-->

حوار مع أحد رجال البحر الصحراويين بمدينة الداخلة، الصحراء الغربية (الجزء الثالث والأخير).


سؤال: ما هي تأثيرات هذه الأنشطة الاقتصادية على البيئة البحرية بمنطقة الداخلة؟
جواب: يعتبر خليج الداخلة محمية طبيعية، الا اننا نلاحظ ان ذلك يبقى حبرا على ورق. فأصلا المرسى التي تم بناؤها بمدينة الداخلة أثرت بشكل سلبي جدا على محمية خليج الداخلة، ناهيك عن المخلفات والأضرار البشرية التي تصيب الخليج كل ثانية، وبالتالي تخلف تلوثا كاسحا ومدمرا للأسماك، للشعب المرجانية وللطيور المهاجرة وباقي الحيوانات البحرية التي تتخذ من هذا الخليج مكانا لبيضها وللتوالد والاستراحة. وعلى سبيل المثال، فمرسى مدينة الداخلة بنيت فوق مكان معروف بتواجد سمك "الكوربين" والذي اختفى تماما من تلك البقعة. حيث أنهم أثناء بناء تلك المرسى، وللتاريخ، تم ردم سمك الكوربين هناك وهو حي وبالمئات. وللتذكير، فتلك المرسى شيدتها شركة رومانية لم تعر اهتماما لتلك الخصوصية، تلك المنطقة معروفة بمياهها الدافئة، الا أن الزيوت المخلفة من طرف بواخر الصيد اثرت بشكل خطير على تلك البيئة المتميزة. هذا جعل من نسبة الدلافين هناك تتقلص بشكل كبير ومهول، وذلك ركله بسبب تلك البواخر التي تأتي بأعداد كبيرة لترسو هناك. أضف إلى ذلك كل ما تسببه قوارب الصيد الصغير، قوارب الصيد الساحلي واعالي البحار... الخ.
وزارة الصيد البحري مسؤولة عن هذا التدهور البيئي والأحيائي بشكل كبير لأنها لا تسهر على تطبيق القانون، كما أنهل لا تعير اهتماما بوضع لائحة للأسماك الايلة للانقراض في المنطقة. فنحن هنا لم نسمع البتة بأن الوزارة قامت بأي نشاط تحسيسي بهذا الصدد. فمثلا منا نجد في ما مضى السلحفاة التي تزن 40 أو 50 كيلو تسبح هنا بكل حرية، والآن انقرضت مع العلم أن العديد من البحارة المغاربة يمارسون الصيد العشوائي بخليج الداخلة وخصوصا صيد سمك "الصول" الذي يعيش هنا بكثرة نظرا لأنه يحب العيش والتوالد بمنطقة بحرية مرملة. هذا بحد ذاته استنزاف مدمر.
سؤال: ماذا عن الصيد التقليدي؟
جواب: كما ذكرت سالفا، فان المنطقة تعرف تواجد أكثر من 3080 زورق صيد صغير (لفلوكة)، يمتلك الصحراويون 200 زورقا منها. أما بنسبة لقرى الصيد فهي موجودة بكثرة ومنتشرة على الساحل الصحراوي، فنجد هناك مثلا: قرية 111، قرية لكراع، قرية أعرايش، قرية تشيكا، قرية لاساركا، قرية العين البيضة، قرية دكمار (أمهيريز)...الخ
فقرية أعرايش مثلا تتوفر على 1000 فلوكة، وقرية لاساركا أكثر من 1000 فلوكة. هاتين القريتين من أكبر قرى الصيادين في منطقة الداخلة. كل زورق (فلوكة) يشغل 4 أشخاص: الرايس، الطباخ، وبحارين اثنين. وبالتالي ف: 3080 زورق صيد صغير بهاته القرى يشغل ويأوي لأكثر من 12000 شخص، جلهم من المغاربة، هذا بالإضافة إلى سكان هاته القرى من باعة وعائلات...الخ
الجدير بالذكر أن العديد من ساكنة هذه القرى هم بدون أوراق ثبوتية أو مجرمين مطلوبين للعدالة، أو فارين أو منبوذين من المجتمع، الشيء الذي يعد قنبلة موقوتة على التراب الصحراوي. هذا بالإضافة إلى أن هذه القرى صارت مرتعا لباعة المخدرات والدعارة.
