-->

حزب الله واحتمالات الحرب مع العدو الإسرائيلي


في ظل الأوضاع السياسية والأمنية والتوترات الصعبة التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط والتي بدأت تثير المخاوف والشكوك الإسرائيلية من احتمال قيام حزب الله اللبناني باستغلالها من اجل تطوير منظومته الدفاعية وتخزين أسلحة متطورة عالية الدقة,وهذا ما أشارت إليه صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية التي أفردت في احد أعدادها في شهر افريل مقالا ذكرت فيه بان الاستخبارات الصهيونية أكدت وفي حديثها لصحيفة بليد الألمانية أن حزب الله حصل علي أسلحة دفاع جوي متطورة,أعطاها الجيش الروسي للجيش السوري,وقد نقلت تايمز أوف إسرائيل عن الخبير والباحث الصهيوني ناداف بولاك الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى,والمتخصص في شؤون حزب الله فان الحزب أصبح يمتلك صواريخ من نوع باك أس أي 17,وبالتالي فان دخول هذه الصواريخ ضمن ترسانة الحزب العسكرية سيغير كثيرا من قواعد اللعبة بالنسبة لإسرائيل فهذا النوع من صواريخ ياك والذي تتفرع عن المنظومة التي أسقطت الطائرة المدنية في الشرق أوكرانيا سنة2014,وبإمكان صواريخ يا ك أس 17ان تستهدف الطائرات من علو مرتفع أو منخفض,وهو من الصواريخ المحمولة وبالتالي فمن الصعب إيجاده أو تدميره,وإسرائيل دمرت العديد من المنظومات المضادة للطائرات خلال نقلها إلي حزب الله,والكثير من المحللين يعتقدون أن صواريخ يا ك أس أي 17,يسلط الضوء علي النظرة الجدية لسلاح الجو الإسرائيلي لهذا السلاح غير التقليدي لدي عدو إسرائيل الأول في المنطقة ,وليس هذا الشيء الوحيد الذي يخيف الصهاينة فقد نشرت الصحافة الإسرائيلية وعلي رأسها صحيفة معاريف نقلا عن مسئولين في جهاز الموساد الإسرائيلي بان الحزب بالتعاون مع الجيش السوري يبني قاعدة في منطقة القصير الحدودية لتنصيب صواريخ بالستية متعددة المهام وقادرة علي اختراق التحصينات العسكرية لإسرائيل.
وهذا ما تتخوف منه القيادة الإسرائيلية فقد أكد وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون بان إسرائيل متخوفة من أن يكون الحزب قد استطاع الحصول علي أسلحة بالستية تكتيكية متطورة من نوع سكود أو فاتح الإيرانية أوM600 السورية وهذا ما أكده محللون إسرائيليون في أكثر من مناسبة,ووفق الباحث في الشؤون الدفاعية جيفري وايت فان حزب الله يمتلك القدرة علي إطلاق قذائف موجهة قادرة علي ضرب العمق الصهيوني في الوسط والجنوب علي حد سواء,بما في ذلك مراكز قيادات ومجالات جوية واقتصادية هامة ,فإسرائيل باتت تخشي من تعاظم قدرات الحزب العسكرية فترسانة الحزب تحتوي علي أكثر من 100صاروخ من أحجام وأوزان ومديات مختلفة وبعضها قادر علي إصابة منشات حيوية لصناعة الكيماوية الإسرائيلية وقادرة علي ضرب مصانع الامونيا التي تتمركز في شمال مناطق حيفا وان تم ضربها بالصواريخ فإنها قد تؤدي بحياة أزيد من 800الف شخص علي الأقل,وهذا ما أكد عليه السيد حسن نصر الله في خطابه في شهر مارس 2016,وهذا ما أثار هلعا ورعبا داخل المجتمع الإسرائيلي إذ طالب العديد من النواب في الكنيست الإسرائيلي وكذلك مختلف الأحزاب السياسية والمعلقين الصهاينة بضرورة أن تجد إسرائيل حلا جذريا لمصانع الامونيا وان تخرجها من المناطق السكنية ,ويري أيهود يعري محلل في الشؤون العربية لقناة العبرية الثانية نقلا عن موقع روسيا اليوم تعليقا عن خطاب سيد المقاومة السيد حسن نصر الله بان هذا يعني بان الأمين العام لحزب الله اللبناني لا يتحدث فقط عن مصانع الامونيا الموجودة لدينا بل عن إمكانية استهداف مفاعلات نووية إسرائيلية غير مفاعل ديمونة قد تكون موجودة أو غير موجودة ,وختم كلامه بالقول بان حسن نصر الله قال لنا بان إمكانية الحرب قد لا تبدو قريبة ولكنه ترك لنا تهديد ا لنفكر به , فتهديد المقاومة اللبنانية إذن جدي ومدروس,فهذه المقاومة التي اكتسبت الكثير من الخبرات الميدانية نتيجة احتكاكها مع الجيش السوري والمجموعات المقاتلة في سوريا أضف إلي ذلك أن حزب الله قد صقل كوادره وأصبح العديد من مقاتليه متمرسين في كيفية خوض الحروب والمعارك الميدانية ومن مسافة الصفر,ولا يغيب عن أذهاننا أن الحزب وهذا شيء بات مؤكدا قد حصل علي أسلحة جد متطورة مكافئة له علي جهوده المضنية والتضحيات التي قدمها هناك.
فالعلاقة الإستراتيجية بل المصيرية التي باتت تربط الحزب بسوريا تجعل أي حرب إسرائيلية ضد لبنان أمرا أكثر تعقيدا إذ أن سوريا التي عانت من دعم إسرائيل للإرهاب التكفيري وجماعات جبهة النصرة وغيرها ستجد أن الأمر مناسب لرد الصاع صاعين لهذا العدو ولا نستبعد أن تقوم القوات السورية بفتح جبهة الجولان المحتل ودعم أهلها والعناصر المقاومة فيها بكل ما تحتاج إليه من اجل تقسيم المجهود الحربي الصهيوني علي عدة جبهات وليس فقط الجبهة اللبنانية و حزب الله علي لسان حسن نصر الله في لقاءه مع قناة الميادين كان صريحا في هذا الأمر حين أكد علي أن الحزب في شراكة دائمة مع النظام السوري وكان من ألافت للأمر انه قد غير قواعد الاشتباك مع إسرائيل هذه المرة كلية إذ قال وهو يتحدث لغسان بن جدو بكل روية واتزان أن الحرب القادمة مع العدو الصهيوني لن يكون فيها خطوط حمراء وان كل المواقع العسكرية والمدنية الإسرائيلية مفتوحة أمام مرمي النيران ,فقيادة الحزب العسكرية بات لديها جهوزية تامة وما يكفي من الاستعدادات والتجهيزات والدعم اللوجستى لاكتساح منطقة الجليل واحتلالها بالكامل ,فاستخبارات الحزب وأجهزته الأمنية قد استطاعت أن تجمع معلومات مفصلة وان يكون لها لائحة كاملة بالأهداف الحيوية والعسكرية الإسرائيلية ومنها السرية والتي لا يعرفها إلا كبار القادة السياسيين والعسكريين في جيش الصهيوني,وهذا ما أصبح يطرح عدة تساؤلات عن وجود جواسيس لحزب الله وعلي مستويات رفيعة داخل العدو الإسرائيلي بل ربما شبكة منسقة ومنظمة أمنية وربما عسكرية تعمل لصالحه وتزوده بهذه المعلومات الحساسة والتي تعتبر علي درجة كبيرة من الأهمية والسرية ,فالحزب له من الإمكانيات ما يتيح له القدرة على استهداف أهداف جوية أو برية إضافة ,إلى امتلاكه لمنظومة صواريخ ياخونت البحرية والتي تستطيع إصابة أهداف بحرية إسرائيلية وان تصيب منشات النفط والغاز الإسرائيلية المتواجد في البحر الأبيض المتوسط,فالحزب استطاع سنة 2006ان يعطل حوالي 95بالمئة من النشاط البحري الإسرائيلي عندما ضرب البارجة الإسرائيلية التي كانت تقصف العاصمة اللبنانية بيروت من البحر وادي ذلك إلي تدميرها بالكامل وغرقها ومقتل كل من كان علي متنها وهذا ما شكل وقتها صدمة كبري لإسرائيل والتي لم تتوقع أبدا أن يمتلك حزب الله هذا القدرات العسكرية البحرية ,فسياسة الحزب الحربية والتي تقوم في أبجدياتها الأساسية علي جعل الآخرين يتوقعون ما يمتلكه دون الإفصاح عنه إلا وقت المواجهة المباشرة ,وهذا ما بات يدركه الإسرائيليون ويعونه تماما,فرغم عدم امتلاك الحزب لسفن حربية أو زوارق مجهزة بأسلحة متطورة علي غرار الجيش الإسرائيلي وحتى علي مستوي سلاح الجو لا يمتلك الحزب طائرات أف 15او16او 35العالية التقنية التي تمتلكها إسرائيل ولكنه يمتلك في المقابل طائرات تجسس بدون طيار صنعها مهندسو الحزب وعقوله الالكترونية ,وكذلك يمتلك الحزب كما قلنا صواريخ تطال كل شبر في إسرائيل فالمنظومة الصاروخية التي تعوض النقص في سلاح الجو والتي عجزت الرادارات الإسرائيلية عن معرفة أماكن إطلاقها و فشل الموساد في معرفة أماكن تخزينها رغم الخروقات الكثيرة التي قامت بها طائرات التجسس الإسرائيلية للمجال الجوي لدولة لبنان وبالأخص في مناطقه الجنوبية المحاذية لمزارع شبعا المحتلة.
فالحزب من خلال عملية الرد علي اغتيال الشهيد سمير القنطار عندما استهدف آلية عسكرية إسرائيلية وقتل من فيها وجه رسالة قوية اللهجة إلي قادة الكيان الصهيوني بان الحزب رغم انشغاله في سوريا ولكنه لن يسكت عن اغتيال قياداته و يختار دائما الزمان والمكان المناسبين للرد علي الخروقات والتحرشات الإسرائيلية فهي بتلك العملية وغيرها تريد جر المنطقة ولبنان إلي حرب تعيد إليها كرامتها المهدورة وتغطي علي فشلها في قطاع غزة سنة 2014,وتستفيد من الأزمات والمشاكل التي تتخبط فيها لبنان حاليا ,فهذا البلد الذي تتجه الأوضاع فيه إلي الاسوء في ظل غياب رئيس للجمهورية وكذلك عجز الكتل السياسية المشكلة للدولة اللبنانية علي اختيار رئيس توافقي للبلاد,ولكن هناك من يستبعد نشوب حرب في القوت الحالي بين حزب الله وإسرائيل رغم الحرب الوهمية التي قام بها الجيش الإسرائيلي ضد الحزب واستهدفت منطقة بعلبك في نموذج محاكاة لحرب ميدانية قد تنشب بين الطرفيين.
وذلك لعدة أسباب أبرزها تعقيدات الساحة اللبنانية وكذلك انعكاسات الحرب الدارة رحاها في سوريا عليه ,وهذا ما تؤكده الباحثة في معهد الشرق الأوسط رندة سليم إذ يشكل تعدد المشاركين في هذه الحرب عائقا أمام اندلاع حرب بين حزب الله وإسرائيل ,فلا تريد إيران وروسيا اندلاع أي نوع من الحروب أو المواجهات المباشرة في الجنوب اللبناني ضد إسرائيل ألان,وتؤكد الباحثة بان إسرائيل تريد شن حرب نظيفة ضد لبنان تحديدا ولا تريد تعقيد الأوضاع عبر فتحة جبهة سورية لبنانية مشتركة لان الحرب القادمة من نوع كهذا بالتأكيد ستستدعي مشاركة أطراف عدة لتتحول من حرب محدودة في نطاق جغرافي معين إلي حرب إقليمية تزيد الأوضاع سوءا وتدفع إلي المزيد من الدمار والحروب,فصناع القرار الاستراتيجي العسكري الصهيوني ألان في حيرة كبيرة من أمرهم,فهم لا يريدون المخاطرة بحرب ضد حزب الله لا يعرفون أين ستقف هذه المرة لان الحزب لن يرضي إلا بإلحاق هزيمة ساحقة وقاصمة بإسرائيل التي تريد حربا خاطفة وسريعة تدمر فيها أهدافا عسكرية ومدنية تشكل حسب قادة الجيش الإسرائيلي العمود الفقري لكيان حزب الله ,فيما يريد الحزب جرها لحرب استنزاف طويلة مثلما فعل في حرب تحرير جنوب لبنان من 1982-2000,ولن يكتفي بذلك بل يريد أن يحدث اكبر دمار وخسائر في الأرواح والعتاد والممتلكات الإسرائيلية ,وهذا ما يدركه القادة الصهاينة ويعلمونه أكثر من أي شخص أخر في إسرائيل,ولكن إسرائيل باتت تتخوف من أنها إذا تركت قوة حزب الله تتعاظم أكثر في المنطقة دون القيام بعمل عسكري نوعي ضده ,أن يستعمل الحزب الأسلحة المتطورة التي بحوزته لدعم المقاومة الفلسطينية في غزة ,و كذلك توظيفه هذه الأسلحة سياسيا علي الساحة اللبنانية من اجل السيطرة علي القرار السياسي وفرط شروطه بالقوة في أي استحقاق سياسي قادم ,وبالتالي سيكون حلفاء أمريكا وبالتالي إسرائيل داخل بلاد الأرز في وضع صعب لا يحسدون عليه,وبما أن حزب الله حليف لإيران التي تعتبرها إسرائيل من اشد أعداءها قوة في المنطقة,فان تل أبيب لا تريد أن يكون الحزب قاعدة عسكرية إيرانية متقدمة علي الحدود معها ,ورغم كل هذه المخاوف وما يجري في المنطقة من أحداث فان حكومة نتنياهو ليست كحكومات أيهود اولمرت وايهود باراك لأنها تستعمل لغة العقل والمنطق في ملف حزب الله وتعرف بان أي حرب معه ستكون مكلفة جدا لها وبالتالي هي لن تدخل مع حزب الله في صراع عسكري تعرف نتيجته مسبقا. 
عميرة أيسر-كاتب جزائري

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *