-->

هل هناك حل سياسي يرضي الطرفين؟ / بقلم : سعيد زروال

في أعقاب مصادقة مجلس الأمن الدولي بالإجماع على القرار 2218 أصيب العديد من المواطنين
الصحراويين بنوع من خيبة الأمل مصحوبة بحسرة على ضياع 23 سنة من مطاردة وهم التسوية السلمية برعاية أممية. وصاحب خيبة الأمل صمت رهيب في الشارع الصحراوي وأصبح الجميع يتساءل في صمته : إلى اين نحن ذاهبون؟ وما هو حل القضية الصحراوية؟.
من المتعارف عليه أن المواطن الصحراوي لا يحق له الإدلاء برأيه حول القضايا المصيرية ما لم يمنح الضوء الأخضر ممن نصبوا أنفسهم أوصياء على مشروعنا الوطني، وكل من يتجرأ على كسر هذه القاعدة سيتم إتهامه بتهم ثقيلة من قبيل الخيانة والعمالة وتهديد المشروع الوطني. إلا أنه من حقي كمواطن صحراوي بسيط الإجابة عن هذا السؤال الذي مصدره المنظمة الاممية، وذلك نزولا عند رغبة المبعوث الأممي كريستوفير روس الذي قال في إحدى لقاءاته ان الحل هو في يد الصحراويين، وسأحاول كذلك أن أكون واقعيا من اجل وضع الجميع في صورة كافة الحلول السلمية التي بالتأكيد سيكون احدها حلا للقضية الصحراوية أو قاعدة لحل قد يبتكره مهندسي السياسة الدولية، رغم إيماني أن هناك أعداء لكافة الحلول المقترحة، وهم المستفيدين من الأمر الواقع من أثرياء الأزمة في الرباط ونظرائهم في الرابوني، وهذه الفئة لا يهمها حل القضية الصحراوية، بقدر ما يهمها الحفاظ على مصالحها الاقتصادية التي جنتها عل حساب معاناة الشعب الصحراوي، وستعمل هذه الفئة على عرقلة أي حل مقترح عن طريق تسليط كافة سهام التخوين والتشويه لأي صوت يحاول تنوير الرأي العام بالمخاطر التي يمثلها استمرار الأمر الواقع على مستقبل الشعب الصحراوي. وقبل أن تبدأ سهام من يصفون أنفسهم بالمناضلين في تخويننا أو إخراجنا من الصف الوطني، نذكرهم أن قيادتنا الرشيدة سبق وان قدمت مقترح لتقاسم ثروات الشعب الصحراوي مع العدو المغربي، ومع هذا لم نسمع أي كان يخون القيادة رغم أن الثروات هي ملك للشعب الصحراوي ولا يحق للقيادة التصرف فيها دون استشارته.

بالعودة إلى القرار الأخير الصادر عن مجلس الأمن الذي يدعو طرفي النزاع إلى : التوصل إلى حل سياسي عادل و دائم و يقبله الطرفان و يفضي إلى تقرير مصير شعب الصحراء الغربية طبقا لمبادئ و أهداف ميثاق الأمم المتحدة. من الوهلة الأولى يبدو التناقض واضحا فيما يريده المنتظم الدولي، لان الجميع على علم أن المغرب يرفض تقرير مصير الشعب الصحراوي وبالتالي سيستحيل على جبهة البوليساريو الاتفاق معه على حل يكفل تقرير مصير الشعب الصحراوي، ولا أدري بصراحة لماذا تنظر الأطراف الرسمية بايجابية لهذه الجملة العريضة التي يجري تكرارها في كافة القرارات الدولية؟، فالمغرب دوما يرحب بالحل المتفق عليه المقبول من الجميع في إشارة منه إلى الحكم الذاتي، رغم أن الحكم الذاتي لم يتفق عليه إلا مع طرف واحد وهو طرف خارج النزاع ونعني هنا فرنسا، فيما يكتفي الطرف الصحراوي بالجملة الأخيرة وهي تقرير المصير، لكن للأسف أن الجميع يتجاهل هذا التناقض الوارد في كافة قرارات مجلس الأمن الدولي.

وإذا سلمنا أن هذه هي القاعدة التي يريد المنتظم الدولي اعتمادها كحل للقضية الصحراوية رغم تناقضها، أصبح من الواجب أن نبحث عن ما هو الحل السياسي العادل و الدائم الذي يقبله الطرفان و يفضي إلى تقرير مصير شعب الصحراء الغربية ؟

المفاوضات والاستفتاء
من الأخطاء الشائعة إعتبار الاستفتاء أو المفاوضات حلا للقضية الصحراوية، لان المفاوضات والاستفتاء ما هي إلا آليات من اجل التوصل إلى حل. وبالتالي فان دخول القضية الصحراوية إلى مسلسل التفاوض سيكون في إطار ما حدده قرار مجلس الأمن الدولي بحل متفق عليه بين أطراف النزاع.
وهذا يعني أن كافة الحلول التي سبق رفضها من طرفي النزاع سيتم إستبعادها في عملية التفاوض من اجل الوصول إلى حل، ووفقا لهذا المبدأ فان آلية تقرير المصير عن طريق الاستفتاء تبدو مستبعدة بسبب الخلاف حول لائحة أسماء الأشخاص الذين تحق لهم المشاركة في الاستفتاء ، كما أن مقترح الحكم الذاتي يبدو مستبعدا بسبب الرفض الصحراوي. ينضاف الى هذا مقترحات أخرى على قرار الاتفاق الإطار الذي قدمه المبعوث الأمريكي جيمس بيكر عام 2001 وهو المقترح الذي رفضته جبهة البوليساريو، ومشروع بيكر الثاني الذي ينص على حكم ذاتي لخمس سنوات يليه استفتاء لتقرير المصير وهو المقترح الذي رفضه المغرب، والحل المتفق عليه والمقبول من الطرفين يعني ببساطة أن شعارات القيادة الصحراوية وما يريده العدو المغربي خارج دائرة هذه الحلول، لان الاستفتاء الذي تدعي القيادة الصحراوية إصرارها عليه في تصريحاتها الرسمية تدرك أكثر من غيرها استحالة تنفيذه بسبب العراقيل المغربية وعجز النظام الصحراوي والمنتظم الدولي عن الضغط على المغرب من اجل إجباره على تنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية، كما أن العدو المغربي فشل في تسويق مشروع الحكم الذاتي خاصة في المناطق الصحراوية المحتلة.

ورغم تجاهل المنظمة الاممية لمقترح الاستفتاء منذ عام 2006 الا ان قيادتنا للاسف لازالت تتعامل معنا وكأننا شعب قاصر. ففي العام 2015 لازال قادتنا يقولون بان محادثاتهم مع كريستوفير روس تناولت كيفية تنظيم الاستفتاء بعد أن أصبحت كلمة الاستفتاء مثار سخرية لدى الرأي العام الصحراوي. وأمام استحالة تنظيم الاستفتاء كآلية للوصول إلى حل، واستحالة تطبيق مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب، يبقى الباب مفتوحا لحلول أخرى والتي سنحاول إستعراضها والنظر في مدى ملاءمتها مع وضع الصحراء الغربية.

وضع المنطقة تحت إدارة المينورسو
وهذه احدى المقترحات التي قدمها الخبير القانوني الدولي هانس كوريل وذلك بتطبيق نموذج تيمور الشرقية التي كانت تدار من قبل البعثة الاممية قبل استقلالها، إلا أن هذا المقترح يبدو غير واقعي في حالة الصحراء الغربية لان الأمم المتحدة عجزت في السنوات الأخيرة عن توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان بسبب الضغط الفرنسي، ما يعني ان توسيع صلاحياتها لتشمل إدارة كل مناحي الحياة في الصحراء الغربية تبدو مستحيلة في الوقت الراهن في ظل غياب الإرادة الدولية.

اعادة المنطقة للادراة الاسبانية
وهي كذلك احدى المقترحات التي قدمها الخبير القانوني الدولي هانس كوريل ويقوم المقترح على مطالبة اسبانيا بتحمل مسؤوليتها كقوة إدارية في الصحراء الغربية ، وهي المسؤولية التي تخلت عنها في فبراير 1976 . ويعني هذا المقترح إعادة القضية إلى نقطة الصفر.

اعتراف مجلس الأمن بالصحراء الغربية كدولة ذات سيادة
وهي كذلك إحدى المقترحات التي قدمها الخبير القانوني الدولي هانس كوريل، ويبقى هذا المقترح رهين بضمان إجماع في مجلس الأمن الدولي وأغلبية أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة. وسبق للقيادة الصحراوية أن تحدثت عن هذا المقترح من باب الاستفادة منه في الدعاية الإعلامية فقط.

خيار التقسيم
ظهرت فكرة التقسيم أثناء عهدة الأمين العام الأممي الأسبق كوفي عنان. وقالت مصادر إن الطرف الجزائري يقف وراء فكرة خيار التقسيم رغم نفي الجزائر لذلك، و ينص المقترح على اقتسام الأراضي وفق حدود اتفاقية مدريد. ورغم تعبير طرفي النزاع عن رفضهم لهذا الحل إلا انه يبدو الأكثر واقعية والاقل ضررا في الوقت الحالي، بحكم ان كلا الطرفين يمكنه إيجاد مبررات لقواعده الشعبية، فجبهة البوليساريو يمكنها إقناع القاعدة الشعبية ان الموافقة عل هذا الحل تأتي وفق مبدأ “خذ ثم طالب” وهذا لا يمنع في حال تغير الأوضاع الدولية من المطالبة مستقبلا بالنصف الأخر من الصحراء الغربية، أو دعم الحركات النشطة التي ستنادي باستقلال شمال الصحراء الغربية عن الاحتلال، أما الطرف المغربي فيمكنه تبرير قبوله لهذا الحل في رغبته بالالتزام باتفاقية مدريد التي منحته النصف الشمالي من الصحراء الغربية. وهناك سلبيات لهذا الحل على الطرف الصحراوي وهي تناقضه مع شعار “كل الوطن او الشهادة” الذي رفعته جبهة البوليساريو، إلا أن له كذلك ايجابيات منها ضمان اعتراف دولي بدولة الصحراء الغربية وقبول عضويتها في الامم المتحدة وهو ما سيمكنها من لعب دور المدافع والمطالب بالنصف الشمالي من الصحراء الغربية من موقع قوة، اضافة الى ضمانها لمداخيل اقتصادية ثابتة من المنطقة الجنوبية من الصحراء الغربية، وهي منطقة تفوق مساحتها مساحة العديد من الدول المستقلة، كما تسمح منطقة لكويرة فقط ببناء 8 مدن بحجم مدينة نواذيبو العاصمة الاقتصادية لموريتانيا.

الفيدرالية و الكونفيدرالية
الفيدرالية تعني الاتحاد الاختياري أي التعايش المشترك بين الشعوب و الاقليات وحتى بين الشعب الواحد في أقاليم متعددة كما الحال في ألمانيا و الاتحاد الاختياري هو أحد ممارسات حق تقرير المصير،المنصوص عليه في العهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة .

اما الكونفيدرالية فهو اتحاد بين دولتين أو أكثر من الدول ذات الاستقلال التام بعد عقد معاهدة تحدد الأغراض المشتركة التي تهدف الدولة الكونفدرالية إلى تحقيقيها ويتمتع كل عضو فيها بشخصيةٍ مستقلة عن الأخرى وتديرها هيئات مشتركة.
إذا الدولة الكونفدرالية تتكون باتحاد دولتين أو أكثر من الدول المستقلة {وليست أقاليم} لتحقيق أهداف مشتركة وذلك بموجب عقد معاهدة بينهم وتشرف على تنفيذ نصوص المعاهدة هيئات مشتركة بين الدول الأعضاء.
وتتمتع الدول الأعضاء في الاتحاد الكونفدرالي باستقلالها التام ، وترتبط ببعضها نتيجة مصالح عسكرية، اقتصادية أو سياسة. كما هو الحال في الاتحاد الأوربي.

ومن خلال تعريف مصطلحي الفيدرالية والكونفدرالية يتضح لنا ان خيار الفيدرالية سيكون مرفوضا من جبهة البوليساريو باعتباره نسخة طبق الأصل من مقترح الحكم الذاتي. كما ان الكونفدرالية ستلاقي رفضا من قبل المغرب باعتبارها حلا يمنح الشعب الصحراوي شبه استقلال تام في ادارة مصيره وهو ما يرفضه المغرب منذ احتلاله للصحراء الغربية.

انهاء مهمة الامم المتحدة ( المينورسو )
تبدو هذه الخطوة مستبعدة في الوقت الراهن لان الإعلان عن إنهاء مهام المينورسو تعني إعلان الحرب في منطقة الصحراء الغربية وهو الأمر الذي يخشاه الجميع بسبب الرغبة في إبقاء الاستقرار في هذه المنطقة. رغم أن المنظمة الاممية سبق وان هددت في عام 2002 بإعادة النظر في تعاملها مع الملف الصحراوي والتهديد بسحب المينورسو إلا أن هذه الخطوة تنذر في حال تبنيها إلى أفق خطيرة في مسار القضية الصحراوية .

استمرار الأمر الواقع
ان اكبر خطر على مستقبل الشعب الصحراوي والقضية الصحراوية هو استمرار الامر الواقع الذي لن ينتج عنه الا مزيد من الضعف لجبهة البوليساريو ، والمستفيد الأول من هذا الوضع هو المغرب، الذي سيعمل جاهدا على ضمان استمراره طالما انه غير متضرر منه. واستمرار الأمر الواقع يعني الموت البطيء لإرادة الشعب الصحراوي في الحرية والاستقلال.

ويبدو أن الهدف الخفي للمغرب من استمرار الأمر الواقع هو ضمان عدم عودة اللاجئين الصحراويين، وهذه القضية الخطيرة كنت قد أشرت لها في مقال نشر بمجلة المستقبل الصحراوي عام 2003 وتنبع الخطورة من الخشية من أن يكون المغرب يعمل من خلال عرقلة كافة الحلول المقترحة الى منع عودة اللاجئين تحت أي ظرف. لان عودة اللاجئين الصحراويين الى المناطق المحتلة من شأنها أن تخلق واقعا جديدا يستحيل فيه على المغرب أو على أي قوة أخرى السيطرة عليه، وهو الواقع الذي يخشاه الجميع، والدليل عل هذا هو رفض المغرب لمشروع بيكر الثاني الذي ينص على السماح لكافة المستوطنين المغاربة الذي استوطنوا في الصحراء الغربية قبل عام 2000 بالتصويت في استفتاء تقرير المصير وهو ما يعني أن النتيجة ستكون لصالح المغرب، إلا أن المغرب رفض المشروع مما يدل أن هناك نوايا خفية لمنع عودة اللاجئين الى المناطق الصحراوية المحتلة.

وما يزيد من خطورة استمرار الأمر الواقع على مستقبل الشعب الصحراوي هو حالة عدم الاستقرار التي تمر بها المنطقة العربية منذ عام 2011 حيث شهدت المنطقة تغيرات متسارعة جعلت البعض يطالب بإعادة النظر في الحدود الموروثة عن الاستعمار وإعادة رسم خارطة جديدة للمنطقة، ووصلت ارتدادات ذلك الى شمال افريقيا حيث اصبح خيار التقسيم يهدد الدولة الليبية بعد القذافي، الا ان التأثير المباشر لهذه التطورات على مستقبل القضية الصحراوية يبقى رهين بما سيحدث مستقبلا في المشهد السياسي الجزائري بعد مرحلة عبد العزيز بوتفليقة، او في المشهد الموريتاني المفتوح على كل الاحتمالات خاصة مع تصاعد لغة التجاذب العرقي. وأمام استمرار الامر الواقع يبقى الشعب الصحراوي هو الحلقة الأضعف في المعادلة الإقليمية.

الحلول المتبقية امام البوليساريو :
العودة للكفاح المسلح

يحظى هذا الخيار بنسبة تأييد كبيرة في القواعد الشعبية الصحراوية خاصة الشبانية، الا ان هذا الحل يبدو مستبعدا لان القيادة الصحراوية غير جادة في تهديداتها بالعودة الى الحرب، والدليل هو تصريحاتها الكثيرة التي تهدد فيها بالعودة الى الحرب دون تجسيد ذلك التهديد على الارض، لان من يريد العودة للحرب عليه الاهتمام بمؤسسته العسكرية وليس بوزارات ثانوية، إضافة إلى أن اكبر حليف خارجي للبوليساريو سبق وان أبدى معارضته لعودة الجبهة للكفاح المسلح، من خلال تصريحات سابقة للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة كشفت عنها وثائق ويكيليكس الامريكية يقول فيها ان الجزائر لن تسمح باتخاذ أراضيها كقواعد خلفية في حالة عودة الحرب إلى الصحراء الغربية وهو ما يعني نظريا استحالة عودة الحرب بصيغتها القديمة.

العصيان المدني الشامل


وهو الحل الأكثر واقعية من اجل فرض إرادة الشعب الصحراوي على المنتظم الدولي، الا ان هذا الحل يبقى رهين بوعي الرأي العام الصحراوي خاصة الأغلبية الصامتة في المناطق المحتلة، وهي الاغلبية التي تحدثت عنها في مقال سابق عام 2008 باعتبارها الشريحة التي اثبتت مقدرتها على قلب المعادلة بشكل مفاجئ كما حصل في ملحمة أكديم ازيك عام 2010.

الرهان على ملف حقوق الانسان

هناك من يراهن على أن ضمان حماية دولية لحقوق الإنسان من شأنه أن يوصل إلى حل نهائي للقضية الصحراوية، وهذا الحل قد يبدو اقرب إلى الحلم منه الى الواقع، لأن الطرف الصحراوي ببساطة واعني قيادة جبهة البوليساريو غير مؤهلين للدخول في معركة حقوقية بسبب سجلهم الأسود في حقوق الإنسان. ونهاية المعركة الحقوقية هي محافل المحاكم الدولية، وأثبتت التجربة أن وصول ملف الانتهاكات المغربية لحقوق الإنسان لأي محكمة دولية يقايضه المغرب بملف موازي لانتهاكات القيادة الصحراوية، وخير مثال ما جرى في المحكمة الوطنية الاسبانية. واذا كانت القيادة جادة في الدخول في معركة حقوقية مع العدو المغربي عليها أولا تنفيذ توصيات منظمة العفو الدولية التي دعتها إلى إبعاد المشتبه فيهم في ارتكاب جرائم من المناصب السيادية، وهي التوصية التي لم ينفذها النظام الصحراوي، كما ان تحويل المعركة إلى حقوقية من شأنه أن يحول الأنظار عن المطلب الرئيس للشعب الصحراوي وهو الحرية والاستقلال عن المحتل المغربي.

الثروات الطبيعية

تبدو معركة الثروات الطبيعية أكثر ايجابية للطرف الصحراوي من ملف حقوق الانسان، هذا ان لم يحاول المغرب مقايضتها كذلك بملف المساعدات الانسانية لمخيمات اللاجئين، الا ان هناك مجال كبير من اجل التضييق على المغرب خاصة لدى الشركات العالمية التي تخشى على سمعتها في السوق الاقتصادية. ورغم ايجابيتها الا انه لا يتوقع ان يكون لها تأثير في فرض حل للقضية الصحراوية.

تغيير معطيات الامر الواقع

تبدأ عملية تغيير معطيات الامر الواقع بإعطاء أهمية للمناطق المحررة ومباشرة مشاريع إعمار جدية والعمل على توطين اكبر عدد ممكن من اللاجئين في هذه المناطق، ومحاولة فتح منفذ على المحيط الاطلسي بمنطقة لكويرة عن طريق التنسيق مع موريتانيا، خاصة وان منطقة لكويرة ملائمة لتصبح نافذة جديدة شريطة العمل على تنظيف محيطها من الألغام التي خلفتها الحرب. والبحث عن مشاريع مدرة للدخل للاجئين ، لان الخطأ الأكبر الذي وقعت فيه القيادة الصحراوية منذ عام 1991 هو عدم التفكير في ضمان دخل ثابت للمواطن البسيط الذي هو رأس مال الثورة الصحراوية مما نتج عنه عجز كبير في قدرة العائلات الصحراوية على التغلب على مصاريف الحياة اليومية بسبب انعدام اي فرص للدخل بمخيمات اللاجئين، وغياب المشاريع الاستثمارية، وعدم السماح للمواطنين الصحراويين بالعمل في سوق العمل الجزائرية رغم أن الاتفاقية العالمية للاجئين تكفل لهم حق العمل في البلد المضيف.

هل سيؤدي بنا مشروع التسوية الاممي الى الاستقلال؟
كما يعلم الجميع ان الاحتلال المغربي خسر اكثر من 40 الف من جنوده في الحرب التي خاضها مع أبطال جيش التحرير الشعبي الصحراوي منذ عام 1975 الى عام 1991 ورغم خسائره الكبيرة الا انه رفض الخروج من المناطق الصحراوية التي احتلها بعد اتفاقية مدريد، و ارغم على الخروج من 30 في المئة من الاراضي الصحراوية المحررة بعد 16 سنة من الكفاح المسلح، وهنا يستحضرني سؤال موجه الى المدافعين عن جدوائين الحل السلمي : هل يعقل ان ينسحب المغرب من الصحراء الغربية نزولا عند رغبة المجتمع الدولي أو احتراما لقرارات الشرعية الدولية وهو الذي رفض الخروج بعد مقتل 40 الف من جنوده؟.

وخلاصة القول انه وأمام غياب اي طرف دولي قادر على الضغط على المملكة المغربية كما قال الامين العام الاسبق كوفي عنان فان مشروع السلام الاممي لا يعدو ان يكون مضيعة للوقت، وللاسف ان الضحية الوحيدة للانتظار القاتل هو المواطن الصحراوي البسيط في المناطق المحتلة ومخيمات اللاجئين والمهجر.

—————

المراجع :

– الصحراء الغربية، مشــاريع التســوية – سالم شعبان حامد البدراني.

– البدايات و ألافاق-سامي عبد الرحمن –منشورات حزب الشعب الديمقراطي الكوردستاني-مطبعة كه ل كوردستان-أذار 1988ص131

– شكل دولة القانون ونظام الحكم المدني-د.منذر الفضل-جريدة المؤتمر-العدد.308ص14
– النظم السياسية وتطبيقاتها المعاصرة.د.صلاح الدين فوزي ط.1991ص219

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *