-->

أحداث جرادة : الحراك الشعبي يأخذ منحى خطيرا ونشطاء يحذرون من الانفلات


جرادة (المغرب ) - بدأ الحراك الشعبي في مدينة جرادة المغربية يأخذ, يوم الخميس, منحى خطيرا بعدما عادت أجواء التوتر لتخيم من جديد على المنطقة, في ظل استعمال قوات الامن المغربية للعنف المفرط, ما خلف عدة اصابات من الجانبين و اعتقالات في صفوف المحتجين, بينما تعالت أصوات ناشطين و حقوقيين منددة بما اسمته ب"قمع الحراك الاجتماعي", مؤكدة "مشروعية" الحركات الاحتجاجية المطالبة ب"الكرامة و العدالة الاجتماعية".
ويخوض أهالي جرادة إضرابا عاما اليوم , وحسب نشطاء, فان الاضراب "ناجح وشل المدينة بأكملها", لتبقى المنطقة برمتها تعيش حالة من الترقب والانتظار.
وجاءت دعوة نشطاء "حراك جرادة" الى الاضراب ردا على تدخل قوى الأمن في حق المتظاهرين والمعتصمين بالساندريات (أبار الفحم) مساء أمس حيث امتدت المواجهات إلى أوقات متأخرة من الليل. وحسب معطيات حقوقية ونقابية من المدينة المنجمية, فان المواجهات اسفرت عن حوالي 200 جريح.
وتحدثت مصادر صحيفة مغربية الكترونية "أنوال بريس" عن اعتقالات تتراوح ما بين 9 و12 معتقل, حيث ما زالت الهيئات الحقوقية برفقة الدفاع تقوم بتقييم عدد المعتقلين وحجم الخسائر الأخرى.
وحسب تقارير تحدثت عن اعتماد قوات الامن المغربية أسلوب الدهس, فما زال الغموض يكتنف حالة ضحية هذه العملية القمعية التي نفذتها إحدى سيارات القوات الامنية المساعدة, وتؤكد إفادات لناشطين حقوقيين أن الضحية المذكورة توجد حاليا في مستشفى ب(وجدة) و في حالة خطيرة جدا".
و يأتي هذا التصعيد أيضا, عشية اعتقال السلطات المغربية ثلاثة شبان من قيادات الحراك الشعبي حيث طالبت الاحتجاجات بإطلاق سراحهم.
فبعد أقل من 24 ساعة من اصدار وزارة الداخلية المغربية بلاغا يلوح بالخيار الامني لفض الاحتجاجات شهدت "جرادة " امس, يوما "طاحنا" للمواجهات بين المحتجين وقوات الأمن , وأصدرت عمالة إقليم "جرادة" حصيلتها للمواجهات, وقالت إنه تم تسجيل إصابات في صفوف القوات العمومية, بعضها بليغة, وذلك خلال تدخلها بالقوة, من أجل فض اعتصام شعبي.
وذكر بلاغ للعمالة في هذا الشأن, أنه "وعلى الرغم من القرار الصادر بتاريخ 13 مارس 2018 عن السلطات المحلية لإقليم جرادة بشأن منع تنظيم جميع الأشكال الاحتجاجية غير المرخصة, حاولت مجموعات من الأشخاص, في تحد لقرار المنع هذا, تنظيم اعتصام بمحيط الآبار المهجورة على مقربة من ثانوية الفتح, اضطرت خلاله مجموعات من السكان الرد على استفزاز قوات القمع التي فضلت التصعيد.
وأضاف البلاغ أن أحداث العنف هاته "خلفت تسجيل بعض الإصابات في صفوف القوات الأمنية, بعضها بليغة, نقلوا على إثرها للمركز الاستشفائي الجامعي بوجدة".
و قام المتظاهرون حسب ذات المصدر ب"إحراق 5 سيارات تابعة لقوات القمع وإلحاق أضرار مادية جسيمة بمجموعة من العربات والمعدات المستخدمة من قبل هذه القوات. وجرى توقيف 9 أشخاص على خلفية هذه الأحداث, و سيتم تقديمهم أمام العدالة".
و اظهرت مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات للاحداث التي جرت امس في المدينة, صورا تظهر تدخل قوات الامن العنيف لفض الاعتصام الذي جري داخل المدينة المنجمية باستعمال عربات لدهس المعتصمين.
و حمل نشطاء, عبر موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك, المسؤولية على "ما ستؤول اليه الاوضاع في حالة وقوع كارثة انسانية, الى كل المسؤولين المتدخلين في موضوع الحراك في جرادة, هؤلاء المسؤولين الذين اعتمدوا المقاربة الامنية و سياسة التضليل الاعلامي, بدلا من ايجاد حلول واقعية مقبولة".
== نشطاء الحراك .. اضراب كان ناجحا ==
وفي هذا السياق, قال محمد القاسمي-أحد النشطاء- في مدينة "جرادة"لـ"الشرق الأوسط", إن الإضراب العام كان "ناجحاً واستجاب له معظم أصحاب المحال التجارية", مشيراً إلى أن"إغلاق بعض التجار محالهم كان بالأساس بدافع الخوف من انفلات الأمور وتدهور الأوضاع بسبب تجدد الاحتجاجات".
أما بخصوص المسيرة التي كان مقرراً لها التوجه نحو الرباط, فاوضح القاسمي إنها "وصلت إلى حدود مدينة العيون الشرقية, ثم عاد المشاركون فيها إلى جرادة", لافتا الى أنه حدث تغيّر في مجريات الأحداث في جرادة بعد تغيّر الوجوه التي قادت الحراك في البداية, والتي كانت قد عقدت لقاءات مع المسؤولين بعد زيارة وفد حكومي للمنطقة, وإطلاق مشروعات اقتصادية تلبية لمطالب السكان"
و تابع القاسمي أن نشطاء الحراك "قرروا بعد تلك الزيارة إنشاء لجنة تتابع تنفيذ تلك المشروعات بموازاة مواصلة برنامج الاحتجاج", مضيفا أنه لوحظ أن "جهات سياسية تسعى إلى تأزيم الأوضاع وشحن شباب المدينة, واتهام النشطاء الذين قادوا الحراك منذ بدايته بالخيانة والإذعان للمسؤولين, و قد نجحت في ذلك".
وعبّر الناشط المغربي عن تخوفه, من أن تتخذ الاحتجاجات في "جرادة" ,"المسار نفسه الذي اتخذته في مدينة الحسيمة, وحدوث مواجهات بين الأمن والمتظاهرين, ما أدى إلى اعتقال ومحاكمة العشرات" .
وكانت وفاة عمّال يعملون في مناجم لاستخراج الفحم الحجري, سببا مباشرا في اندلاع الاحتجاجات في "جرادة" (60 كلم) من مدينة وجدة, كبرى مدن شرق المغرب, والتي كان يوجد بها منجم فحم كبير يشغّل آلاف العمّال, إلى أن اتخذ قرار بإغلاق شركة فاحم المغرب عام 2001 من دون توفير بديل اقتصادي للمنطقة.
وساهمت هذه الخطوة في تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المدينة, في حين استمرت المعاناة الصحية للعمال الذين استمر عدد منهم في استخراج الفحم من مناجم مهجورة بطرق عشوائية, أدت إلى وفاة عدد منهم خلال السنوات الماضية.
و اندلعت اشتباكات اول امس, بعد يوم من تحذير السلطات من مغبة استمرار الاحتجاجات المتواصلة في المدينة منذ نحو أربعة أشهر.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *