مقال رأي: الطيور علي اشكالها تقع
نشر محمد السادس ملك المغرب رسالة من نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية يخبره فيها بأن بلده قرر الاعتراف للمغرب بما يسميه "السيادة" على الصحراء الغربية.
برقية رئيس حكومة إسرائيل إلي ملك العلويين لا تكتسي بالنسبة للصحراويين ، من ألأهمية القدر الذي يعطيها طابعا خاصا، حتي تستحق ردا أكثر من أن الأمر ليس سوي حديثا معادا ما دمنا أمام علاقة جد قديمة،
فالتدخل العسكري إلي جانب العدوان المغربي ضد الشعب الصحراوى و التنسيق الأمني و الديبلوماسي بين الرباط و تل ابيب ليسا سرا منذ عشرات السنين، و لو كان الجانبان يتحفظان على الخوض فيهما.
الجديد في هذا الأمر هو أن الأوضاع الخطيرة جدا التي وصل إليها القصر الملكي المغربي نتيحة لحربه التوسعية ضد الجمهورية الصحراوية و انكشاف عمق الأزمة و خروج حقائق القصر الداخلية إلي العلن و درجة الفساد في جميع الميادين أمام اعين و مسامع المغاربة، جعل محمد السادس و فريقة يقررون الارتماء الكلي في احضان إسرائيل و لا يبالون بتبعات قرارهم علي المستويين الداخلى و الخارجي و لا بأبعاده المختلفة ما دام هو شرط انقاذ العرش من السقوط.
هذه هي الحقيقة. حقيقة امير مؤمنينهم و حامي حمى ملتهم و رئيس لجنة الهيكل و المعبد
هذه الحقيقة التي لا جدال فيها اليوم، هي التي دفعت بالفريق المصغر لمحمد السادس للتفكير منذ سنوات لإيجاد مخرج عملي و خطة لإنقاذ العرش العلوي من نهاية اصبحت تلوح في الأفق و تقترب من الوقوع يوما بعد يوم.
يظهر أن محمد السادس اعطي لفريقه المذكور، المشكل من اصحابه بمن فيهم أجانب و بعض مساعديه، الضوء الأخضر، منذ 4 سنوات، للدخول في مفاوصات بغية تحديد خطة شاملة في كل الميادين و بدون استثناء، خطة ذات ابعاد جيو-إستراتيجية، تكون بمثابة إندماج مبني على توحيد اهداف العمل المشترك بين المغرب و إسرائيل لتوزيع المهام بالطريقة التي تضمن انقاذ العرش مقابل الدفاع عن مصالح إسرائيل و مواكبة العملية من خلال إستراتيجية إعلامية ذكية و منسقة.
تم تحديد معالم الخطة و تفاصيلها عبر مراحل من التفاوض و اللقاءات السرية و كان أول ما برز منها هو قرار استبدال الضمانة الفرنسية القديمة و المتعبة بالضمانة الأمريكية القوية، و ذلك لن يتأتي إلا عبر المرور من محطة تل ابيب.
و لكن الإحتماء بقوة اجنبية للمحافظة علي العرش ضد ارادة الشعب المغربي ستكون له نتائج كارثية على المغرب و علي القصر نفسه بالإضافة إلى ما تجلبه عليه الحرب العدوانية ضد الشعب الصحراوي.
الشرعية لا يبحث عنها قطعا لا في تل ابيب بالنسبة للقضية الصحراوية و لا في الرباط بالنسبة للقضية الفلسطينية لأنها مرتبطة ارتباطا وثيقا بحقوق الشعوب في تقرير المصير و السيادة و بالمواثيق الدولية التي تحدد أسس و مبادئ العلاقات الدولية.
رسالة رئيس وزراء الحكومة الإسرائيلية ليست لها قيمة و باطلة لعدم استنادها علي الشرعية. إنها عبارة عن صك بنكي بدون رصيد.
اما سياسة نتنياهو المتمثلة في حشر أنف إسرائيل في ملف الصحراء الغربية، بهذه الطريقة العدوانية و في هذا الوقت بالذات، فإن خلفياتها العميقة و اهدافها الإستراتيجية هي تحويل المغرب إلى قاعدة عسكرية و استخباراتية لمساعدته على مواصلة العدوان الهمجي على الجمهوربة الصحراوية بما يعزز موقفه التفاوضي و في نفس الوقت تنفيذ سياسة اسرائيلية قديمة تهدف إلى زعزعة أمن و استقرار بلدان شمال إفريقيا و الساحل و الصحراء و خاصة بعدما تحققت تل أبيب من هشاشة اختراقاتها في منطقة الخليج و شرق افريقيا.
الإعلان عن امكانية فتح قنصلية في ألأراضي المحتلة من الجمهورية الصحراوية كان قد سبقه تواجد ضباط الجيش الاسرائيلي في الميدان عبر تسييرهم للحرب الإلكترونية الجديدة و اشرافهم المباشر علي عمل المسيرات. و من المنتظر أن يقوم المغرب في مقابل ذلك بالتواجد في القدس إلي جانب المحتل الاسرائيلي، و في زمن غير بعيد.
الجانب الإسرائيلي يعلم جيدا حاجة العرش العلوي الآن للحماية من المغاربة و الجيش و سيحصل علي كل ما يريد من محمد السادس و فريقه او من سيتولي الكرسي من بعده.
و إقتصاديا ستعمل إسرائيل بدون شك للحصول علي كل ما يمكن لها الاستحواذ عليه من الاراضي الزراعية و المعادن و من الثروات المختلفة سواء كان ذلك في المغرب او في الأراضي الصحراوية المحتلة. لقد بدأت شركاتها المختلفة غزو المغرب و الجمهورية الصحراوية لنهب خيرات الشعبين الصحراوي و المغربي.
و بما أن المغرب هو أكبر منتج و مصدر للقنب الهندي فإن المخابرات الإسرائيلية بمختلف اجهزتها ستجد ضالتها الثمينة للتوغل أكثر في عدة مناطق عبر ضباطها و المتعاونين معهم و من خلال شبكات الجريمة المنظمة و طرق تمويل الإرهاب.
نحن اذن أمام تبادل للمنافع بين طرفين تربطهما قواسم مشتركة اولها عدم الإعتراف بالحدود الدولية و الإحتلال اللاشرعى لأراضي الغير و مصادرة الحقوق و اتباع سياسة الأرض المحروقة و ارتكاب جرائم حرب و جرائم ضد الانسانية.
المغرب و إسرائيل يتفقان في سياستهم الرامية إلى سلب اراضي الشعوب و تقسيمها بالأحزمة العازلة التي ترمز ألي السياسة العنصرية البغيضة.
المغرب و إسرائيل كذلك يعملان علي الاستيطان و تغيير التركبة الديموغرافية في ألأراضي التي يحتلانها.
المغرب و إسرائيل يجتمعان علي الظلم و العدوان و تشابه سياستهما يؤكد وجاهة المثل الذي يقول أن "الطيور علي اشكالها تقع "
لقد اتضحت الصورة الآن، لمن كان يشك في حجم التآمر علي الشعب الصحراوي.
و اتضحت كذلك درجة الضياع الذي حل ببلاد المغرب تباعا لفقدان ما تبقي من السيادة و ما سيتعرض له من طمس للهوية و تهديدا للوجود.
التظاهر بالقوة و الإنزلاقات الخطيرة و العدوانية التي تظهرها إسرائيل ستحدث نتائج عكس الأهداف و المرامي المسطرة لها.
يستنتج من كل ما سبق أن الشعب الصحراوي اوصل القصر الملكي المغربي إلي الظهور على طبيعته و فرض عليه الدوس علي كل المقدسات و التخلي عن جميع الشعارات.
تراجع محمد السادس و فريقه عن إلتزامات المغرب الموقع عليها مع الطرف الصحراوي من أجل إحلال السلام العادل و النهائي بين الشعبين و البلدين شكل خطوة قاتلة بالنسبة للقصر و وضع الشعب المغربي و قواه السياسية و العسكرية أمام امتحان يهم إنقاذ الكرامة و الشرف.
اما الشعب الصحراوي فسيواصل الدفاع عن حقوقه و سيادته مهما كلفه ذلك من ثمن معتمدا على ارادته و وحدته و تصميمه و متشبثا بعدالة قضيته و متمسكا بمقتضيات الشرعية الدولية التي لا تعترف للمغرب بالسيادة على الصحراء الغربية.
إن التحالف المغربي الإسرائيلي سيكون مآله الفشل و لا يمثل أكثر من كون غريق تعلق بغريق .
امحمد/البخاري 20 يوليوز 2023.