-->

المغرب يتقوى ب "ايباك" لاستمراره في احتلال الصحراء الغربية

الصحراء الغربية (وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة) تشير جملة من الأحداث أن
الحكومة المغربية قد جندت لوبي السياسة الخارجية المتميز "لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية" المعروف إختصارا ب"إيباك" (AIPAC) بغية الدفاع عن إستمرار إحتلال المغرب للصحراء الغربية. في حين أن كل من المغرب وإسرائيل متورطان منذ زمن طويل في إحتلال متعارف عليه عالميا ، ويبدو في الوقت الراهن أنهما يعملان جنبا إلى جنب لتقويض أشغال لجنة الكونغرس المسؤولة عن دعم التزام الولايات المتحدة المزعوم بمجال حقوق الإنسان.
ففي أبريل من هذا العام ، بعث النائبان الجمهوريان ورئيسا لجنة طوم لانتوس لحقوق الإنسان Tom Lantos فرانك وولف Frank Wolf و جيم ماك كفورن Jim McGovern رسالة إلى وزير الخارجية جون كيري Kerry بخصوص إنتهاكات حقوق الإنسان بالصحراء الغربية المحتلة من قبل المغرب. وتحتوي هذه الرسالة على توصيات لدعم توسيع مراقبة حقوق الإنسان وتقرير آخر يخص مهمة بعثة الأمم المتحدة لإجراء الاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو). وقد ناشدت الرسالة أيضا الولايات المتحدة بضرورة العمل للضغط على المغرب في اتجاه الإيقاف الفوري للتحرشات والتهديدات والاعتقالات التعسفية التي تطال الصحراويين المطالبين بالاستقلال ، كما طالبت بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين الصحراويين الذين اعتقلوا على خلفية ممارسة حقهم في التعبير وتأسيس الجمعيات. ويبدو جليا ان الصحراويين يعيشون تحت قبضة احتلال متعارف عليه دوليا وهم محرومون من أبسط الحقوق شأنهم شأن الفلسطينيين , فبالرغم من اختلاف ظروف الاحتلال بين الشعبين إلا أن الصحراويين والفلسطينيين يتعرضون لنفس التمييز الممنهج والتهجير الدائم والانتهاكات الروتينية لحقوق الإنسان. فحسب موقع الأخبار الإليكتروني "لكم"، أياما قليلة على بعث النائبان في الكونغرس فرانك وولف Frank Wolf و جيم ماك كفورن Jim McGovern رسالة إلى وزير الخارجية كيري Kerry ، قام وفد رفيع ضم شخصيات أمنية واستخباراتية بارزة على زيارة لواشنطن للقاء لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية "ايباك". ولم يعلق أي مسؤول سواء من "ايباك" أو من الحكومة المغربية بخصوص مضمون هذا اللقاء لكن الشكوك ساورت خبراء في هذا المجال بالنظر إلى التوقيت فيما يتعلق بموضوع تلك المحادثات . وفي هذا السياق اخبرني ستيفان زونس Stephen Zunes الخبير المتميز في هذا المجال عبر البريد الإليكتروني بأن لقاء مسئولو الحكومة المغربية و "ايباك" بعد صدور رسالة لجنة طوم لانتوس لحقوق الإنسان Tom Lantos بأنه "لم يكن مفاجئا على الإطلاق لأن التوجه العام والمجموعات اليمينية الصهيونية كانت داعمة ومساندة للموقف المغربي منذ زمن".
فوجود روابط متينة تجمع بين الحكومة المغربية وإسرائيل ، توحد مجهوداتهم المشتركة في واشنطن بخصوص تقويض عمل لجنة لانتوس لحقوق الإنسان قد اعتبرت تطورا جديدا. ويبدو أن اللقاء الحديث الذي دار بين المغاربة و "ايباك" يندرج ضمن الحملة الواسعة التي يقوم بها المغرب لتلميع صورته وتسويق الرواية القائلة بكون الشعب المغربي اختار "الإصلاح عوض الثورة" خلال الربيع العربي. كما تطرقت سامية الرزوقي في تحقيق أجرته حول مجموعة الضغط التي تعمل لصالح المغرب خلصت فيه إلى أن مايسمى بالمركز الأمريكي المغربي للسياسة بلغت نفقاته على جماعة الضغط مايناهز 1.4 مليون دولار خلال النصف الأول من سنة 2012 ، حسب ما استُخلص من كشوفات برنامج فارا FARA و هي إختصار ل "قانون تسجيل العملاء الأجانب" التابع لوزارة العدل الأمريكية. وتسهب الرزوقي في تقريرها بأن أهداف الحكومة المغربية من شراء مجموعات الضغط في الكونغرس الأمريكي يتمثل في تلميع صورته حيال وضعيتين أولاهما ما يواجهه المغاربة المكتوين بلهيب حكومة لا ديمقراطية و ثانيهما الصحراويين اللذين يئنون تحت وطأة الاحتلال. وحسب سجلات برنامج فارا FARA ، فقد التقى المركز الأمريكي المغربي للسياسة مع جينيفر روبين Jennifer Rubin مدونة من المحافظين الجدد صاحبة قلم مأجور يكتب لصالح إسرائيل في مدونتها على الواشنطن بوست Washington Post المعنونة ب "رايت تورن ". فبينما تستمر روبين في مغازلة " ايباك " بخصوص الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي في مدونتها، تشير الرزوقي إلى كون كتاباتها بلغت درجة النشاز والابتذال حيث تطبل لإصلاحات النظام المغربي . إذ في يوليوز من السنة الماضية، ألفت روبين بكل خساسة سيرة تمجيدية عن يوسف العمراني ، الوزير المغربي المنتدب لدى وزارة الخارجية. فبعد تقديمها صورة وردية عن المغرب في كل المجالات، بدءا من الإصلاحات الدستورية وصولا إلى حقوق الإنسان ، تؤيد من خلاله بشكل ضمني "الشراكة الإستراتيجية " المقترحة من قبل السفير العمراني.
لقد جاء تقرير وزارة الخارجية الأمريكية لسنة 2012 برواية تكذب كل ما ورد عن روبين . فعوض" تنازل الملك عن سلطاته " كما زعمت روبين ، أكدت وزارة الخارجية بأن الإصلاحات الدستورية أبقت السلط الأساسية في يد الملك بوصفه الحكم الأسمى بين مختلف القوى السياسية في المغرب . كما أشار كذلك هذا التقرير الرسمي إلى تعاظم جرائم " التعذيب وإنتهاكات قوى الأمن لكرامة السجناء والمعتقلين السياسيين وحرية التعبير والصحافة و تراجع حرية التجمع وتقييد حرية ممارسة الشعائر الدينية وغياب إستقلالية الجهاز القضائي والتمييز ضد المرأة والإتجار بالبشر... " . وبالنظر الى كل هاته الإنتقادات الموجهة للمغرب التي تشكل تناقضا صارخا مع الديمقراطية الطوباوية التي تصفها روبين لقراءها حيث لا تتوجه بسهام النقد إلا إلى أعداء النظام المغربي.

بالرغم من الأموال الخيالية التي ينفقها المغرب لكسب الدعم في الكونغرس والإعلام، لازالت لجنة لانتوس لحقوق الإنسان تصدر تقاريرها مستنكرة الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالصحراء الغربية وتطالب بتوسيع صلاحيات المينورسو ، وهو الإجراء الذي يعارضه المغرب بشدة. فقد غير المغرب بوصلته صوب "ايباك" المعروفة بأنجع مجموعة ضغط في قضايا السياسة الخارجية، بعدما إكترى في السابق لوبيات في واشنطن لم تسفر نتائجها عن محصلة ذات أهمية تذكر. وبالنظر إلى سجل "ايباك" الحافل في الدفاع عن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسسطينية لمدة 46 إضافة إلى تأمينه لأزيد من 30 بليون دولار كمساعدات عسكرية بغض النظر عن ضغوطات الميزانية،يبحث المسئولون المغاربة عن إستراتيجية يُعتمد عليها لإسكات صوت أعضاء الكونغرس المنتقدين لاستمرار احتلال المغرب للصحراء الغربية. بينما تعد محاولات "ايباك" للتغاضي عن حقوق الفلسطينيين روتينية ونسبيا لا تثير جدلا وناجحة بشكل عادي، فقرارها الواضح بخصوص نسفها للتساؤلات المثارة من قبل لجنة لانتوس لحقوق الإنسان من شأنه أن يولد إحباطا لدى بعض أعضاء الكونغرس. وهو ما يمكن أن يكون تنبوء حول اختلاف مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل إزاء جملة من القضايا إنطلاقا من حقوق الإنسان وصولا إلى الأمن القومي، فإسرائيل حديثا تصرفت لحماية بنك الصين من قضية إرهاب مالي بقيادة أمريكا وذلك لتأمين زيارة تجارية للوزير الأول الإسرائيلي نتانياهو إلى الصين.
كما يعتري بعض الدول حسد داخلي وهي تنظر إلى الحصانة التي تتمتع بها إسرائيل رغم إنتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان في واضحة النهار يجب عليها ان تأخذ العبرة من المغرب الذي تجاوز اللوبيات التقليدية إلى "ايباك".
وذلك بالنظر إلى الامتيازات التي تحضى بها السياسة الخارجية الإسرائيلية، فيجب أن يحدونا الأمل كون عمل لجنة لانتوس لحقوق الإنسان لن تظل دائما مقوضة من قبل لوبيات السياسة الخارجية القوية في واشنطن و حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية التي تمثلها.
بقلم : مايك كوغان
ترجمة :الاميرة ابراهيم 
عن مندوويس

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *