-->

العنوسة شبح يزحف نحو المجتمع الصحراوي

الزواج قطار يمر بسرعة البرق ، في مجتمع صحراوي ، بدوي ، عربي ، مسلم ، محتل ، يرى في زواج البنت المبكر واجب اجتماعي تفرضه العادات والتقاليد “فالنار ما فيها انويرة و الناثي ما فيهم الصغيرة ” و واجب ديني “خير البر عاجله”و واجب من اجل التكاثر يفرضه الاحتلال وواقع الشتات ، فيضع عمر العشرين طريق لولوج علم العنوسة من اوسع أبوابها ، موسومة بالعار من تتخلف عن الركب ,توضع ضمن تصنيف عانس او بائرة,فتصبح كمنتج مهمل غير قابل للاستخدام وإن كانت تلك الصورة النمطية قد تغيرت مع الوقت وانفتاح المجتمع الصحراوي على غيره إلا أنه ظهرت متغيرات اخرى تحدد العديد من الاسباب التي تساهم في انتشار العنوسة والتي اوجدتها ظروف اللجوء الاستثنائية وبعيدا عن قاعدة الزواج قسمة ونصيب سنتطرق في هذا التحقيق لمشكلة العنوسة وعن الاسباب التي جعلتها في تزايد مستمر داخل المجتمع الصحراوي في مخيمات اللاجئين الصحراويين والتي تؤدي إلى انتشار هذه المعضلة ، وقد ظهرت بعض الدراسات التي تناولت هذا الجانب بغية تحديد أهم الاسباب التي تؤدي إلى عزوف الشباب عن الزواج والتي تجعل من العنوسة مشكلة ترمي بظلالها على مصير الشعب ، سنعتمد في هذا التحقيق على دراسة قام بها الاتحاد الوطني للمرأة الصحراوية وقد شملت الدراسة مختلف الاعمار وكذلك مختلف المستويات التعليمية وتميزت بكون العينة المستجوبة تضم 50 بالمئة فئة عازبة اضافة إلى استطلاع للرأي قمن به حيث توجهنا إلى المواطنين بسؤال حول ما هي الاسباب التي تؤدي الى العنوسة وقد اتفقت الآراء و نتائج الدراسة على الاسباب التالية :
ـ مواصله الدراسة والطموح المهني :
نتيجة تساوي حقوق الذكور و الاناث في التعليم سمح للكثير من الفتيات بمواصلة التعليم و احيانا حتى الدراسة العليا ثم بعد التخرج يبدأ الطموح في ايجاد عمل وتحقيق الاستغلال المادي والذي قد لا يوافق عليه الكثير من الرجال الراغبين في الزواج
ـ غلاء المهر وطغيان العقلية المادية :
وهنا لا نعني بغلاء المهور بما يقدم للزوجة لأنه قد لا يتعدى 1000دج وفي الكثير من الاحيان تقدم للقاضي بل نقصد ما يسمى بالمجيبة او الدبش أو الاثاث الذي يشتريه العريس فضلا عن النحيرة والتبذير في مراسيم الزواج والتي تعتبر مبالغ مكلفة بالنسبة لواقعنا كلاجئين بسبب نقص وظائف تستوعب الشباب فضلا عن تدني الاجور دون ان ننسى الضغط الذي يمارس على الزوج لبناء منزلا فخم من الطين والذي قد يعادل بناءها شراء شقة في الدول المجاورة الامر الذي قد يؤدي الى رفض العائلة للراغب في الزواج من ابنتهم لضعفه من الجانب المادي
جعل المرجعية القبلية اولوية لاختيار الزوج والزوجة :
الكثير من الفتيات يذهبن ضحية الافكار البالية التي مازال الكثير من العائلات يجعلها كشرط اساسي لقبول عرض الزواج فمن الضروري ان يكون المتقدم للزواج من نفس القبيلة و احيانا اخرى من نفس العرش وهذا لا ينطبق على الفتيات فقط بل قد يعارض الاهل زواج الابن لاختياره من خارج القبيلة , وقد يكون الرفض من الشباب انفسهم وهذا التفكير لا يقتصر على الفئة الغير متعلمة بل يمتد الى الفئة المثقفة احيانا
هضم حقوق المرأة:
إن تزايد عدد المعلقات و المطلقات بشكل كبيرو دون أن يكون هناك أي قانون يجبر الزوج بالنفقة على الأبناء ، فضلا عن مقايضة الزوجة بأولادها للحصول على الطلاق بالإضافة إلى انتشار ظاهرة استرجاع الاثاث وهدم البيت الطيني عند حدوث الطلاق جعل الكثير من الفتيات لا يرغبن في الزواج في ظل غياب قانون سوى كان ديني او وضعي محترم يحافظ على حقوق المرأة وينصفها ومن خلال استطلاع الرأي الذي قمن به تم طرح العديد من الاقتراحات من طرف المواطنين للقضاء على ظاهرة العنوسة او التقليل من انتشارها
ـ تفعيل الاجراءات المتخذة من طرف الدولة والتي تهدف الى الحد من ظاهرة التبذير والتخفيف من تكاليف الزواج وضرورة تقيد الجميع بهذه الاجراءات من اعلى الهرم إلى اسفله حتى لا تصبح القوانين تسن من أجل القاعدة الشعبية فقط .
ـ نبذ القبلية وهذا عن طريق التحسيس والتوعية وهنا يظهر دور المثقفين جليا في تخلص المجتمع من تلك النظرة التي تجعل من القبيلة اساس الاختيار .
ـ سن قانون للأحوال الشخصية بحيث ينظم المعاملات الاجتماعية كالزواج ,الطلاق ,النفقة ….الخ ويضمن حقوق المرأة و الابناء .
ـ العمل على توعية المجتمع بحق المرأة العمل في ونبذ النظرة الدونية للمرأة من انها لا تصلح إلا للبيت وتهيئة ظروف العمل المناسبة لها من نقل ودور حضانة ….الخ
ـ التوعية بتعاليم الدين الاسلامي فيما يتعلق بأحكام الزواج واستحباب تقليل المهر ونبذ البذخ و الاسراف في مراسيم الزواج بالإضافة إلى حقوق الزوجة في الطلاق والنفقة على الاولاد بعد الطلاق .
المصدر: اسبوعية الصحراء الحرة

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *