-->

القرار الامريكي بتقليص ميزانية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية السياق والتداعيات


واشنطن 24 فبراير 2018 (وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة)- في عام 1985 بادر الأمين العام للأمم المتحدة بالتعاون مع منظمة الوحدة الأفريقية بإرسال بعثة للمساعي الحميدة أدت إلى "مقترحات للتسوية" والتي قُبلت في 30 آب/أغسطس 1988 من المغرب وجبهة البوليساريو. وفي 1990، اعتمد مجلس الأمن تقرير الأمين العام (S/21360) والذي تضمن النص الكامل لمقترحات التسوية وإطار خطة الأمين العام لتنفيذها. في 29 نيسان/أبريل 1991، قرر مجلس الأمن في قراره 690 (1991) أن ينشئ بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية وفقا لتقرير الأمين العام (S/22464) والذي فصّل بشكل أكبر خطة التنفيذ.
ونصت الخطة على فترة انتقالية يكون للممثل الخاص للأمين العام خلالها المسؤولية المنفردة والخالصة على كل المسائل المتعلقة بالاستفتاء والذي يختار فيه شعب الصحراء الغربية بين الاستقلال أو الاندماج مع المغرب. ويساعد الممثل الخاص في مهامه مجموعة متكاملة من أفراد الأمم المتحدة المدنيين والعسكريين وأفراد الشرطة ويعرفون باسم بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية. ويقوم المفوض السامي لشؤون اللاجئين للأمم المتحدة بتنفيذ عملية برنامج إعادة التوطين للناخبين المؤهلين من الصحراء الغربية والذين يعيشون خارج الإقليم. وكان من المقرر أن تبدأ الفترة الانتقالية بسريان وقف إطلاق النار وتنتهي بإعلان نتائج الاستفتاء.
وكان المتوخى أصلا أن العنصر المدني لبعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية سوف يتراوح حجمه بين 800 إلى 000 1 شخص على أساس متطلبات المراحل المختلفة للفترة الانتقالية. ويبلغ القوام الكامل، أي العنصر العسكري، المتألف من حوالي 700 1 فرد ووحدة الأمن حوالي 300 ضابط شرطة.
ووفق خطة التسوية فإن الاستفتاء في الصحراء الغربية كان من المقرر أن يجري في كانون الثاني/يناير1992. ولكن لم يكن ممكنا المضي قدما وفقا للجدول الزمني الأصلي.
وقف إطلاق النار
في 24 أيار/مايو 1991 اقترح الأمين العام أن يسري اتفاق وقف إطلاق النار في السادس من أيلول/سبتمبر. وقبل الطرفان هذا التاريخ. وخلال الأشهر الثلاثة التي تلت ذلك، أصبح من الواضح أنه لن يكون من الممكن استكمال عدد من المهام التي كان يجب أن تستكمل قبل وقف إطلاق النار في السادس من أيلول/سبتمبر. وأصبح من الواضح أيضا أنه بالرغم من قبول الطرفين قبل ذلك بخطة التسوية فإن اختلافات مضمونية بينهما قد ظلت قائمة. ولذلك لم يستطع أحد الطرفين أن يوافق على أن فترة الانتقال ينبغي أن تبدأ في السادس من أيلول/سبتمبر 1991.
في الوقت نفسه اندلعت عمليات القتال في الإقليم وعرقلت وقف إطلاق النار غير الرسمي والذي كان ساريا منذ أكثر من عامين. وفي ظل هذه الظروف قرر الأمين العام أن وقف إطلاق النار الرسمي يجب أن يسري في السادس من أيلول/سبتمبر كما اتفق أصلا على أساس الفهم بأن فترة الانتقال سوف تبدأ حالما تستكمل المهام الباقية. وأيد مجلس الأمن اقتراحه هذا بأنه خلال فترة التأخير ينبغي وزع مائة مراقب عسكري في الإقليم للتحقق من وقف إطلاق النار ووقف عمليات القتال في بعض المناطق. وتم زيادة عدد المراقبين العسكريين فيما بعد إلى 228 وكذلك أرسل بعض موظفي السوقيات وموظفي الدعم الإداري إلى الميدان.
واقتصرت المهمة الأساسية لبعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية في ذلك الوقت على التحقق من وقف إطلاق النار ووقف عمليات القتال. وأنشئ مقر البعثة في العيون وكان مقرها الإقليمي في القطاعين الشمالي والجنوبي للإقليم. وأنشئ مكتب اتصال أيضا في تندوف لمواصلة الاتصال مع السلطات الجزائرية وجبهة البوليساريو.
الخلافات ما زالت قائمة
منذ وزع بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية في أيلول/سبتمبر 1991 استمر وقف إطلاق النار بوجه عام. ولكن الفترة الانتقالية لم تبدأ في ضوء اختلاف آراء الطرفين بشأن بعض العناصر السياسية في الخطة وبالذات فيما يخص معايير التأهل للتصويت. وبالرغم من هذه الصعوبات، أعلن الطرفان مرارا التزامهما بتنفيذ الخطة ونفذت بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية مهامها طالما سمحت الظروف. ومن جانبه، فإن الأمين العام وممثله الخاص قد واصلا جهودهما لإيجاد حلول وسط مقبولة للطرفين. وتطلبت هذه العملية عددا من التنقيحات للخطة والجدول الزمني.
وأنشئت لجنة تحقيق الهوية التابعة لبعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية في أيار/مايو 1993. وفي آب/أغسطس 1994 بعد استكمال العمل الأساسي الضروري بما في ذلك تأمين تعاون الطرفين بدأت بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية عملية تحديد هوية الناخبين المحتملين. ولكن الصعوبات الإجرائية والعملياتية لم تسمح إلا بتقدم بطيء، ولم تنجح كذلك جهود حل الخلافات بين الطرفين. وفي أيار/مايو 1996 علق الأمين العام عمل عملية التحقق وتم سحب معظم الموظفين المدنيين التابعين لبعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية بما في ذلك عنصر الشرطة المدنية والتي وفرت الأمن والمساعدة للجنة التحقق من الهوية. وبقي العنصر العسكري للمراقبة والتحقق من وقف إطلاق النار كما فعل طوال فترة انتشاره.
وفي بداية عام 1997 كثف الأمين العام النظر في الموضوعات الأساسية المثيرة للجدل بما في ذلك في سلسلة من المحادثات بين الطرفين أجريت تحت إشراف الممثل الخاص للأمين العام. وبحلول أيلول/سبتمبر وباستكمال ناجح لآخر جولة، بلغ الأمين العام بأن الاتفاقات التي تم التوصل إليها خلال المحادثات قد سرت.
وفي كانون الأول/ديسمبر 1997 أعاد الأمين العام إطلاق عملية التحقق من الهوية. وبالرغم من عدد من الصعوبات فإن تحديد هوية كل المتقدمين من القبائل باستثناء ثلاثة مجموعات تم التنازع حولها، اقتربت من نهايتها في السادس من أيلول/سبتمبر 1998. ولكن الطرفين ظلا غير قادرين على الوصول إلى توافق في الرأي حول كيفية التعامل مع المتقدمين من المجموعات الثلاث.
وفي محاولة لدفع العملية إلى الأمام قدم الأمين العام في تشرين الأول/أكتوبر 1998 مجموعة من التدابير للطرفين وتضمنت بروتوكولا للتحقق من هوية أولئك الذين ظلوا متقدمين من المجموعات القبلية الثلاث وبروتوكولا حول عملية الطعون. وقبلت جبهة البوليساريو مجموعة التدابير في الشهر التالي، وبعد طلب استيضاح قبلت الحكومة المغربية من ناحية المبدأ ذلك في آذار/مارس 1999.
ومن ثم استؤنفت عمليات التحقق من هوية الأفراد الباقين من المجموعات القبلية الثلاث في 15 حزيران/يونيه 1999. أما الأفراد الذين تم تحديد هويتهم في 1994 و 1995 ومن كانون الأول/ديسمبر 1997 إلى أيلول/سبتمبر 1998 فإن عملية الطعون قد بدأت في الخامس عشر من تموز/يوليه عندما نُشر الجزء الأول من القائمة الأولية. وتضمنت هذه القائمة 251 84 اسم للمتقدمين الذين وجدوا مؤهلين للتصويت من 249 147 تم التحقق من هويتهم. وخلال فترة الطعون التي استمرت ستة أسابيع لمجموعتي 1994-1995 و 1997-1998، تلقت لجنة التحقق من الهوية 000 79 طعن. واستكمل تحديد هوية المتقدمين من المجموعات القبلية الثلاث في نهاية كانون الأول/ديسمبر 1999. ومن 220 51 فردا تقدموا وجد 130 2 غير مؤهلين للتصويت. وبدأت عملية الطعون بالنسبة للأفراد في الجزء الثاني من القائمة الأولية في 15 كانون الثاني/يناير لفترة ستة أسابيع.
وعلى الرغم من أن عملية التعريف قد اكتملت، فقد استمر الطرفان في الاحتفاظ بوجهات نظر متباينة بشأن عملية الالتماسات، وإعادة اللاجئين، وغيرها من الجوانب الحيوية في الخطة. ومنذ ذلك الحين، واصل الأمين العام، من خلال ممثله الخاص ولاحقاً مبعوثه الشخصي، مشاوراته مع الطرفين لتوفيق هذه الآراء، واستكشاف طرق ووسائل للوصول إلى حل مبكر ودائم ومتفق عليه لخلافهما على الصحراء الغربية
تجدد الحوار وقيام بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية بحفظ السلام
شهد الموقف السياسي في الصحراء الغربية بعض التطورات الإيجابية في السنوات الأخيرة. فتحت رعاية المبعوث الشخصي للأمين العام للصحراء الغربية، اجتمع ممثلو الطرفين إلى جانب ممثلين من البلدين المجاورين، موريتانيا والجزائر، في جولتي محادثات برعاية الأمم المتحدة في ضواحي نيويورك خلال يونيو/حزيران وأغسطس/آب 2007.
وعلى الرغم من استمرار التباين في وجهات النظر، فإن تجدد الحوار كان بمثابة أول مفاوضات مباشرة تجرى بين الطرفين بشأن الصراع خلال أكثر من سبع سنوات. وقد عقدت جولة ثالثة في يناير/كانون الثاني 2008، واتفق الطرفان على إجراء مزيد من الاجتماعات غير الرسمية في أغسطس/آب 2009 وفبراير/شباط 2010. ومع ذلك، فلم يثمر أي من الاجتماعات عن أي تقدم في القضايا الأساسية الجوهرية.
وطوال هذه الفترة، استمرت بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية في تنفيذ تفويضها بمراقبة وقف إطلاق النار ودعم عدد من برامج المساعدات للتعامل مع محنة العائلات الصحراوية المشردة والمفصولة. ومع استمرار المباحثات للتوصل إلى تسوية سياسة مقبولة من الطرفين للصراع المستمر منذ 32 عاماً، تواصل بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية في مساعدة كلا الطرفين في الالتزام بوقف إطلاق النار عبر شريط الحماية (يعرف أيضاً بـ "المصد")، والذي يمتد على طول المنطقة المتنازع عليها ويفصل الجزء المدار بواسطة المغرب (الغرب) عن المنطقة الخاضعة لسيطرة جبهة البوليساريو (الشرق).
وفي قرار يرتقب أن يثير الكثير من الجدل، قرّر دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، تخفيض مساهمات بلاده في بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية "المينورسو"، الموجودة بمدينة العيون المحتلة والأراضي الصحراوية المحررة والمشرفة ايضا على وقف إطلاق النار بين المغرب وجبهة البوليساريو، إلى النصف دفعة واحدة.
وكشفت وثيقة مشروع الميزانية العامة لعام 2019، التي أعلنتها وزارة الخارجية الأمريكية والتي تشمل مجموعة نفقات داخل البلاد وخارجها، أن ترامب قرر تقليص مساهمات الولايات المتحدة المالية في بعثات الأمم المتحدة في مختلف مناطق العالم.
وتسعى "ميزانية ترامب" للسنة المالية المقبلة إلى تخفيض المساهمات الأمريكية أو إلغائها بشكل نهائي في حوالي 15 بلداً، ومن ضمنها بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية التي يوجد مقرها في الصحراء الغربية، حيث اقترح تقليصها بنسبة 54 في المائة، من 18.4 مليون دولار إلى 8.4 ملايين دولار؛ وهو القرار المرتقب أن يثير الكثير من الجدل، بعد مصادقة الكونغرس عليه شهر مارس المقبل.
وأشارت الوثيقة، حسب موقع "المونيتور" الأمريكي، إلى أن القرار من شأنه أن يقلص عدد الموظفين المدنيين في بعثة المينورسو؛ ولكنها أكدت أن "البعثة الأممية ستواصل الإشراف على عملية وقف إطلاق النار في الصحراء الغربية، وتساعد بذلك في التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم مقبول من قبل الطرفين، ومن شأنه أن يوفر حق تقرير المصير للشعب الصحراوي، حسب تعبير المصدر ذاته.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *