-->

التحلي بالصبر أمر رباني ولازم نضالي. _الشعب الصحراوي نموذجا_


#المقال_رقم_12

بقلم الطالب : أحمد بابا خطري
جامعة محمد لمين دباغين سطيف 2

التحلي بالصبر أمر رباني ولازم نضالي.
_الشعب الصحراوي نموذجا_

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه ثم أما بعد:

فإن الصبر عل. الأقدار التي يجريها الله سبحانه وتعالى على خلقه مطلب شرعي وحتم الاهي واجب ،وقد حث الله سبحانه وتعالى عليه وايده على لسان نبيه صلى الله عليه فأمر صلى الله عليه وسلم بالصبر وقام به أيما قيام فهو سيد الصابرين وإمامهم عليه الصلاة والسلام،

قال تعالى ((وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)البقرة 157_154

وقال سبحانه وتعالى أيضا:((فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ (18)يوسف

وقال جل في علاه في شأن الصبر مخاطبا نبيه الكريم (((34) فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تسْتَعْجِل لَّهُمْ ۚ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ ۚ بَلَاغٌ ۚ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (35)الأحقاف 34_35

وقال تعالى أمرا المؤمنين بالصبر والمجالدة (((199) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)آل عمرا

قال الواحدي رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة : ﴿ يا أيها الذين آمنوا اصبروا ﴾ أَيْ: اصبروا على دينكم فلا تَدعوه لشدِّةٍ نزلت بكم وقيل: على الجهاد ﴿ وصابروا ﴾ عدوَّكم فلا يكوننَّ أصبر منكم ﴿ ورابطوا ﴾ أَيْ: اقيموا على جهاد عدوِّكم بالحرب والحجَّة. الوجيز في تفسير كلام العزيز.

وعن النبي صلى الله عليه ،فقد أخرج البخاري رحمه الله في صحيحه قال: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ ، قَالَ : سَمِعْتُ شَقِيقًا يَقُولُ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِسْمَةً كَبَعْضِ مَا كَانَ يَقْسِمُ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ : وَاللَّهِ، إِنَّهَا لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ. قُلْتُ : أَمَّا أَنَا لَأَقُولَنَّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ فِي أَصْحَابِهِ فَسَارَرْتُهُ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ وَغَضِبَ، حَتَّى وَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَخْبَرْتُهُ، ثُمَّ قَالَ : " قَدْ أُوذِيَ مُوسَى بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَصَبَرَ ".
وقال عليه الصلاة والسلام ايضا فيما أخرج مسلم بسنده الصحيح عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّ نَاسًا مِنَ الْأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ، فَأَعْطَاهُمْ حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا عِنْدَهُ قَالَ : " مَا يَكُنْ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَصْبِرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ مِنْ عَطَاءٍ خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ ".مسلم كتاب الزكاة باب فضل الصبر والتعفف

فالصبر على كمد الحياة ولأوائها من أعظم العبادات وأجلها قدرا عند الله تعالى حتى قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه :إنا وجدنا الصبر من الدين بمنزلة الرأس من الجسد .

ويتأكد الصبر اذا كان طريقا الى تحقيق مطلب او احراز نصر .

فعلى الشعب الصحراوي المكافح المناضل، والذي يأخذ في ظروف صعبة ان يستعين بسلاح الأقوياء وأن يتزين بزينة الفضلاء من الصبر على البلاء واحتساب المشقة عند الله تبارك وتعالى ((إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَاب))الزمر 10ٍ

ويتأكد الصبر في هذه الأيام مع قرب النصر ،و انبعاث اشعة من الأنوار التي قد تأذن بزوال ليل الاستعمار ،فإن النكسات المتوالية والصفعات المتلاحقة التي تتهاطل على وجه الإستعمار الغاشم سواء داخليا أو على المستوى الخارجي كما هو معلوم خير أنيس يبعث من التفاؤل ذرات ويبني من الأحلام لبنات .

وقد ضرب الشعب الصحراوي أروع الأمثلة وأحسنها على الإطلاق في جانب الصبر والمصابرة ،فلقد أصبح المثال الصحراوي نموذجا يصلح أن تقيم عليه البشرية تجاربها و أن يؤخذ أنه مثال حي وتطبيق عملي لأركان الصبر ومظاهر المصابرة.

وإن شعبا يأخذ كفاحا على عدة جبهات داخلية وخارجية وفي ظروف أقل ما توصف بها أنها جد صعبة ،له شعب عظيم بحق …

شعب لم تقف في وجهه المتغيرات ولم تجرفه التيارات المتوالية ولم تحركه عن مبادئه وأهدافه الشعارات ولا المناورات ، شعب صامد صمود الجبال عبر الأزمان ، وما أحسن قول الشاعر الكبير محمد بن بشر حين قال:
إن الأمور إذا استدت مسالكها
فالصبر يفتح منها كـل مرتجـا
لا تيأسن وإن طالـت مطالبها
اذا استعنت بصبر أن ترى فرجا

وان الصبر على فراق الأوطان ومفارقة الخلان من أعظم مظاهر الصبر وأشدها على النفس ذلك أن هجران الأوطان فيه المذلة بعد العز والمهانة بعد الكرامة والتعب بعد الراحة والضيق بعد السعة وفي ذلك يقول زهير بن أبي سلمى :

ثلاث يعز الصبر عند حلولها *ويذهل عنها عقل كل لبيب*
خروج اضطرار من بلاد يحبها * وفرقة إخـوان وفقد حبيب*

وقد تجرع الشعب الصحراوي مرارة كل ذلك واكثر ولكن رغم ذلك لايزال الشعب الصحراوي قائما وثابتا على مبادئه و ساعيا لأهداف في ثبات وعزة نفس ، فسبحان من منحه هذا الصبر و ركبه في نفوس هذا الشعب الأبي.

ولكن مع ذلك فإن الواجب على الجميع أن يركزوا جهودهم على ما يعطي دفعا الى الأمام لقضيتنا من برامج وخطابات تقوم على التوازن بين الجانب الروحي الأخلاقي والجانب السياسي المادي …

ومن هذه الجوانب الروحية التي ينبغي أن تأخذ حيزا من اهتمامنا الجانب النفسي عند الشعب فلا يصلح أن نخاطب الناس بأسلوب فيها تشاؤم وفيه تنفير من الواقع ،بل الصواب التركيز على تثبيت النفوس وتذكيرها بأن ما هو واقع من معاناة وضيق في العيش وضنك في الأمر إنما هو أمر قدري محتوم الوقوع ،وأن الواجب التعاطي مع الوضع كما هو والتفاعل معه بإيجابية والسعي في إيجاد حلول لهذا المشكل القائم بدل من انتهاج اسلوب الهروب إلى الأمام وجلد الذات .

وفي الأخير ،فإن التذكير بالصبر والحث عليه وإرشاد الناس إليه من الأمور المهمة التي نحافظ بها على سيرورة قضيتنا الوطنية ونسهم بها في تقوية الجبهة الداخلية ،ونحقق بها أهداف التوعية ،وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث أصحابه على الصبر عند حلول البلاء فيقول : " لَا تَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا ".اخرجه البخاري في صحيحه

والحمد لله من قبل ومن بعد.

قائمة المصادر والمراجع:

القرآن الكريم .

تطبيق جامع الكتب التسع.

تفسير الواحدي.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *