“ترانسبرانسي”: المغرب يعاني من وضعية فساد مزمن ولا وجود لإرادة حقيقية لمكافحة الرشوة
قالت “ترانسبرانسي المغرب” إن المملكة المغربية تعاني من وضعية فساد مزمن ونسقي، إذ تراجعت مرتبتها في مؤشر إدراك الرشوة لسنة 2019 بسبع مراتب مقارنة بعام 2018، لتحتل المرتبة 80 من أصل 180 دولة في التصنيف العالمي.
وأشارت ترانسبرانسي في بيان لها بمناسبة اليوم العالمي لمحاربة الفساد، إلى أن هذا الوضع يدل على المستوى الحاد والممنهج للرشوة بالمغرب، فما عدا الخطاب المناهض للفساد والذي فقد المصداقية تماما، لا وجود لإشارة إيجابية عن إرادة حقيقية لمكافحة الرشوة بشكل فعّال.
ولفتت المنظمة إلى أن الأزمة الصحية في المغرب سلطت الضوء على الهشاشة الشديدة للاقتصاد الوطني الذي ينخره الريع والفساد، اللذان أديا إلى إهمال الخدمات الاجتماعية، ونشر الهشاشة، وتفاقم الفوارق الاجتماعية والفقر لدى الغالبية العظمى من السكان.
أما على مستوى الحكامة، يضيف البيان، فأزمة كوفيد 19، لم تسلط الضوء على مكامن الضعف في الاقتصاد الوطني فحسب، بل شهدت استمرار ممارسات مدانة، متمثلة في تفويتات مشبوهة لصفقات عمومية، وإعطاء تراخيص بجميع أنواعها مقابل عمولات، ومظاهر من الابتزاز.
واعتبرت ترانسبرانسي أن التراجع الواضح في مجال الحريات العامة، يحرم مكافحة الفساد من ديناميكية المجتمع المدني من خلال اعتقال نشطاء حقوق الإنسان وصحفيين معروفين بانتقاداتهم وتحقيقاتهم الحساسة، والذين يتواجدون رهن الاعتقال الاحتياطي التعسفي بدون محاكمة.
وبخصوص الاستراتيجية المغربية لمكافحة الفساد التي تم تبنيها سنة 2015، فقد أصبحت في طي النسيان، إذ لم يُسجّل أي تقدم ملموس على مستوى تفعيل مقتضياتها، فاللجنة الوطنية لمكافحة الفساد التي من المفترض أن تقود هذا البرنامج لم تجتمع سوى مرتين منذ إنشائها سنة 2017.
كما أشارت المنظمة إلى تأجيل التعديلات على القانون الجنائي الذي يجرم الإثراء غير المشروع، والذي يوجد في وضعية متعثرة منذ سنة 2015، إضافة إلى أن تنظيم وضبط تضارب المصالح لم يدرج بعد على جدول الأعمال.
ويواجه القانون الجديد المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، الذي يوجد بين أيدي البرلمان، محاولات لإفراغه من جوهره ومرتكزاته الأساسية ومن استقلالية الهيئة، كما أن التقارير الواردة من لجان التقصي البرلمانية والمجلس الأعلى للحسابات والهيئات الأخرى ذات الصلة، نادرا ما تؤدي إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة، وهكذا فإن الغرامات التي فرضها مجلس المنافسة للحد من الاحتكار في مجال المنتجات النفطية والمحروقات والتي تضعف القوة الشرائية للمواطنين وتحُدّ من القدرة التنافسية للشركات لا زالت مجمّدة.
وسجلت ترانسبرانسي المغرب أن هذه العناصر تشكل حصيلة سنة مأساوية في سياق الأزمة الصحية التي تجتازها المغرب، والتي لا تزال مستمرة في ظل الركود الذي تعرفه المملكة منذ سنوات على مستوى وضعية الفساد، مؤكدة قناعتها بأن الطريق لا يزال طويلا لكي يتم إقرار وتبني سياسة حقيقية لمحاربة الفساد، واحترام تام لحقوق الإنسان، نابعة من إرادة سياسية حقيقية لمختلف سلطات الدولة.