-->

صناعة الياس و الاحباط ،لن تحقق الطموحات ولن تجيب عن الانتظارات.


لا يختلف اثنين ان حاضرنا ليس على ما يرام ،وكلنا شركاء فيه ، لكن ماذا بعد وماذا عن المستقبل؟! وهل الحل في السلبية وفي الإحباط، وفي الابتعاد عن العمل الوطني والدفاع عن القضية، والهجرة السلبية ذات البعد الذاتي والانزواء عن الشأن العام الوطني،او السقوط بين احضان الاحتلال وتبرير ذلك ، او الاملاءات عن بعد واغلبها احقاد وعمالة وتصفية حسابات ، مع كامل الاحترام الكامل لبعض الغيورين الشرفاء الذين ظلت القضية الوطنية حاضرة في وجدانهم ومعاناة شعبنا في ضمائرهم ؟!
الحقيقة هي بشكل معاكس، أي أن الابتعاد عن الهم الوطني والاكتفاء بدور المتفرج او النأي بالنفس سيزيد من تفاقم الازمات ولن يحلها، وسيصنع الفراغ حتى الى اولئك الذي ينتقدون وينعتون صباح ومساء و لمتهورين لاهم لهم سوى الضجيج واللغط لاغراض مشبوهة ، وسيترك شعبنا فريسة سهلة للطامعين به، وسيضعه أمام مخاطر الانشقاق والتمزق إذا ما انحصر العمل الوطني على أصحاب المفاهيم والأطر والأساليب الانشقاقية.كذلك، فإن الحل ليس طبعاً في مزيد من التهور، ولا هو في إشعال الغرائز الانقسامية والانسياق لصناع الاحباط والتذمر ضمن استراتيجة متسقة مع مخططات الاحتلال ، ولعل ما جاء في تصريح وزير خارجية الاحتلال بالندوة الصحفية بجنيف بعد اختتام الجولة الثانية من المباحثات حول قضيتنا الوطنية والتي حاول من خلالها بعث رسائل الى الشعب الصحراوي التي تحمل بين ثناياها لغة التعالي المألوفة، ومحاولة اللعب على نفسية الصحراويين بعد قال انه يجب عليهم ان يستيقظو من حلمهم بالاستقلال، وهو تصريح بالقدر الذي يعكس التوجه المناور لدولة الاحتلال، والرهان عما قد تتمخض عنه الحالة السياسية لدى الحليف، فهو يحمل غاية دعائية لحظية وللاسف اصبح العديد من الاقلام والمنابر الصحراوية شركاء في هذه الحرب النفسية الرامية الى اضعاف المعنويات وقتل الروح الوطنية من طرف بعض الاقلام وبعض المحللين المظليين les parachutiste ، ويخدم دعاة الانقسام وشرذمة الصف . الحل أساسه وقف حال الانهيار الحاصل في وحدة الشعب الصحراوي وبناء البدائل الوطنية السليمة. فشعوب كثيرة مرت في ظروف مشابهة لكنها رفضت «الموت بايادي ابنائها » البطيء، فنهضت من جديد وصحّحت أوضاعها وأرست دعائم مستقبل أجيالها.وبمقدور الشعب الصحراوي المكافح أن يحقق خطوات على طريق الأمل بمستقبل أفضل لو وضع باعتباره التمييز بين المطلوب في العمل الوطني ،وبين تغيير ذهنية المناضل الذي لايريد ان ينطلق من نفسه ومحيطه ويعمل على التصحيح الذاتي، و ان يتحرر من العقد ومركبات النقص التي تجعله دائما يبحث عن مساجب وشماعات لنعليق عليها فشله، وبين مخاطر ما يقوم به تجاه وطنه هل انه يساهم في البناء او الهدم كيف لاحد يعيش في العالم المتحضر يستفيد من كل ما جاء به الفكر الغربي من حقوف وعيش رغيد، دون ان يقدم لشعبه سوى الطعنات الغادرة وتجريح الناس ونعتهم والتحريض عليهم غير آبه بانعكاسات ذلك على الانقسام وشرذمة الصف الوطني، وهو الذي لم نسمع عنه ان قام بمبادرة واحدة لخدمة شعبه او المساهمة فيها بالقليل او الكثير ، ويمكن ان نعطي مثالا للايجابية في العمل الذي تقوم به "مجموعة بنات الساقية" اللاتي اخترن المواجهة لفضح الاحتلال بعيدا عن الثرثرة والفكر الضيق ،واثبتن ان الوطن في قلوبهن رغم الاكراهات التي يواجهنها ورغم محاولات الاختراق والتكسير . واصبح الاختيار بين الظواهر الطبيعية إلانسانية ،و الظواهر المرَضية التي تؤدي إلى تفكك الشعب وضعفه وانقسامه.كذلك التمييز مطلوب بين الاعتزاز بالوطنية والمساهمة بالحد الادنى تجاه الوطن ، وبين الانعزالية التي لا تحقق هدفا ولا تصنع وطناً قادراً على العيش في عصر التكالبات الخارجية والمؤامرة الداخلية ، وكما التمييز مطلوب بين الحرص على الولاء للوطن وبين خدمة الاحتلال ، فإن من المهم أيضاً التمييز بين ان تدافع عن وطنك ،وتساهم في التصدي للدسائس التي تحاك ضده ،وبين تقديم خدمات بالمقابل بقصد ، او مجانا دون قصد وتساهم معه في ضرب النسيج الاجتماعي والسياسي .نعم واقعنا يدفع حتماً ببعض الناس لليأس والإحباط والسلبية والابتعاد عن أي عمل وطني ، كما أنه قد يكون مبرراً للبعض الآخر من أجل استخدام العنف اللفظي والتحريض ضد «الآخر» في الوطن الواحد. لكن هل هذا هو ما نأمله لمستقبل أوطاننا وأجيالنا القادمة؟!لقد شهدنا في الفترة الماضية تفسيرات مختلفة للتراجع الحاصل ، وللهواجس التي تشغل الآن بال كل صحراوي ، لكن قلة من هذه التفسيرات تضع الإصبع على الجرح الوطني الأكبر. لكنهم يغيبون أساس مصدر معاناة الشعب الصحراوي، الا هو الاحتلال اضافة الصحراويين انفسهم .فغياب الوعي الجماعي يجعلنا نساهم بكل بساطة في كل ماهو موجه ضدنا من ضربات، اضافة الى انهيار لمنظومة القيم الأخلاقية ،والعلاقة مع الآخر أياً كان، هو المناخ المناسب لأي انقسام، أو مذ يحول ما هو إيجابي قائم على الاختلاف إلى خلاف يناقض جوهر المنطلقات الوطنية التي جمعتنا كصحراويين، والفهم السليم للنقد الذي يتميز عن الانتقاد ، لان هذا الاخير يحقق غايات الطامحين في نسف المكتسبات وعلى راسها الوحدة الوطنية .
فإعفاء البعض انفسهم من المسؤولية الوطنية بشكل تلقائي بحجج واهية، تتمثل في الاختلاف مع القيادة، وفي الوقت نفسه يتحدث عن الانحرافات الموجودة بحيث انه اكبر انحراف ان تجعل من نفسك معول هدم ، وسياط تجلد به شعبك وقضيته العادلة ،وهذا ايضا هو مغالطة كبيرة تساهم في خدمة الطامعين بهذا الشعب العظيم وتسهيل مهمة العاملين على شرذمته، كما أن عدم الاعتراف بالمسؤولية والهروب منها ، فيه تثبيت لعناصر الخلل والضعف وللمفاهيم التي تغذي الانقسام .
صحيح أن لدولة الاحتلال واذنابها من الصحراويين ، أدواراً في تأجيج الانقسام والشرذمة ، لكن ماذا عن مسؤولية الصحراويين الوطنيين عما حدث ويحدث من شرخ داخل الصحراويين ؟ ماذا عن مسؤولية المواطن نفسه في كل نقاط تواجده بالمناطق المحتلة وجنوب المغرب، والجامعات المغربية، و بمخيمات العزة والكرامة بالاراضي المحررة وبالمهجر :
مسؤولية الأب والام، مسؤولية المدرس في المدرسة؟ ؟ مسؤولية المفكريين والكتاب والإعلاميين؟ ومثقفين ؟!
فالمسألة ليست فقط ان تحاول ان تصحح او تقوم من برجك العاجي او تحاول ان تعطي للناس دروسا في الوطنية وفي التسيير والنزاهة لأنها، إذا لم تقترن بقربك من المواطن والوقوف على انشغالاته والسهر على توفير حاجياته ،لانك ستجد نفسك غير قادر على التضحية برفاهيتك وذاتيك .
إن نقد الواقع ورفض سلبياته هو مدخل صحيح لبناء وضع أفضل، لكن حين لا تحضر بمخيلة الناقد البعيد عن الميدان صورة أفضل بديلة للواقع الذي يعيشه شعبه قابلة للتطبيق ، تكون النتيجة الحتمية هي تسليمه بالواقع تحت أعذار اليأس والإحباط وتعذر وجود البديل!. وكذلك المشكلة هي كبرى حينما يكون البديل هو سيئ وهناك عمل، لكنه عشوائي فقط أو في غير الاتجاه الصحيح.
إن للشعب الصحراوي حقوقا على أبنائه في كل مكان ولا تجعلو من ثقافة التبرير تسيطر على منطلقاتكم ، وتغفلوا هذا الحق وتعملو احيانا على استهدافه وتساعدو على تحطيمه فساهمو بالقليل من مجهوداتكم ولو مرة واحدة ضد من يحتل ارضنا، ويستبيح عرضنا، وينتشي بمعاناة شعبنا وبتمزيقه ، ويتلذذ بتعذيب ابنائنا، ويستنزف خيراتنا، ويسحل نسائنا، وينتف لحي شيوخنا ،ويكسر عظام اطفالنا، ويعمق جراحنا .
حمادي محمدلمين الجيد (الناصري )

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *