-->

هل يمكن القضاء على ظاهرة التسيب في الدولة ؟؟؟



لايوجد في العالم نظام ناجح ونظام فاشل وانّما يوجد ادارة ناجحة واخرى فاشلة، والحقيقة ان الدولة الحديثة هي دولة مؤسسات او دولة الادارة لذا كان لابدّ من افراد يتمتعون بدرجة عالية من المهارة والثقافة للنهوض بمهام الدولة الحديثة التي تسعى الى تأمين رفاهية مواطنيها في جميع المجالات.
ومقارنة مستوى الدخل لدينا مع بقيّة دول العالم تُبرز ان العنصر البشري لدينا "العامل في ادارتنا" لم يستطع بعد ان يؤثّر بالاتّجاه الايجابي والفاعل بسبب عدّة عوامل أهمها اطلاقاً ظاهرة التسيب في الاجهزة الاداريّة المختلفة.
مامفهوم واشكال التسيب وماهي عوامل واسباب نموّ هذه الظاهرة وماهي الحلول لمعالجة هذه الظاهرة؟.
المتغيّرات في العالم وضرورة الادارة الجديدة
ان التقدّم العلمي والتكنولوجي السريع وكذلك الاكتشافات والاختراعات التي أعقبت الثورة الصناعيّة وكذلك الركود الاقتصادي والازمات التي تعصف بالعالم الرأسمالي المتقدّم وعجز الدولة في القرن العشرين عن تحقيق الأهداف الطموحة لخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
كل ذلك يضع على كاهل الإدارة عبء كبير يهدف إلى دفع عجلة التطور إلى الأمام وبلوغ مستوى معيشة جيد للمواطنين يؤمن حياة كريمة ولائقة لجماهير الوطن .
كل ذلك يطرح مسألة إعادة النظر بكيفية عمل الأجهزة الإدارية المختلفة تستطيع أن تواكب مسيرة التحديث والتطوير وتتخلى عن سباتها ونومها.
ويشعر الموظف أن الوظيفة هي تكليف مفروض عليه و انه خادم للمصلحة العامة التي تهدف إلى تحقيق مصالح المواطنين كافة،وأن لا يعتبر نفسه أنه يقدم منحة ومنّة للمواطن الذي أصبح يكره أغلب إدارات الدولة.
مفهوم وأشكال التسيب
التسيب لغة هو ترك الشيء يسير على رسله، لكن التسيب في اللغة الدارجة هو الإهمال وإنعدام الضوابط أو ضعف الإلتزام بالأنظمة، والسائب هو المهمل، ويبدو أن التسيب البشري تعاني منه شعوب كل الدول النامية وهو موجود في الأسرة والمدرسة وأماكن العمل والإنتاج المختلفة. لكن هذه الظاهرة قد تفاقمت وتعقدت بشكل واضح لدى العاملين في الأجهزة الحكومية في الدولة في العقد الأخير من القرن العشرين.
وبشكل عام نستطيع أن نقول أن التسيب الإداري للعاملين هو: السلوك المنحرف في أداء الإلتزامات والواجبات تجاه الإدارة والمجتمع مما ينجم عنه عدم قدرة الأجهزة الإدارية على تنفيذ السياسة العامة للدولة والخاصة بتأمين الخدمات الأساسية والتنمية الإقتصادية والإجتماعية.
بعض اشكال التسيّب
عدم التزام الموظّف بتكريس نفسه للعمل الوظيفي وعدم التقيّد بالدوام الرسمي والحضور الشكلي الى مركز العمل دون انجاز المهام واذا راجعه مواطن يطلب منه العودة غداً او بعد اسبوع.
1. عدم التزام الموّظف باحترام الشرعية القانونية والاطاعة التسلسلية والبعض يبدّد الاموال العامة والمشروعات العامة.
2. عدم التزام الموظّف بالنزاهة والتجرّد والامانة والاستقامة حيث لايتمّ معاملة المواطنين بشكلٍ متساوٍ كما ان غالبية الموظفين يجيزون لأنفسهم قبول هدايا صغيرة واكراميات وبخشيش ورشاوى وغير ذلك.
اسباب ظاهرة التسيب
1. اسباب إجتماعية مأساوية وضعف الولاء الوطني والإنتماء والمواطنة .
2. الأسباب الإقتصادية وإتساع الفجوة بين امكانيات العاملين وإحتياجاتهم.
3. الأسباب الإدارية والتنظيمية حيث لا يجد بعض العاملين كرسي للجلوس عليه في مركز العمل فهل يعقل أن يبقى هذا العامل في مركز عمله؟.
4- تداخل الإختصاصات والأعمال بين الوحدات الإدارية والعاملين وتعدد التشريعات والأنظمة والقوانين ونقص الهيئات الإستشارية العليا إلى جانب الإدارة.
5- ضعف الرقابة بجميع صورها وعدم وضوح الأهداف لها وللإدارات العليا .
6- ضعف عملية الإتصال بين الأجهزة المختلفة حيث نحتاج إلى شهر كامل للرد على بريد بين المحافظة والوزارة علما أن الحدود اُختزلت بين جميع دول العالم .
الحلول المقترحة لمعالجة ظاهرة التسيّب
1. اعادة النظر في الهيكل التنظيمي للجهاز الاداري في الدولة على نحو يجعله متّفقاً مع التنظيم الذي يقتضيه التغيير الاقتصادي والاجتماعي في المجتمع
2. ضرورة الاهتمام لطرائق العمل واساليبه لتخفيف الجهد والوقت والكلفة.
3. ضرورة اهتمام القادة الاداريين بالقضايا التخطيطيّة والتوجيهية وترك القضايا التنفيذية والاجرائيّة للمرؤوسين.
4. يجب تطوير انظمة الرقابة على نحو يجعل هدفها الأساسي اجراء تقييم موضوعي لمستويات الأداء.
5. انتقاء عناصر اداريّة على درجة عالية من المهارة والكفاءة والأمانة معدّون أكاديميّاً في " المعهد العالي للادارة- المعهد العالي للعلوم السياسيّة- كليّات الاقتصاد"
بقلم: عبد الرحمن تيشوري 

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *