-->

صحيفة عبرية: هكذا يخرج ترامب “الأرنب السري” من قبعة التطبيع بين المغرب وإسرائيل


ثمة تفاهمات جديدة لتعزيز العلاقات بين إسرائيل والمغرب، نشرت أمس، وشملت رحلات جوية مباشرة وممثليات محلية (ليس سفارات حتى الآن)، وذلك مقابل ثمن واضح وهو اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، واعتراف رسمي بالضم الإسرائيلي – لا، اعتراف بالضم المغربي – نعم.
ثمة إدارات  أمريكية سابقة كانت تريد تعميق السلام السري بين المغرب وإسرائيل وإخراجه من الخزانة، ولكنها لم ترغب في دفع ثمن باهظ مثل الثمن الذي دفعه ترامب بدون تردد.
بعد سنوات من الخلاف حول قطعة الأرض التي تقع بين المغرب وموريتانيا ويعيش فيها الشعب الصحراوي الذي يطالب بالاستقلال، اختار الرئيس الذي انتهت ولايته، دونالد ترامب، اتخاذ خطوة أحادية الجانب تخالف بشكل صريح السياسة التي استمرت لفترة طويلة في بلاده حول ذلك. فعلياً، وقبل بضعة أسابيع، أيدت الولايات المتحدة تمديد التفويض لقوات الأمم المتحدة في الصحراء الغربية. الآن، وبخطوة أخرى تعارض القانون الدولي وقرارات المجتمع الدولي، باع ترامب اعتراف الولايات المتحدة، الأغلى من الذهب بالنسبة للمغرب، مقابل رحلات جوية مباشرة للإسرائيليين الذين هم في الأصل يسافرون إلى المملكة المغربية بشكل حر حتى بدون ذلك. وما قاله نتنياهو عن الاتفاقات مع الإمارات، “سلام مقابل سلام”، في حالتنا هذه الحديث يدور عن احتلال مقابل احتلال.
ثمة إدارات سابقة أيضاً كانت تريد تعميق السلام السري بين المغرب وإسرائيل وإخراجه من الخزانة، ولكنها لم ترغب في دفع ثمن باهظ مثل الثمن الذي دفعه ترامب بدون تردد. وحسب تقرير لوكالة أنباء “رويترز” مساء أمس، فإن الولايات المتحدة ستبيع للمغرب طائرات بدون طيار متقدمة. وبالضبط مثل الاتفاق مع السودان الذي تم التوصل إليه مقابل شطب اسمها من قائمة الدول المؤيدة للإرهاب، وصفقات السلاح الكاسر للتوازن مع دول الخليج، فإن التفاهمات مع المغرب دليل آخر أن ليس هناك شيء يسمى هدايا بالمجان. في هذه المرة لسنا، نحن والفلسطينيون والولايات المتحدة، من يدفع الثمن، بل شعب آخر في الصحراء الغربية.
احتمالية أن يكون أحد ما في إسرائيل مهتم بحق الشعب الصحراوي بتقرير مصيره، يقارب السالب اللانهائي. هذا شعب تعداده حوالي نصف مليون نسمة، وحوالي الثلثين منهم تم تهجيرهم بالقوة من المنطقة منذ الاحتلال المغربي في السبعينيات. عناوين الصحف بالتأكيد ستمتلئ قريباً بالتغطية المتوقعة للرزم السياحية الجديدة إلى المغرب، ومقابل هذه العملية سيتم ذكر المقابل، هذا إذا ذكر، في هامش الهوامش. ولكن الموضوع ليس الصحراويين فقط، بل أن إسرائيل، الدولة الشابة التي أقيمت على أساس اعتراف دولي بحقها في تقرير المصير، ستنضم مرة أخرى إلى الحركة التاريخية لأولئك الذين يسعون إلى تقويض النظام متعدد الأطراف وتفكيكه.
جهات سياسية إسرائيلية قالت أن هناك اتصالات للتطبيع ما زالت تجرى مع دول أخرى، قبل نهاية ولاية ترامب.
في قراره تغيير سياسة الولايات المتحدة في موضوع الصحراء الغربية، فإن ترامب لا سيجسد سياسة احتقاره للمجتمع الدولي فحسب، بل أضاف عملية خاطفة أخرى إلى قائمة اختطافات اللحظة الأخيرة التي هدفت إلى إفشال وتوريط من سيحل محله، جو بايدن. ولكن العلاقات المتوترة بين ترامب وبايدن على حساب المصالح الأمريكية المتمثلة بنقل السلطة بصورة مرتبة، هي لا شيء مقابل ما يحدث في إسرائيل في هذه الأثناء. شخصيات رفيعة في الولايات المتحدة اعترفت مساء أمس بأن البيت الأبيض هو الذي أبلغ وزير الدفاع بني غانتس ووزير الخارجية غابي أشكنازي عن الاتصالات التي تجري حول الاتفاق مع المغرب. بعد سنوات من الوساطة الأمريكية بين إسرائيل وجهات مختلفة ومتنوعة، وجد البيت الأبيض نفسه يتوسط بين رئيس حكومة إسرائيل ووزرائه. تجديد غريب ومحرج بدون شك.
جهات سياسية إسرائيلية قالت مساء أمس بأن هذا ليس النهاية، وأن هناك اتصالات للتطبيع ما زالت تجرى مع دول أخرى، قبل نهاية ولاية ترامب. وحسب التقدير، يدور الحديث عن دول إسلامية في آسيا. ويمكن أيضاً الأمل بأن النسبة بين الثمن والمقابل ستكون أفضل من النسبة التي حققها صانع الصفقات من واشنطن حتى الآن.
بقلم: نوعا لنداو
هآرتس 11/12/2020

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *