-->

"محمد السادس تخلى فقط عن اللهجة العدوانية" حوار مع وزير الإعلام والثقافة الجزائري السابق


قال وزير الإعلام والثقافة السابق والدبلوماسي، عبد العزيز رحابي، في مقابلة مع "الخبر"، إن دعوة الملك محمد السادس الجزائر للحوار من أجل إنهاء الخلافات القائمة بين البلدين كلام موجه للاستهلاك الداخلي والخارجي، مشيرا إلى أنها تأتي عشية بدء مفاوضات مباشرة مع البوليساريو بمدينة جنيف السويسرية. وأوضح أن ملك المغرب، بخطابه، يحمّل الجزائر بطريقة غير مباشرة مسؤولية الأزمة في العلاقات وتعثر مسار حل النزاع الصحراوي. 
كيف قرأت خطاب ملك المغرب محمد السادس الأخير؟
وجدت في خطاب الملك محمد السادس تغييرا في اللهجة تجاه الجزائر وفي مستوى العلاقات بين البلدين. الخطاب جاء بمناسبة مرور 49 سنة على اجتياح الجيش المغربي لأراضي الصحراء الغربية، وبالتالي فإن ما جاء فيه ينقص من قيمة الرسالة الموجهة إلى الجزائر. ثانيا، توقيت الخطاب، فقد جاء على مقربة من موعد بدء محادثات أو مفاوضات مباشرة بين المغرب وجبهة البوليساريو في جنيف السويسرية. شخصيا أعتقد أن مناسبة هذا الخطاب وما احتواه من رسائل باتجاه الجزائر لا يرقى إلى المستوى المطلوب، لو جاءت الرسالة بمناسبة عيد العرش لكان الأمر مختلفا.
تقصد أن خطاب محمد السادس مختلف من حيث اللهجة وثابت من حيث المواقف تجاه القضايا العالقة بين البلدين؟
نعم، بعبارة أخرى خطاب عادي متعارف عليه وموجود بين الدول. هذه المرة الأولى، منذ 14 سنة، يلقي الملك المغربي خطابا غير عدواني ضد الجزائر وتجاه الرئيس الجزائري، وما تضمنه هو محاولة لتسويق مبادرة مغربية من أجل رأب الصدع مع الجزائر، تظهر فيها الرباط بثوب الطرف الذي يمد يده للغير بالصلح لطي صفحات الخلافات. 
وما تحفظاتك على ما جاء في الخطاب؟
هو يطلب من الجزائر البدء في حوار مباشر لإذابة الجليد الذي يلف العلاقات الثنائية وحل القضية الصحراوية، وكأن الجزائر هي التي تقف ضد إعادة العلاقات إلى مجراها الطبيعي وهي التي تعيق مسار حل القضية الصحراوية! ثم إن الملك محمد السادس عندما يتحدث عن آلية للتشاور والحوار، فهذه الآلية كانت موجودة تحت مظلة الاتحاد المغاربي وجرى التنصيص عليها بوضوح في معاهدة مراكش المؤسسة للاتحاد. وعندما نرجع إلى روح هذه المعاهدة، سنجد أن القادة المؤسسين اتفقوا على العمل المشترك بعيدا عن قضية الصحراء الغربية وكانوا على قناعة بأن هذا الفضاء المغاربي سيسهم لا محالة في تسريع عملية إيجاد تسوية أو حل للنزاع الصحراوي وفقا لقرارات الأمم المتحدة المرتكزة على مبدأ تقرير المصير. أنا أتساءل لماذا نبحث عن آليات للتشاور إذا كانت موجودة منذ 1989؟ 
هل تتوقع صدور رد فعل من الجزائر على دعوة الملك محمد السادس؟
لا أتوقع ذلك، لأن الخطاب جاء عشية بدء مفاوضات مع البوليساريو برعاية أممية وبحضور الجزائر وموريتانيا بصفة ملاحظ. أعتقد أن هذا الموعد سيكون اختيارا صريحا لحسن نوايا المغرب تجاه القضية الصحراوية واقتناعه بضرورة التسريع بحلها وفقا لمبدأ تقرير المصير. 
هل هناك علاقة لهذا الخطاب مع الوضع الداخلي في الجزائر؟
دوليا، كما قلت، يأتي قبل انطلاق مفاوضات مغربية وصحراوية مطلع شهر ديسمبر القادم بجنيف. أما جزائريا، فبلدنا يعيش أزمة سياسية داخلية لها علاقة بترتيبات مرحلة ما بعد بوتفليقة، ويمكن أن يكون الهدف من رسالته إلى المسؤولين الجزائريين هو زرع الشكوك وتغذية الجدل داخل النظام الجزائري.
هل تتوقع تأثيره على المفاوضات بهذا الخطاب؟
سيظهر ذلك من خلال رصد موقف المغرب خلال المفاوضات من العمل من أجل إنهاء هذه النزاع الذي طال أمده، ولا أتصور أن تتنازل الأمم المتحدة عن مبدأ تقرير المصير الذي يطالب به الشعب الصحراوي عبر ممثله الشرعي جبهة البوليساريو. لكن بالرجوع إلى السنوات الماضية، نجد أن خطاب الملك محمد السادس يصب في مصب الاستهلاك الخارجي، وكأنه يقول لحلفائه اضغطوا على الجزائر التي ترفض الحوار من أجل الخلافات الثنائية، فضلا عن أنه موجه للاستهلاك الداخلي مثلما جرت العادة عليه في كل المناسبات. 
أنت تستبعد تجاوبا جزائريا مع الخطاب المغربي الجديد، وبالتالي لا تتوقع تطبيعا للعلاقات؟
ما دامت الشروط الجزائرية لم تتحقق لا أتوقع حدوث أي تغيير في موقف الجزائر. 
تقصد حل قضية الصحراء الغربية؟
نعم، حل قضية الصحراء الغربية وفقا لمبدأ تقرير المصير، وأيضا وقف الخطاب العدائي والحملات الإعلامية الرسمية ضد الجزائر وإثبات حسن النية في جهود محاربة عصابات وشبكات تهريب المخدرات وتأمين الحدود ضدها. 
يفهم من كلامك أن الخلاف بين البلدين يتغذى من سياسات سلطتي البلدين ولا علاقة للشعوب به؟
هذا واضح للعيان، لسنا في فضاء تحكم فيها الشعوب. ومغرب الشعوب، الذي كلنا نحلم به منذ عقود من الزمن وكان حلم الأجداد، سوف لن يكون حقيقة مشاهدة على الأرض إلا إذا كانت المنطقة المغاربية فضاء للديمقراطية وفيه تكرس مبادئ المواطنة والحريات وليس الأحادية في الرأي والاستبداد. للأسف الشديد، هذا الأمر ينطبق على المنطقة العربية برمتها، فالجامعة العربية لا تمثل تطلعات الشعوب، بل لا ترى نفسها كذلك، والسبب هو الأنظمة الحاكمة في دولهم.
المصدر: صحيفة الخبر الجزائرية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *