-->

هل أصبحنا مقتنعين أن الحل هو بيد أمريكا وليس بيد الأمم المتحدة؟


في مرحلة معينة كانت القضية الفلسطينية نشطة وحاضرة في أروقة الأمم المتحدة، وكان الفلسطينيون يرجون شيئا من هذه المنظمة - في الحقيقة من مجلس الأمن- لكن كلما كانت تتم مناقشتها كان الفيتو الأمريكي يحضر بقوة دفاعا عن إسرائيل، وفي مرحلة لاحقة أصبح حتى الفرنسيون يقدمون بعض الاقتراحات التي تدعم الفلسطنيين، لكن كان الفيتو الأمريكي يخرج من بين الصفوف ليقف في وجه الفرنسيين، وفي وجه أي عمل لصالح قضية تقرير مصير الشعب الفلسطيني. بعد أربعين سنة من معالجة مجلس الأمن للقضية الفلسطينية، يبدو أن الفلسطينيين قد خاب أملهم، في النهاية، في مجلس الأمن بسبب انهم يعرفون أن فيتو الولايات المتحدة يعرقل القرارات الدولية الداعية إلى تقرير مصير الفلسطينيين، وبدؤوا يلجأون إلى طرق اخرى خارج الأمم المتحدة منها المقاومة والصمود، وخلق حياة طبيعية في اللجوء.
في القضية الصحراوية، التي تشبه إلى حد التطابق القضية الفلسطينية، يبدو أننا نسير في الأمم المتحدة، خاصة في مجلس الأمن، على خطى تلك القضية من حيث التعقيد دون علم منا. فخلال هذه السنوات الاربعين الماضية ظلت فرنسا تُجهض أي مشروع قرار يسمح بحل القضية الصحراوية طبقا للقانون الدولي، وهو الأمر الذي يمكن يجعلنا نصل، في النهاية، إلى ذات النتيجة التي توصل إليها الفلسطينيون من قبل، وهي أن لا حل لقضيتهم في إطار مجلس الأمن بسبب الفيتو الأمريكي.
لكن أين يكمن الأختلاف؟ الاختلاف يكمن في الفيتو. فإذا كان الفيتو الأمريكي ظل يعرقل على مدى عقود حل القضية الفلسطينية في مجلس الأمن على عكس الإرادة الفرنسية، فإن الذين يحدث في قضيتنا نحن هو أن الفيتو الفرنسي هو الذي يعرقل حل قضيتنا، ويعرقل اية مساعي تقوم بها حتى الولايات المتحدة لصالحنا.
فمنذ تغيير الولايات المتحدة لسياستها مثلما نتوقع في قضيتنا- أصبحت تلين شيئا ما على الاقل منذ سنة 2013م- واجهتها الإرادة الفرنسية والفيتو القوي الذي يتم رفعه كلما حدث تقدم في مجلس الأمن لصالح الشعب الصحراوي.
وإذا تركنا وراء ظهرنا الحماس الذي كانت تبعثه فينا شرعية قضيتنا في الأمم المتحدة، وتأكد لنا أن "الغزيل أصبح صوفا" وتأكدنا أن الحل- على الأقل في الوقت الراهن- لن يأتي من مجلس الأمن بسبب الفيتو الفرنسي، فإن هذا يمكن ان يجعلنا أن نكون واقعيين، وننظر إلى القوة التي يمكن أن يأتي الحل عن طريقها، أو نفعل ما فعل الفلسطينيون. هذه القوة التي تستطيع أن تفرض على المغرب حل قضية الصحراء الغربية –هذا بديهي ويعرفه الجميع- هي الولايات المتحدة. لكن لا يجب ان يغيب عن بالنا ان هذا الحل يمكن فرضه من داخل مجلس الأمن. فهذا الأخير – مجلس الأمن- يبني سياسته في الأمم المتحدة على تفاهمات داخلية كيمائية معقدة، وكلما رأى عضو منه عضوا آخرا يرفع الفيتو ضد قضية ما يتقاعس ويشتري ثمن معارضته وينحسب.
في حالة التأكد التام أن مجلس الأمن لا يستطيع فرض أي حل شرعي على المغرب بسبب الفيتو الفرنسي، والتأكد ان الولايات المتحدة لا تستطيع ان تفرض حلا من داخل مجلس الأمن، فإن هذا يجعلنا نفهم مسألتين شبه متلازمتين: الأولى، أن الولايات المتحدة هي القوة الوحيدة في العالم التي تستطيع أن تحل قضية الصحراء، لكن تحلها خارج مجلس الأمن وخارج أدوات الأمم المتحدة لتجنب الفيتو الفرنسي، واللجوء إلى وسائل ضغط لا يفهمها إلا المغرب وحده. المسالة الثانية هي أن الولايات المتحدة، منذ سنة 2013م على الأقل، قد بدأت ترسل إشارات للصحراويين- في الحقيقة للجزائريين- وهي أنها تريد أن تغيير سياستها التي كانت تنتهجها في قضية الصحراء الغربية وهي الوحيدة التي تستطيع حلها من خارج مجلس الأمن. ففي سنة 2013م قدمت الولايات المتحدة مشروع قرار إلى مجلس الأمن توصي فيه أن تراقب المينورصو وضع حقوق الإنسان، لكن تم إفشاله بالفيتو الفرنسي وتم سحبه طبقا لقاعدة التفاهمات الداخلية بين أعضاء مجلس الأمن. يوم 18 أكتوبر 2016م قدمت الولايات المتحدة أقتراحا إلى مجلس الأمن بأن يتم إرسال بعثة من مجلس الأمن إلى الصحراء الغربية المحتلة والمحررة والمخيمات لتقف على تفاصيل الوضع. فمشروع القرار سنة 2013م، ومقترح يوم 18 اكتوبر هما فقط إشارات بعثتهما الولايات المتحدة إلى الصحراويين – والجزائر- تقول لهم ان الحل بيدها، وأنه على كعس إشاراتها هي، سيكون من خارج مجلس الأمن والمغرب يفهم هذا. إذن، الولايات المتحدة تقول بلغة مستترة أنها تستطيع حل القضية لكن تريد مقابل، وهذا المقابل لا تريده من الصحراويين لكن من الجزائر حتى تربح موقع قدم في منطقة المغرب العربي وتزاحم فرنسا. لكن هذا الذي تطلب الولايات المتحدة من الجزائر حتى تحل القضية الصحراوية طبقا للشرعية الدولية يتنافى ومبادئ واستراتيجية الجزائر. الجزائر، أيضا، - وهذا حقها المشروع- تبني استراتيجيتها على أنها ستصبح قوة وازنة في المنطقة مثل إيران، ولا تريد أن تعطي مؤطأ قدم لاية دولة خارجية – لا فرنسا ولا الولايات المتحدة- في المنطقة، وترى أن الحل سيأتي يوما ما دون إعطاء مقابل لأحد.
السيد حمدي يحظيه

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *