبي، وكيف تسبب في جعل البلاد تعاني من فيروس كورونا بشكل مرعب.


لقد وقف الكثير من قادة الجيش في 2016 وراء ترامب، ووقع 300 من الجنرالات المتقاعدين وقتها رسالة تأييد له، لكن هذه المرة دعا قادة الجيش ومنهم من عملوا مع ترامب الى التصويت ضده. وتبرز المؤرخة الأمريكية جنيفر متيلستاند المتخصصة في الجيش الأمريكي أن شهر العسل بين الأخير والرئيس الجمهوري كانت قصيرة للغاية وانفجرت خلال أحداث جورج فلويد. ومنذ الحرب العالمية الثانية، اعتادت غالبية عائلات الجيش وقدماء المحاربين الذين يشكلون كتلة انتخابية هائلة بالملايين التصويت للحزب الجمهوري، وهذه أول مرة يبتعدون عن هذا الحزب. ووصل الأمر الى اعتبار قادة الجيش ترامب خطرا على وحدة الشعب الأمريكي في وقت يستمر الغريم الصيني متماسكا سياسيا واجتماعيا وثقافيا. بل هناك تساؤلات حول موقف الجيش إذا أراد ترامب التسبب في فوضى في البلاد بعد هزيمته.


ويتجلى العامل الآخر في استيقاظ الإثنية السوداء واللاتينية ومحدودية المتطرفين البيض، إذ لم يشهد السود رغبة في التصويت مثل هذه منذ الستينات، كما يرغب اللاتينيون في الانتقام من ترامب بسبب سياسته المسيئة لهم ولبلدانهم الأصلية. وارتفعت نسبة اللاتينيين أساسا الى قرابة 14%، وباستثناء فلوريدا، يعتبر صوتهم موحدا في باقي الولايات أي التصويت للديمقراطي بايدن. ويحصل هذا في وقت استغل ترامب كل خزان البيض المتطرفين والمحافظين، ولم يعد الخزان الانتخابي للبيض من هذه النوعية قادرا على منح مزيد من الأصوات لخلق المفاجأة.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *