مكانة 31 اكتوبر في تاريخ غزو الصحراء الغربية.
الاتفاقية الثلاثية المبرمة بين اسبانيا و المغرب و موريتانيا، لتقسيم الصحراء الغربية هي الحجة القانونية التي يعتمد عليها المغرب لتبرير تواجده في الصحراء الغربية. تمت تلك الاتفاقية في تاريخ 14 نوفمبر 1975. لم نتطرق الآن لعدم شرعية تلك الاتفاقية.
الاعلان عن المسيرة السوداء و تنظيمها و وصول افرادها الى القرب من الحدود الصحراوية كان مفاده رضوخ اسبانيا للقبول بفكرة التقسيم و التوقيع الفعلي للإتفاقية تلك. بالرغم أن الاعلان عن المسيرة تم في عشية يوم 16 اكتوبر، يعني عشية نفس اليوم الذي تم فيه الاعلان عن رأي محمكة العدل الدولية، لم تصل تلك المسيرة للقرب من الحدود الصحراوية حتى يوم 6 نوفمبر.
الرواية الأكثر تداول حول المسيرة "السوداء" تُشير أن تنظيم المسيرة من طرف المغرب كان مفاده الضغط على إسبانيا كي تُسلم أرض الصحراء الغربية للمغرب بعد فشله الذريع امام محمكة العدل الدولية.
من جهة أخرى، من منتصف شهر اكتوبر الى غاية الاسبوع الاول من نوفمبر، جميع الرسائل التي بعثها المندوب الدائم الاسباني الى مجلس الأمن الدولي تُثبت، تلك الرسائل، الموقف الرسمي للملكة الاسبانية في تلك اللحظة. حقيقة، كانت تلك الرسائل شديدة اللهجة و الى حد كبير مُتشابهة مع مطالب البوليساريو، كونها تتحدث عن تمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير، كذلك تُطالب مجلس الأمن بالتصدي للمناورة المغربية، الخ...
إن لم تكُن تلك الرسائل كافية لتوضيح الموقف الرسمي الاسباني، هناك حدث آخر يُثبت ذلك الموقف و هو زيارة العاهل الاسباني الى الصحراء الغربية يوم 2 نوفمبر ليلقي خطاب أكد فيه عزم اسبانيا الدفاع عن الصحراء الغربية و حمايتها.
في الخلاصة، يبدوا أن الرسالة الرسمية تحكي ان استيلاء المغرب على الصحراء الغربية تم بفضل المسيرة السوداء و الاتفاقية الثلاثية.
لا وجود لتاريخ 31 اكتوبر في الرواية الرسمية الأكثر انتشار في العالم.
و لكن نحن، أصحاب القضية، ليس لدينا رواية، بل حقيقة بقت منقوشة بالحديد الساخن و الرصاص الحي في ذاكرتنا الفردية و الجماعية.
دخول الغزو المغربي في أرض الصحراء الغربية يوم 31 اكتوبر يُعري الرواية الرسمية من كل حقيقة و يُظهر النية الحقيقية للإستعمار الاسباني و تواطئه حين قام بإخلاء المناطق الشمالية الشرقية لفتح الطريق امام الغزاة المغاربة.
إن المسيرة السوداء ماهي إلا عبارة عن الضجيج الاعلامي الذي كان يُراد منه لفت الانظار عن الغزو و المجازر المرتكبة من طرف المغرب في الصحراء الغربية. و الدليل الواضح هو التغطية الاعلامية الكبيرة التي حظيت بها تلك المسيرة.
إذا اعتمدنا الرواية الرسمية، كيف نُفسر إذن تواجد الاف رعايا الملك الحسن الثاني في الحدود الصحراوية ستة أيام بعد ما اجتاح جيشه أرض الصحراء الغربية؟
حول ماذا كان يُناقش اطراف الاتفاقية الثلاثية، في مدريد، يوم 14 نوفمبر؟ كيف كانوا يتفاوضوا و هم يعلمون علم اليقين أن الصحراء الغربية تم غزوها فعلا منذ أسبوعين قبل يوم إجتماعهم؟
بقلم: حدامين مولود سعيد