ناهيك عن التلوث الذي يصيب هذه القرى الواقعة على سواحل الصحراء، وكل ذلك تحت أسماع وأنظار السلطات هناك والتي لا تحرك ساكنا، اللهم إلا إذا كانت متواطئة مع اللوبيات لتحمي تجارة الحشيش والتهريب والتستر على مختلف الجرائم.
سؤال:هل هناك أقطاب صحراوية في مجال الصيد البحري بمنطقة الداخلة؟
جواب: نعم، نجد أن الجماني صار من أباطرة مالكي السفن في أعالي البحار مؤخرا. يمتلك أكثر من 54 سفينة. كل سفينة تشترى ب:3 أو 4 مليارات سنتيم للسفينة الواحدة.
سؤال:أين تصطاد السفن الكبيرة؟
جواب: تصطاد من خط العرض 20 بلكويرة إلى خط العرض 26 جنوب بوجدور لأن هذه المنطقة البحرية الممتدة بين هذين الخطين هي الأغنى من ناحية الأخطبوط و الأسماك الغالية الثمن ، مداخيل هاته السفن لانراها و لانعرف قيمتها لأنهم يتجهون مباشرة نحو أكادير لإفراغ حمولتهم من الأسماك الصحراوية. عندما تكون هناك وفرة للمنتوج، فإنهم يستقدمون شاحنات إلى العيون و الداخلةلإفراغ حمولتهم بسرعة و الرجوع إلى المصيد لمزيد من الإستنزاف بأسرع وقت. عند إفراغ الحمولة، تكون الحراسة مشددة، ولا يسمحون لأحد بالنظر أو الوقوف هناك. ونجد أن معظم هذه السفن تابعة لشركات متعددة الجنسية، فمثلا نجد هناك شركة مغربية-إماراتية، شركة مغربية-تركية، و شركة مغربية-صينية.
سؤال: من هو أكبر ممول للبواخر هناك، وخصوصا للسفن الروسية؟
جواب: أكبر ممول هو المدعو فتح الله، الذي يمتلك شركة(ماونا) و التي تمتلك فرعا لها في الداخلة، في حين أن الشركة الأم توجد بالدار البيضاء. وهو الذي يجلب البحارة للسفن الأجنبية. معظم هؤلاء البحارة يأتى بهم من منطقة أكادير والصويرة و أسفي. هؤلاء البحارة يدفعون إتاوات للاشتغال على متن البواخر الأٍجنبية. هذه الشركة تتعامل بنوع من العنصرية حيث يتم إقصاء الصحراويين البحارة من العمل على متن السفن الأجنبية. أفقر بحار في العالم يتقاضى حوالي 1000 دولار شهريا (في الفيليبين)، في حين أن هذه الشركة تدفع فقط 350 أورو للبحارة في ظل ظروف عمل قاسية قد تمتد لمدة 6 أشهر في أعالي البحار. هذه الشركة تمول حاليا أكثر من 10 سفن صيد روسية. بعض هذه السفن لا تحترم القانون الدولي ولا تحافظ على البيئة إنها سفن مدمرة، وبعضها لا تتوفر حتى على أوراق ورخص للشغل و الصيد. بعض شباكها تصل إلى طول كيلومتر، و يتوفرون على أجهزة متطورة للصيد إنهم قساة جدا ويدمرون الشعب المرجانية و يساهمون في انقراض بعض الأسماك. هناك صور كثيرة تبين كل هذه الأمور. فمن بين ضحاياهم: السلحفاة و الفقمة.
سؤال:ماذا عن زراعة المحار بمنطقة خليج الداخلة؟
جواب: حسب بعض المصادر الموثوقة، فإن سعر بذور المحار يصل إلى 20 مليون سنتيم للكيلو الواحد. كل هذه البذور تستورد من فرنسا أو حتى بريطانيا.
كل إثنين كيلو تنتج 40 طنا من المحار الجيد سنويا. زراعة هذه البذور تتم في الخليج الذي يعد محمية طبيعية، ويمنع أي نشاط اقتصادي هناك. كما أن أصحاب هذا النشاط الاقتصادي بنوا بعض السلالم الاسمنتية و البنايات، وهو الأمر الذي يمنعه القانون في أية محمية، لأن ذلك مضر بالبيئة. زد على ذلك أنهم يستعملون شباكا جديدة للمحارة في مياه الواد، الشيء الذي يجعل الصدأ ينتشر في تلك المياه، كل هذا يؤثر على الأسماك و على البيئة هناك. حقول المحار هاته صارت تحرم بعض أنواع السمك من العيش هناك، و بالتالي نشهد هجرات جماعية لبعض أنواع الأسماك و تنتشر هاته الحقول على جانب ضفتي خليج الداخلة. معظم أصحابها من المغاربة، يتجاوز عددها أكثر من 5.
هناك البعض يتحدث عن ارتفاع هذا العدد إلى أكثر من ذلك مستقبلا.
سؤال: ما هي الأخطار الأخرى التي تهدد خليج الداخلة؟
جواب: هناك الصيد الجائر الممارس من طرف الصيادين المغاربة بمدينة الداخلة والذين يصيدوا بالداخلة مستعملين شباكا محرمة دوليا، والتي قد يزيد مجموعها 4000 أو 5000 متر. هاته الشباك لا تسمح بمرور أي سمكة أو كائن بحري . وهناك منتجع "داخلة اتيتيد" « DAKHLA Attitude » والذي يقع على الجهة الشرقية من خليج الداخلة. يمتلك صاحب المنتجع بعض الزودياكات التي يستعملها لصيد سمك الكوربين المتواجد قبالته في الخليج: مصيد Centro 1 و Centro 2.
انه يصيد الأسماك هناك بصفة غير قانونية، ويبيع بعضها للأجانب، في حين يستعمل الباقي من أجل تمويل مطعمه بالمنتجع. انه يصطاد هناك على الأقل 100 كيلو يوميا على مدار السنة لمدة أكثر من 10 سنوات الآن. انه لا يدفع ضرائب على ذلك ويستنزف الخيرات بدون حسيب ولا رقيب. كل هذه الأنشطة الاقتصادية لا تنعكس على المنطقة وساكنتها الأصلية، ولا يستفيد منها الصحراويون، لأن هؤلاء المستثمرون يحميهم بعض النافذين في الدولة وبعض الجنرالات.
سؤال: ماذا عن لانكوسطا؟
جواب: هناك مصائد متعددة معروفة بتواجد وتوالد لانكوسطا فيها، حيث يمكن أن نجدها قرب قرى الصيد: تشيكا والعين البيضة، والتي تسمح لقوارب الصيد الصغيرة (لفلوكة) بصيدها. إلا أن هذه القوارب تستعمل شباكا محرمة دوليا. كما أن تهريب لانكوسطا أمر شائع جدا هناك. ومن المؤسف أنه يتم اصطياد بعض منها والذي يتجاوز وزنها ربع كيلو مثلا. وهو الأمر غير قانوني. بعد اصطيادها، يتم شحنها و (تهريبها) إلى مدينة أكادير حيث تباع هناك إلى المطاعم السياحية، وأحيانا بمراكش والدار البيضاء حيث الطلب متزايد عليها هناك. الكيلو الواحد منها يصل إلى 60 درهما بالنسبة للصغيرة منها، أما بالنسبة للكبيرة، فثمنها يصل إلى 120 درهما للكيلو.
وموسم اصطيادها يبتدئ من شهر فبراير إلى غاية أكتوبر. ويعتبر اللوبي "البطاح" أهم لوبي يتوفر على رخصة اصطياد لانكوسطا والكصيبة بمنطقة الداخلة.
انتهى
ولكن للحديث بقية.
عن جمعية مراقبة الثروات الطبيعية وحماية البيئة بالصحراء الغربية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *