-->

المفاوضات وسيلة للحل ام غاية لربح الوقت؟

ان المتتبع لعملية التسوية التي يخوضها الملف الصحراوي سيجد دون عناء ان هذه
القضية تعرضتلإجحاف متعمد و تجاهل مخجل في الحل من قبل اكبر الفاعلين في السياسة الدولية، و تركها ترزح تحت مقاربات توسعية كولونيالية تنفخ الروح فيها من حين لاخر، كل هذا لم يجد نفعا و لم ينصف الشعب الصحراوي الذي قدم تنازلات اليمة و لم تغير في الوضع شيئا، وانما زادت من تضييق الخناق عليه اكثر و دون تنازل من الطرف الآخر، فالى اي مدى يمكننا ان نقول ان التنازل الاحادي الجانب يساهم في تسريع عملية السلام؟ و هل المفاوضات وسيلة للحل ام لربح الوقت؟ و هل الامم المتحدة قادرة فعلا على ايجاد تسويةحقيقية تضمن في الاخير حق تقرير مصير الشعب الصحراوي؟
لِمَالتنازل........و لِمَالتمديد؟
قد لا يكون التنازل شيئا مقصودا و لا متعمدا من قبل البوليساريو و انما تمسكا منها بخيار السلام و أخذ زمام المبادرة للحصول على ورقة ربح تحسب لها للمساهمة في عملية السلام، لكن في المقابل هل يقبل من الامم المتحدة ان تظل تمدد عهداتها فحسب دونما طرح حل او تسوية فعلية و جادة جزاءا لما قامت به البوليساريو من مبادرات، و لكن كيف يمكن اقناع شعب بكل هذه التمديدات؟
حينها لا يبقى للتنازل الاحادي الجانب معنى، و انما نوعا من مد الرقاب و القفز نحو المجهول و فتح الباب امام مزيد من الضغط الممارس علينا طمعا في المزيد من التنازلات المجانية، و يبقى الانصياع التام ايضا دونما ضمانات شعار تذوب فيه الحقوق و تتلاشى في ظله الحقائق.
مفاوضات مانهاست... الخطابات المعلنة و الاوراق الملعوبة (نموذج لادارة النزاع لا حله).
دأب المغرب قبل كل جولة ان يسوق لنا، خطاب معلن يحمل في طياته مطالب و اختبار تبريرات بان زيفها، تحمل اشارات التماطل و التعطيل محاولا جر الطرف الآخر الى مزيد من خفض سقف مطالبه، وهذا ما ظهر لنا في اول جولة من مفاوضات مانهاست المباشرة، حيث اتى الطرف المغربي مدجج بكل الخطابات الملكية المعلنة و لعب ورقة الحكم الذاتي كقاعدة لأي حل، بينما اتت البوليساريو و هي مدججة بكل القرارات ذات الصلة بالقضية الصادرة عن مجلس الامن و هي لا تريد اكثر من استفتاء تقرير مصير الشعب الصحراوي كقاعدة و انطلاقة لاي حل ديمقراطي يحترم ارادة الشعب الصحراوي.
هذا التناقض المبدئي الذي عززه التعنت المغربي من خلال التمسك بخيار الحكم الذاتي كقاعدة للتفاوض هو الذي أفشل الجولة الاولى من المفاوضات، مرة اخرى يعود الطرفان الى الطاولة ولكن التقدم المرجو كان حتميا و متوقعا لمن يقرأ ما سبقها من تصريحات و تصريحات مضادة، و التي لم تبتعد عن خط التشنج السياسي و البقاء على الرهانات السابقة، الامين العام و مبعوثه السابق فالسوم أرادا من هذه الجولة ان تناقش عناصر ذات صلة بالنزاع محاولة منهما لجسر الهوة و تقريب وجهات النظر بين الطرفين ( حقوق الانسان، الثروات الطبيعية، اللقاءات الشبانية والثقافية،)، لكن اتهام الوفد المغربي لجبهة البوليساريو بأنها طرحت صيغة الاستفتاء بنية افشال الجولة ليظهر في آخر هذه الجولة ان المغرب لم يكن يريد التفاوض على خيارات متعددة لتقرير المصير، وانما على اساس الحكم الذاتي كخيار وحيد ترجمة لما صرح به الملك المغربي قبل هذه الجولة " ان اي حل لا يمكن ان يمر إلا من خلال الحكم الذاتي و لا شيء غير الحكم الذاتي...".
كيفما كانت الحجج و المبررات و الهيستيريا السياسية غير الطبيعية التي تبدو و كأنها تناقض نفسها، او اصيبت دبلوماسيتها بإنفصام في الشخصية، بحيث اصبحت تخاف تقديم الحكم الذاتي و الاسراع في فرض على الطرف الآخر رفضه، كل هذا لكي تفشل المفاوضات و يقال بأن الطرف الآخر هو المعرقل لكل المسارات.
إن انفصام شخصية الدبلوماسية المغربية لا يقع على عاتق روادها المفترضين أو المفوضين بها، و انما على عاتق المسؤول عنها مباشرة – الملك- الذي اصبح يتعامل مع الحكم الذاتي و كأنه الاستفتاء.
الجولتان الثالثة و الرابعة و ما جاء قبلهما من تصريحات و خطابات انذر بنسفهما منذ البداية و الحكم عليهما بالفشل، البوليساريوقالت حينها انها لن تدخل مفاوضات بدون نتائج و رسمت خطة في المؤتمر 12 للجبهة مفادها التمسك بخيار الكفاح المسلح إذا ما فشلت كل المساعي السلمية، الوفد المغربي دخل هاتين الجولتين بروح و نص "الخطاب الملكي الذي اكد "على ان الحكم الذاتي هو المنطلق و هو المنتهى"، ليظهر المغرب في الاخير على انه يسبح عكس تيار السلام، فهل تنقذ الامم المتحدة ما تبقى منه ؟
الامم المتحدة.......أكثر من عشرين سنة من امتحان المصداقية
الامم المتحدة كوسيط في النزاع عليها ان لا تنجر وراء طرف و لا تنحاز الى اخر، في مسألة ترتبط بها مباشرة و تخوض فيها غمار مصداقيتها التي اصبحت على المحك، خصوصا بأنها غدت تواجه و تطارد في كل مكان، و ينظر لها انها قوات كومبارس" متفرجة لا القوات ذات القبعات الزرق التي تبعث على الامن و الاطمئنان
و في الاخير فإن الشعب الصحراوي كان و لا يزال ضحية مؤامرة مزدوجة بين الاحتلال المغربي من جهة الذي انكر وجوده و صادر حقه في التعبير عن ارادته، و الامم المتحدة من جهة أخرى التي ما انفكت تمدد وتؤجل، فمتى ستعلن نهاية فترة التمديدات، و هل ستنهي ماراطون المفاوضات العبثية، اسئلة ظل يسألها الشعب الصحراوي منذ اكثر من عشرين سنة و لم يسمع الاجابة الى حد الآن، فهو الشعب الذي يستحق من الامم المتحدة كل الثناء وأفضل الجزاء لانه لم يقل للامم المتحدة و قواتها أف و قد بلغت عنده الكبر.
بقلم: خطري الزين

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *