-->

حرطن زويدة ...وداعا يا آخر المجاهدين .

 


بقلم : محمود خطري

انطفأت شمعة مجاهد صحراوي قل نظيره ، فقليل من الاجيال الحالية يعرف حرطن ولد ازويدة ، ذلك الرجل الذي عجن نفسه ليكون طريقا سهلا لآخرين ، وجعل من جسده جسرا يعبره الناس الى بر الامان .

كانت خيمته مزارا للثوار ولمن لهم رغبة في استنشاق عبق الثورة ونسيم المقاومة .

حرطن هو ابن المجاهد ازويدة ولد العيمار ولد لمجد ، مقاوم ذاع صيته في ربوع زمور ولحمادة وحتى تيرس ، نال اعجاب من عاصروه خاصة المجاهد البطل اعلي ولد ميارة رحمه الله ، لذلك شب حرطن واستقام عوده على رائحة البارود والمقاومة .

لما تأسست الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي ، كان حرطن أحد رموزها الذين يقدمون لشعبهم دون ان يظهروا على الشاشات ولا على عناوين الجرائد ، خدم شعبه بنفسه وبندقيته وماله ، كما كان مصلحا ، أنقذ الثورة من الوأد وهي في بداياتها ، فصالح بين الخصوم ، وبذل في ذلك ماستطاع كي تبقى خيمة الصحراويين "الجبهة " شامخة في السماء كطود عظيم لا يعرف الانحناء .

كما كان رحمه الله بسيطا في لباسه وطريقة حياته ، زاهدا عن الدنيا وملذاتها ، يحجم وبتواضع شديد ان يقول عن نفسه أن له فضل على الثورة ، بل كان يرى نفسه أن الثورة هي من علمته قدسية الوطن ومغازي التضحية .

حرطن زويدة ليس شخصا عاديا ، بل استثناء في كل شيء ، في التضحية والشجاعة والبساطة والمروءة والكرم ، وبرحيله نكون قد خسرنا مجاهدا عنيدا ، ومناضلا مخلصا لقضية أعطاها كل مايملك دون من ولا أذى .

ومن واجب الاجيال الحالية ان تبحث في تاريخ رجال عظام ، عاشوا بسطاء ورحلوا في صمت ، دون ضجيج ولا بروتوكولات ، وتلك عادة البسطاء العظام ! 

ومن واجب اقلامنا ان تسيل حبرا سخيا ، لتخليد من قدموا للثورة ولم يأخذوا منها شيء ، ولم يكلفوها مالا ولا زاد ، بل دين علينا ان نمجد هرلاء الاماجد الذين سخروا حياتهم كي نعيش نحن .

رحم الله حرطن زويدة العيمار ، واسكنه فسيح جناته وألهم ذويه وشعبه جميل الصبر والسلوان.

انا لله وانا اليه راجعون.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *